الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / موقع اتفاق التحكيم بين العقود الأخرى / الكتب / دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي دراسة مقارنة / اتفاق التحكيم وتقسيم العقود

  • الاسم

    المحامي الدكتور/ عامر فتحي البطاينة
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    403

التفاصيل طباعة نسخ

اتفاق التحكيم وتقسيم العقود:

يراعى أن صدور طبعات جديدة لنماذج العقود لا يعني عدم إمكان استخدام النماذج القديمة، إذ يجوز للعاقدين اختيار النموذج الذي يجدونه أقرب إلى الوفاء باحتياجاتهم سواء فيما يتعلق بموضوع النموذج  أو بتاريخ طبعته . بل إن العقود ذاتها تجيز للعاقدين التعديل في شروطه العامة بما يضعونه في الشروط الخاصة. فعلى سبيل المثال يجوز للعاقدين استبقاء دور المهندس بالرغم من أن دوره قد ألغي في الشروط العامة، كم يجوز للعاقدين اختيار نظام آخر للتحكيم يجري تحت لوائه تسوية النزاع بدلاً من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية المنصوص عليه في الشروط العامة.

ومن المفيد أن نشير في هذه المقدمة بإيجاز إلى أهمية متابعة التطور الذي أصاب أسلوب تسوية منازعات نماذج عقد الفيديك استجابة لحاجات الواقع العملي، فقد تطور أسلوب الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين في معالجة خطوات تسوية منازعات نماذج العقود التي وضعها خصيصاً فيما يتعلق بالمراحل السابقة على طرح النزاع على هيئات التحكيم أو المحاكم. فالاتجاه العام لإجراءات التسوية والذي اعتنقته هذه النماذج يقوم على البدء في تسوية الخلافات بخطوتين الأولى يشارك فيها عناصر لها ارتباط بالمشروع والثانية يصار فيها إلى محاولة التوصل إلى تسوية ودية في الخطوة الاولى يصار إلى تسوية داخلية عن طريق عناصر أو أجهزة لها ارتباط عضوي بالأعمال محل العقود وهو ما تمثل في طرح المطالبات أو الخلافات على المهندس الاستشاري للمشروع الذي يختاره في الغالب صاحب العمل أو على مجلس يشارك طرفا العقد الأساسي في اختيار أعضائه وقد كان اختيار طرح الخلاف في المرحلة الأولى فى الفيديك.

لتسوية على المهندس مرجعه إلى أن انخراطه في المشروع منذ بداية أعماله يمكنه من معرفة أسباب الخلاف ومن ثم التعامل معه بأسلوب مهني وتجاري في نفس الوقت.

وهكذا فقد كانت نماذج العقود إلى الطبعة الرابعة الصادرة عام ۱۹۸۷ تستلزم عرض مطالبات طرفي العقد على المهندس ليصدر قراره فيها فإن حصل اعتراض على هذا القرار جرى الانتقال إلى الخطوات التالية، ثم تطور النظام في نماذج العقود مثل عقد أعمال الهندسة المدنية، بحيث أتيح بديل آخر لعرض المطالبة أو النزاع) على المهندس وهو البديل الذي تمثل في مجلس تسوية المنازعات، ليكون لدى طرفي العلاقة محل المطالبة طرحها على المهندس أو المجلس. ثم تطور هذا الوضع في نماذج العقود لعام ۱۹۹۹ ليصبح الإجراء المتاح في الشروط العامة هو طرح المنازعة على مجلس تسوية المنازعات ما لم يتفق في الشروط الخاصة على إستبدال المهندس بالمجلس ليصدر قراره في الموضوع المطروح عليه قبل الولوج في الخطوات التالية لتسوية النزاع.

وقد كان عدم الاقتناع بعدالة القرارات التي يصدرها المهندس في الخلاف بين صاحب العمل والمقاول والشك في التزامه الحياد عند النظر فيه، خصوصاً في الموضوعات التي تتعلق بقرارات أو تعليمات أو تقديرات المهندس نفسه وفيها يصبح خصماً وحكماً في نفس الوقت، من الأسباب التي قادت إلى التفكير فى نظام آخر أكثر حياداً أو قبولاً لدى الطرفين حين يقوما هما باختيار عناصره ، وهو ما تمثل في مجلس تسوية المنازعات. وهذا هو الاتجاه التي اعتنقته بعض نماذج العقود في منتصف التسعينات كنموذج عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح الكتاب البرتقالي - عام ۱۹۹٥) ونموذج عقد أعمال الهندسة المدنية اعتباراً من ١٩٩٦)، ثم جرى تعميم هذا النظام على جميع نماذج عقود الأعمال الضخمة اعتباراً من ۱۹۹۹.

وكما هو واضح فإن التطوير المشار إليه انصب على الدور الذي يمكن أن يقوم به المهندس في تصفية المطالبات أو تسوية المنازعات، فبعد أن كان ينفرد بأداء وظائفه في هذين المجالين اتجهت نماذج العقود في البداية إلى توفير بديل لدور المهندس في تسوية المنازعات يقوم به مجلس تسوية المنازعات ليختار طرفي العقد من بينهما البديل الذي يقع الاتفاق عليه، ثم اتجهت نماذج العقود إلى استبعاد دور المهندس واستبقاء دور النظر في مطالبات المقاول. المجلس في تسوية النزاع، كل هذا مع الاستمرار في تكليف المهندس في يتبين مما تقدم أن اختلاف الأنظمة التي وضعها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين في المرحلة الأولى من مراحل تسوية المنازعات بين طرفي العقد الأساسي (صاحب العمل والمقاول يرجع إلى اختلاف الهدف الأساسي الذي يخدمه كل نظام، فالغرض من النظام الذي يلعب فيه المهندس دوره هو تصفية المطالبات بحيث لا يصار إلى الخطوات التالية للتسوية إلا إذا فشل المهندس في تحقيق الهدف من دوره بعدم قبول أحد الطرفين قرار المهندس الصادر في المطالبة أو إخفاق المهندس في إصدار قرار في الميعاد. أما نظام مجلس تسوية المنازعات فقد كان الغرض الأساسي الذي يخدمه هو توفير بديل أكثر حياداً وبالتالي أكثر قبولاً لطرفي العقد فيما يصدر عنه من قرارات. 

غير أن نظام مجلس تسوية المنازعات نفسه شهد تطوراً فبعد أن اعتبر في مرحلة أولى البديل الوحيد المتاح، وذلك في نموذج عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح (۱۹۹۵)، أضيف في مرحلة ثانية إلى نظام المهندس وذلك في نموذج عقد أعال الهندسة المدنية (١٩٩٦) ، وأخيراً رأى واضعو النماذج الجديدة (۱۹۹۹) العودة إلى اعتبار نظام المجلس البديل الوحيد (في الشروط العامة للعقود) ما لم ير أطرافها الأخذ بنظام المهندس (في الشروط الخاصة) (۹). وكانت الصياغة الأصلية لبنود عقد الفيديك بشأن الأعمال المدنية (عام (۱۹۸۷) توجب محاولة تسوية النزاع تسوية ودية قبل بداية التحكيم (۱۰) ، وإذا كانت هذه البنود بعد تعديلها عام ۱۹۹۲ ، لا تلزم طرفي النزاع باللجوء إلى بدائل محددة لتسويته، مثل الوساطة والتوفيق والمحاكمة المصغرة ومجلس مراجعة المطالبات، إلا أنه لا يوجد ما يمنع من استخدامها بما يوافق خصوصية كل مشروع(۱۱)، هذا ملاحظة أن اللجوء إلى أي من هذه البدائل لا يلغي الدور الذي رسمه العقد للمهندس في تسوية المنازعات وهذا نفس الحكم الذي يسري بالنسبة لدور مجلس تسوية المنازعات في نماذج العقود على تسوية العقود لعام (۱۹۹۹).

 وأخيراً بالنسبة للحلقة الأخيرة في تسوية المنازعات تنص جميع بنود نماذج العقود على تسوية النزاع بطريق التحكيم وفقاً لقواعد التوفيق والتحكيم لدى غرفة التجارة الدولية ما لم يتفق على خلافها، وذلك إذا لم يصبح قرار المهندس أو قرار مجلس تسوية المنازعات بشأن النزاع نهائيا وملزما و لم يتوصل إلى تسويته تسوية ودية. وسوف يتناول هذا البحث تحليلاً لحفلة من إجراءات تسوية المنازعات المتعلقة بدور مجلس تسوية (أرفض المنازعات سواء في النموذج التقليدي لعقد الفيديك بشأن أعمال الهندسة المدنية أو في تخارج عام ١٩٩٩.

ثانيا - مضمون التجديد وأهدافه ونتائجه إزاء الانتقادات المتزايدة لتدخل المهندس في إجراءات تسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية ومسايرة للاتجاه الملحوظ في صناعة  البناء والتشييد إلى استبدال دور المهندس في هذا الشأن، بإجراءات ونظم أخرى تستهدف أولاً منع تفاقم الخلافات بين طرفي عقد الأساس وانقلابها إلى منازعات وثانيا التصدي لتسوية هذه المنازعات في حالة حدوثها بأسلوب التوصيات أو القرارات الملزمة، اتجه الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين إلى تعديل نماذج بعض العقود التي أصدرها على نحو أدخل به جهازاً جديداً، يسمى مجلس تسوية المنازعات، في سلسلة إجراءات تسوية المنازعات اعتبارا من عام ١٩٩٥ في عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح وعام ۱۹۹٦ في عقد أعمال الهندسة المدنية، بحيث يقوم المجلس بالدور المنوط به قبل عرض النزاع على هيئة التحكيم، هذا مع ملاحظة أن التعديل الجديد في العقد الثاني لم يلغ دور المهندس كلياً وإنما أتاح لطرفي العلاقة اختيار نظام مجلس تسوية المنازعات بدلاً منه، فهذا المجلس هو مجرد بديل للمهندس بحيث يجوز للطرفين، في الوقت الذي يبقى فيه دور المهندس منصوص وصاً عليه في الشروط العامة، الأخذ بهذا البديل في الشروط الخاصة للعقد. أما بالنسبة لنموذج عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح ، فقد جعلت طبعته الصادرة عام (۱٩٩٥) الاختصاص بتسوية منازعاته، في مرحلة أولى، منوطاً بمجلس تسوية المنازعات فاستبعد بذلك تدخل المهندس الاستشاري في تسوية المنازعات بعد أن اعتبره النموذج ممثلاً لصاحب العمل ، فيما يصدر عنه من تعليمات وتحديدات وتقديرات وتجديد مدة الأعمال وغيرها من الإجراءات والمواقف.

وعلى نفس النهج الأخير جاءت النماذج الجديدة للعقود لعام ۱۹۹۹ فأناطت في شروطها العامة بمجلس تسوية المنازعات النظر في المنازعات قبل طرحها على أجهزة التحكيم، غير أن دليل إعداد دليل الشروط الخاصة أجاز اختيار الأطراف للمهندس الذي يعينه صاحب العمل للقيام بدور المجلس، ويجب على المهندس في هذه الحالة أن يتصرف بإنصاف وحياد ويتحمل صاحب العمل أجر المهندس. على أن استبعاد تدخل المهندس في تسوية النزاع، طبقاً للشروط العامة، لا يلغي دوره الآخر في فحص مطالبات طرفي العقد الأساسي خصوصاً مطالبات المقاول. فقد خصص البند من نموذج عقد أعمال البناء والهندسة الفقرة الأولى منه لتنظيم كيفية تعامل المهندس مع مطالبات المقاول فحددت مواعيد إخطار المقاول للمهندس بالواقعة أو الوقائع التي يستند إليها في مطالباته وأيضاً مواعيد تقديم تفاصيل هذه المطالبة وحدد البند الأثر المترتب على إخفاق المقاول في الالتزام بهذه المواعيد . وفرض البند على المهندس القيام خلال ٤٢ يوماً من تسلمه المطالبة بتقييمها والرد عليها إما بالموافقة أو عدم الموافقة مع التعليق على قراره. وإذا لم يوافق المقاول على قرار تتبع سلسلة إجراءات تسوية المنازعات المنصوص عليها أولا في البناء المهندس وفشلت المفاوضات فهنا تنقلب المطالبة إلى منازعة ومن ث ٤/٢٠) مجلس تسوية المنازعات وثانياً فى البند ٦/٢٠ (طرح النزاع على التحكيم).

وعلى هذا الأساس فإنه يتعين فى تحديد اختصاص كل من المهندس والمجلس التمييز بين المطالبات والمنازعات بحيث لا ينظر المجلس في المطالبة إلا بعد انقلابها إلى نزاع، ولذلك فإنه إذا أحال أحد أطراف د موضوعاً معيناً إلى المجلس، بناءً على اختصاصه بتسوية منازعات العقد، ودفع الطرف الآخر بأن الموضوع المحال لا يشكل منازعة وجب على المجلس أن يتحقق من وجود منازعة في الموضوع. ويورد دليل عقود الفيديك عدة حالات يتحقق فيها وجود النزاع هي : 

(1) رفض القرار أو التحديد الذي اتخذه المهندس في المطروحة عليها.

(۲) توقف المفاوضات التي يقودها المهندس بين طرفي المطالبة.

 (۳) تراجع أحد الطرفين عن المشاركة في المفاوضات وبالتالي تعذر التوصل إلى اتفاق بينهما. 

(٤) عدم التقدم في المفاوضات بحيث يظهر جلياً تعذر التوصل إلى اتفاق .

وبناء على التعديل والنماذج الجديدة فإن أي نزاع يتعلق بالعقد أو بتنفيذ الأعمال أو بتصرفات المهندس يجب إحالته إلى مجلس تسوية المنازعات، وقد تضمن التعديل الذي أدخل على نموذج عقد أعمال الهندسة المدنية (۱۹۹٦) وأيضاً الإصدارات الجديدة لنماذج العقود (۱۹۹۹) إرشادات لكيفية إعمال هذا التعديل خصوصاً فيما يتعلق بتعيين أعضاء مجلس تسوية المنازعات والقواعد الإجرائية التي تتبع لاستصدار قراراته.

ويبين من صياغة نصوص التعديل ومن إصدارات النماذج الجديدة من شروحها المرافقة أنها قد استهدفت بإدخال مجلس تسوية المنازعات في خطوات تسوية المنازعات التوصل إلى تسوية سريعة واقتصادية بحيث يراعى في القرارات التي يصدرها المجلس استمرار العلاقة على أساس تجاري عادل وهي قرارات يلتزم طرفا العلاقة بتنفيذها إلى حين تسوية النزاع نهائياً من خلال التسوية الودية أو بطريق المحاكم أو التحكيم. وانطلاقاً من الهدف الذي يقوم عليه إنشاء المجلس ويصدر بناء عليه قراراته فإن الإجراءات المتبعة ،أمامه والتي أعطى سلطة تقديرية كبيرة في تحديدها ، لا يلزم أن تكون من نفس طبيعة الإجراءات المتبعة أمام المحاكم أو هيئات التحكيم. وفي المقابل يجب تنفيذ قرار المجلس فور صدوره ويلتزم طرفي النزاع باتباعه إلى وقت تعديله أو إلغائه بإجراء لاحق سواء بتسوية ودية أو تسوية قضائية أو تحكيمية. ولما كان أحد أهداف التعديل الذي أدخل مجلس تسوية المنازعات في إجراءات التسوية هذه المنازعات في اقصر وقت فقد جرى تقصير المدة التي يجوز فيها لطرفي النزاع الاعتراض على قرار المجلس حيث يتعين على المعترض أن يعلن اعتراضه خلال ٢٨ يوماً من تاريخ علمه القرار وإلا أصبح هذا القرار نهائيا وملزما.

ورغم أن التنظيمات المتعاقبة لمجلس تسوية المنازعات في طبعات نماذج العقود لأعوام ۱۹۹۵ ، ۱۹۹۶ ، ۱۹۹۹ تنطلق من أفكار متماثلة، إلا أن ثمة اختلافات فيما بينها تقتضي أن نفرد شرحاً منفصلاً للتنظيم في طبعتي ١٩٩٦، ١٩٩٩.