يذهب جانب من الفقه إلى القول بأن اتفاق التحكيم، وعلى الرغم من ان محله ينصب على تنظيم الإجراءات التي سوف تتبع في التحكيم فإنه يتعين تكييفه على أنه عقد تتولد في ذلك شأن أي عقد آخر، فاتفاق التحكيم عقد يسبق الإجراءات ولا يشكل مرحلة من مراحلها .
وبالتالي فإن القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم يتعين تحديده في ظل مبدأ قانون الإرادة، فالأطراف حرة في اختيار القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم، وعلى المحكم أو القاضي في حالة رقابته على حكم التحكيم إذا ما طعن على هذا الحكم أمامه أو أثناء نظره للاستئناف عن القرار الذي صدر الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، أن يحترم هذا الاختيار..
ويبدو أن الحل المتقدم هو الذي سارت عليه أحكام القضاء الفرنسي التيتبنت منهج تنازع القوانين من أجل تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، وأخضعت هذا الاتفاق، بناءً على التكييف العقدي الذي أعطته له، للقانون الذي يحكم العقد.
الحل المتقدم لا يواجه أدنى صعوبة عند إعماله في حالة قيام الأطراف صراحة باختيار القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة. بينما يصعب إعمال الحل المتقدم في حالة عدم اختيار الأطراف صراحة للقانون الواجب التطبيق على انفاق التحكيم، إذ يتعين على المحكم أو القاضي حسب الأحوال تحديد القانون الواجب التطبيق مستهدياً بالعوامل والقرائن التي بالرجوع إليها يمكن التوصل إلى الإرادة المشتركة للأطراف أو الإرادة الضمنية والتي تفيد في التركيز الموضوعي للعقد في إطار نظام قانوني محدد.
والمشاهد من الأحكام الصادرة أنها قامت بإعمال العديد من القرائن من أجل تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم اختيار الأطراف صراحة لهذا القانون.