يثير اتفاق التحكيم المبرم بشأن منازعات العلاقات الخاصة الدوليةالتساؤل والنقاش حول ماهية القانون واجب التطبيق على هذه المنازعة وأساس ذلك هو تعدد القوانين القابلة للتطبيق عليه. ولا شك أن اختيار هذا القانون أو ذاك يبدو في غاية الأهمية، لا سيما وأن حكم هذه القوانين قد لا يكون متماثلا فقد يكون اتفاق التحكيم موجوداً وصحيحاً وفقا لبعضها، وقد يكون على العكس منعدماً أو باطلا وفقا للبعض الآخر.من ثم فيثور تنازع القوانين بشأن عدم صحة اتفاق التحكيم لوروده مثلا على منازعة لا يجوز تسويتها بطريق التحكيم، أو بشأن عدم وجود اتفاق التحكيم ذاته لانعدام التراضي عليه، أو عدم أهلية أحد الأطراف، أو عدم تحديده للمسألة التي ستعرض على التحكيم.وانقسمت الاتجاهات بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم إلى اتجاهين:الاتجاه الأول تطبيق قانون مقر التحكيم
ويؤكد هذا الاتجاه على أن القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم هو قانون مقر التحكيم، وذلك أخذا بمبدأ خضوع الإجراءات القانون محلالتقاضي.الاتجاه الثاني تطبيق قانون الإرادة
ويرى هذا الاتجاه أنه إذا كان الاتفاق على التحكيم هو محصلة لإرادة أطرافه فيما يتعلق بالمنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ مستقبلا، فإنه والحال كذلك فإن القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم هو قانون الإرادة وذلك فيما يتعلق بالمنازعات ذات الطابع الدولى والتي تحتوى على عنصر اجنبي حيث يثور بشأنها تنازع بين القوانين.
وهذا التنازع يفض بموجب قاعدة التنازع الخاصة بالعقود الدولية والتي تقرر أن الاختصاص التشريعي يكون لقانون الإرادة، أي القانون الذي اتفق عليه واختاره الأطراف بإرادتهم الحرة، وهى القاعدة التي اعترفت بها جميع التشريعات المقارنة.
ويلاحظ أن اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها قد اعتنقت هذا الاتجاه حيث نصت في المادة ١/٥ على أنه يمكن رفض الاعتراف بحكم التحكيم وعدم تنفيذه، إذا أثبت الطرف المحكوم ضده أن اتفاق التحكيم لم يكن صحيحاً طبقا للقانون الذي أخضعه له الأطراف، أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم. كما شايد هذا الاتجاه من جانب الاتفاقية الأوروبية حول التحكيم التجارى المبرمة فى جنيف ١٩٦١ حيث نصت المادة ٢/٦ - أ على أنه "تفصل محاكم الدولة المتعاقدة، في وجود أو صلاحية اتفاق التحكيم طبقا للقانون الذي أخضع له الأطراف اتفاق التحكيم.
وقد سار القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى لعام ١٩٨٥ على نفس نهج اتفاقية نيورك ١٩٥٨ ، جنيف ١٩٦١، من حيث تأكيده على أن القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم هو قانون الإرادة حيث نصت المادة ٢/٣٤ منه على الآتي:
"لا يجوز للمحكمة المسماة، في المادة ٦ أى محكمة أي دولة تتبنى القانون النموذجي وتدمجه في تشريعها الخاص بالتحكيم أن تلغى أى قرار تحكيم إلا إذا قدم الطرف طالب الإلغاء دليلا يثبت أن الاتفاق المذكور - أى اتفاق التحكيم - غير صحيح بموجب القانون الذى أخضع الطرفان الاتفاق له.
وأكدت على ذلك الأمر المادة ١/٣٦ من ذات القانون وذلك بتقريرها بأنه "لا يجوز رفض الاعتراف بأى قرار تحكيم أو رفض تنفيذه، يصرف النظر عن البلد الذي صدر فيه إلا بناء على طلب الطرف المطلوب تنفيذ القرار ضده، وقدم دليلا يثبت أن الاتفاق المذكور - اتفاق التحكيم - غير صحيح بموجب القانون الذى أخضع الطرفان الاتفاق له.
وقد أكدت العديد من التشريعات الوطنية على مبدأ قانون الإرادة فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، فقد نصت المادة الثالثة من قانون التحكيم اليمنى رقم ۲۲ لسنة ۱۹۹۲ على أنه:تمكين المحكم من الفصل فى مسألة اختصاصه بالفصل في النزاع بحيث أنه إذا كان هناك ترابط وتلازم بين العقد الأصلي واتفاق التحكيم، فلا يمكن للمحكم أن يباشر الفصل في الدعوى، وذلك لعدم وجود العقد الأصلي، في حين أنه يترتب على مبدأ الاستقلال ممارسة المحكم لاختصاصه. اتفاق التحكيم الإلكترونىي لاحظ أن جميع القواعد السابقة والخاصة بالتحكيم التقليدي تنطبق على التحكيم الإلكتروني، حيث أن الاتفاق على التحكيم الالكتروني إما أن يكون متعلقا بنزاع ،قائم أو بالاتفاق فى العقد على إحالة أي نزاع مستقبلي للتحكيم. كما أن صورتي التحكيم المتمثلتين فى شرط التحكيم، ومشارطة التحكيم لا تثيران مشكلة في مجال التحكيم الإلكتروني لإمكان إجراءها بين الأطراف الكترونيا بالشكل المتعارف عليه في كثير من دول العالم سواء في شكل شرط بالعقد الذى أثير النزاع بشأنه أو باتفاق لاحق عن طريق شكل عقد، أو من خلال شرط الإحالة إلى وثيقة تتضمن شروط تحكيم. ويكون شكل شرط التحكيم إذا أسند هذا الشرط المركز التحكيم الإلكتروني فض النزاع بشكل صريح، ويتم بصورة عقدية الكترونية عندما يرسل الأطراف إلى مركز التحكيم الإلكتروني رسالة الكترونية باتفاقهما على