الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الطبيعة القانونية للإتفاق التحكيم / الكتب / دور القضاء التحكيم التجاري الدولي في خلق قواعد قانونية للتجارة الدولية / التحكيم التجاري الدولي وقضاء أصيل لمنازعات التجارية الدولية

  • الاسم

    د. محمد أحمد إبراهيم محمود
  • تاريخ النشر

    2013-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    300
  • رقم الصفحة

    61

التفاصيل طباعة نسخ

واذا كان هذا المصدر بطئ التكوين فلا ينشا عادة بفترة وجيزة، حيث يستوجب الاعتياد على اتباع قواعده بصورة منتظمة على سبيل التكرار حتى يتوفر لها طابع الاستقرار في نفوس المتعاملين بلزومها في معاملاتهم، فإن مرجع اهمينها بجال التجارة الدولية لا يرجع فقط لنشاتها کنتاج لما درج عليه العمل الدولي فيابين التجار باوساطهم المهنية، وإنما كذلك لانفصالها عن أي نظام قانونی وطنی محمد وعلم استئثار الدولة بدور المنسق أو الموجه للنشاط التجاري وفق سيلتها الاقتصادية والدولية كشان مصادر أخرى، فضلا عن قدرتها على المرونة والتطور تحت الاحتياج المباشر لها، في مقابل النقص القانوني للعديد من فروع التجارة، إضافة لاتسامها بمضمون عام ومجرد دفع العديد من المؤسسات المهنية بالتصدي لتين العديد منها، كما قامت العديد من الاتفاقيات الدولية ولوائح هيئات التحكيم التجاري التشريعات الوطنية وقرارات التحكيم بالتأكيد على مراعاتها بكافة الأحوال :۔

من ذلك الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي الموقعة بجنين عام ۱۹۹۱ والتي جاء بمادتها السابعة فقرة أولى أنه ' على المحكمين الاعتداد بشروط العقد وعادات التجارة الدولية (1)

ومن لوائح هيئات التحكيم تنص

المادة ۱۳/ه من قواعد التحك الغرفة الدولية على أن يراعي المحكم بكل الأحوال احكام العقد والعادات

ومن التشريعات الوطنية ما جاء بالمادة ۳۹ /۲ من قانون التحك من أنه يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع، شنا محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة •

ورغم شیوع العمل بعادات وأعراف التجارة الدولية والإحالة إليها بحبها واجبة التطبيق في كافة الأحوال فقد راى البعض إنعدام الفائدة القانونية للملك العادن، وهو ما نتناوله فيما يلي على أن تعقبه بتأكيد القيمة القانونية لتلك العادات.

إنعدام القيمة القانونية العادات وأعراف التجارة الدولية

يرى البعض أن وصفا دقيقا لعادات التجارة الدولية بحسبها قواعد قانونية، بد خروجا عن حقيقة نشأتها وتكوينها في مجتمعات التجار، مما يصعب فرض جزاء حال مخالفتها لانعدام السلطة التي تكفل سنها او احترامها، والتي تتمثل في سلطة الدولة كضرورة لصبغ الصفة القانونية لقاعدة ما. أما العادات المدرجة بالعقود النمطية والشروط العامة فلا تخرج عن كونها مجرد اقتراحات يحق للأطراف الأتاق علی خلافها، أما إذا تم اختيارها فإن مصدر لزومها في تلك الحالة يرجع لكونها جزءا من

العقد، كما أن تكرارها لا يضفي عليها فاعلية أو قيمة ذاتيه في مولجهة الغير إذا ممارسة تصرف مغاير، لافتقارها الصفة القانونية لملزمة.

إن تقرير العديد من التشريعات الوضعية للاعراف كمصدر للقانون، قد مكن لهذا المصدر من النشاة في إطار من السلوك العفوي والتلقائي للمجتمع، فأمكن الاستقرار

عليها والحكم بمقتضاها في العديد من النظم القانونية لما تتمتع به من ص فة القانون، الأمر الذي يتفق ومجتمع التجار الدولي، إذ إن أعضاء هذا المجتمع مدعوون بحكم نشأته وعدم انتماءاته الوطنية لإنشاء قواعد سلوكية تتفق ومتطلباته، عن طريق شيوع معرفتها وتواترها بعقودهم، لينشا الشعور بلزومها من تلك اللحظة التي يكتفي المتعاقدون بالإشارة إليها صراحة أو ضمنا، لاقترانها بالصفة القانونية وازدراء مخالفيها وإن لم يوقع عليهم الجزاء بمفهومه التقليدي.|

كذلك فالمفهوم التقليدي للربط بين الدولة والقاعدة القانولية، لا بتلامم روافع التجارة الدولية، إذ يتمثل جوهر القاعدة القانونية في ضرورتها لتنظيم مجتمع ما، دون لزوم الصلة بين القاعدة وفكرة الجزاء المادي أو السلطة التشريعية، حيث يكفي اللاعتراف بالصفة القانونية لقاعدة السلوك الاجتماعي أن يشعر الأفراد بضرورتها التنظيم مجتمعهم، فتحقق مصالحهم الشخصية كما تحقق شخصية هذا المجتمع وقواعده في إطار من التجانس، فالدولة ليست الكيان الاجتماعي الوحيد القادر على تكوين القانون، فقواعد القانون الدولي العام تتمتع أغلب أحكامه بالصفة القانونية الملزمة رغم غياب سلطة عليا لهذا المجتمع وصعوبة افتراض تضامن اعضائه أو وجود سلطة عليا تستطيع توقيع الجزاء.

كذلك فالطبيعة الفنية لأعراف التجارة الدولية وتعددها بالأسواق، لا يحرمها من صفة العمومية، وإلا تجاهلنا ذاك الاختلاف الكمي والنوعي لمعطيات تلك التجارة وحقيقة كونها لا تحكم حالات فردية، فهي قواعد عامة مجردة وإن كانت نوعية تختلف حسب نوع السلعة المتعامل فيها وقواعد هذا التعامل، مما أدى لاستقرار العمل بها وتطبيقها على نحو مضطرد باعتبارها قواعد معيارية من خلق جماعات التجار الدولية، فتحولت من سوابق قضائية لقواعد مجردة، تمنح المحكم سلطة تطبيقها من تلقاء نفسه منی تهیات المسألة محل النزاع لهذا التطبيق، ليغدو قراره وفقا لها طليقا Sons Loi إلا من البنية القانونية لتلك العادات.

- ومع التسليم بالمنطق السابق بوجود قواعد قانونية، تستقل في كيانها ومنابعها عن القوانين الوطنية كعادات واعراف التجار، استقرت بوجدان مجتمعاتهم وممارستها على نحو عام متواتر کنموذج للاتباع، فتضامنت وغيرها من المصادر لتقدم افضل الحلول، إلا أن الصفة الملزمة لتلك العادات تتحدد كذلك في ضوء قدرة الأطراف الاتفاق على ما يخالف السائد منها ومدى قدرة قضاء التحكيم مخالفة هذا الاتفاق وتطبيق الملزم منها.

عادات التجارة التي تصدت العديد من المؤسسات المهابة والتجارية

الخاصة لتقليلها، بالشروط العامة والعقود النموذجية لكل مهلة لو تجارة علی حدا، وتخذ

قواعدها إحدى صورتين:

الأولى وهي القواعد التي أعدها رجال الأعمال والقانون والمصارف بول مختلفة حلول مقترحة للتغلب على العقبات التي تثار بمجال التجارة الدولية فلم يكن لها وجود قبیل اعدادها، وتلك العادات لا يمكن وصفها بالأعراف الملزمة، وتكتسب قيمتها

وصفة لزومها باعتبارها أحد بنود العقد، فلا يطبقها المحكم إلا باتفاق الأطراف عليها صراحة أو ضمنا.

إن تطبيق عادات واعراف التجارة الدولية تبدو أهميته حال انعدام القانون واجب التطبيق والتصدي لقيمة لزومها، أو حال الاتفاق عليها وقدرة المحكم تطبيق غيرها، ومن ثم هناك مرحلتين :الأولى : الصفة القانونية، والتي توافرت لدى العديد من عادات واعران التجارة

الدولية لاستقرارها في التعامل ومعرفتها المسبقة والشعور بلزومها. الثانية : الصفة الملزمة، وتتوقف لحد بعيد على مكانة تلك السيدات بالأوساط

المعنية وحالات استحالة التطبيق للقانون الواجب ، أو باعتبارها منیرا ومكملا لغيرها من القواعد، أو الإحالة اليها من القانون واجب التنطيق، كما تتوقف على رغبة الأطراف في علم تطبيقها بداءة، كالقواعد المكملة وتظهر سلطة المحكم حيالها سلطة جوازية حال سكوت الأطراف عن تطبيقها، تبعا لسلطته التقديرية والاعتبارات الحاكمة.

فلا يخفى أن التطور الذي لحق بعقود التجارة الدولية من تغير في الشكل والمضمون وما تفيض به من إشكاليات متنامية، قد أثر بالفكر القانوني للتحكيم التجاري الدولي إلى تجاوز مجرد التطبيق المادي للقواعد القانونية تجاه ما يعرض عليه من منازعات، وخلق قواعد تعتمد بالدرجة الأولى على ممارسات المتعاملين ولو بغرض تجاوزها بعض القواعد والمبادئ. السائدة في المفاهيم الوطنية، تحقق به منطقية التطبيق واستقرار المفاهيم الجديدة لقواعد التجارة الدولية ويمثل بها غطاء قانونيا يكنى بذاته لحكم تلك الروابط والسير على نهجها، متى كان فيها ما يكفي لحمل ما طبقه من قواعد على القبول.

بيد أن الاقتناع بتلك المعطيات وضرورة هذا الاتجاه واهميته في مجال التجارة الدولية، يتطلب منا من ناحية أولى بيان أزمة المصادر التقليدية في هذا المجال وکذا طبيعة التحكيم التجاري الدولي، ومن ناحية ثانية البحث عن الأسباب التي تبرر الاستجابة لهذا الفكر القانوني وقبوله. -

ومن ناحية أولى فطبيعة التحكيم التجاري الدولي بعيدة عن محاولة صبغها بطبيعة تعاقدية أو قضائية أو مزيج منهما، إذ هو جهة أصيلة للفصل في منازعات التجارة الدولية، الأمر الذي يرجع لاتفاق عدالة الفصل التي يهدف إليها وغاية التحكيم،

احتلال إرادة الأطراف مكانتها المطلقة بمجال الفصل بتلك المنازعات، او لما تتمتع به قراراته من سلطة الحسم والحجية التي تمنع من إعادة طرح النزاع مجددا، فضلا عن دورها في بلورة العديد من المفاهيم الوطنية كي تتسق واوضاع التجارة الدولية، أو تفسير وتقرير العديد من عادات واعران التجارة الدولية أمام غياب سلطة عليا تفرض نظام قانونی بعينه، وهو ما قامت على إثره العديد من اشخاص القانون الدولي - بصورة منفردة عن طريق التشريعات الوطنية أو بصورة جماعية عن طريق الاتفاقيات الدولية - بالاعتراف بجدوى هذا النظام المنازعات التجارة الدولية وتحقيق فاعليته باحترام قراراته، مما أكسبه قيمة ورقابة ذاتية يقرر بموجبها اختصاصه بنفسه او مراعاته للمبادئ الأصولية للتقاضي بصفة عامة، بحسب تلك المبادئ تمتد لأي نظام قضائي للفصل في منازعات الأفراد.

وتهيئة المناخ لظهور دور التحكيم التجاري الدولي كمصدر للقاعدة القانونية يتطلب النظر لأداء القضاء الوطني كمصدر واقعى للقاعدة القانونية، تلك النظرة التي ساهمت في تقريرها العديد من النظم القانونية، إضافة لحقيقة النقص التشريعي او الطبيعة مهمته وكونه الأقرب لخلق القاعدة القانونية أو تطبيقها بما تقترضه أصول المواسمة. / ومن ثم كان امتداد تلك السلطة للتحكيم التجاري الدولي أمرا يفترضه النقص القانوني لمعاملات التجارة الدولية والتطابق المهلي لعمل كل من القاضي الوطني والمحكم الدولي وكذلك اعتبارات التجارة الدولية.

ولا يخفي من ناحية ثانية إنه للتعرف على الأسباب التي تبرر الاستجابة للدور محل البحث، أن من الفقه من رای عدم جدوى نظام التحكيم التجاري الدولي كمصدر للقاعدة القانونية بمجالات التجارة الدولية تحت اعتبارات أن قواعده لاتصدر ع ن سلطة عليا فلا تكفل استقرار المعاملات، أو لافتقار قراراته للتسبيب القانوني، أو لكن التحكيم التجارى الدولى احد وسائل الإفلات من اختصاص فضاء الدولة م ا ملطة مطلقة تجعله أقرب لإهدار العدالة لانعدام الرقابة عليه. واخيرا ما يشها إصدار قراراته ذاتها فيجعلها أقرب لسمة القرار التوفيقي لهيئة التحكيو.

الأمر الذي يتطلب تقيم هذا الاتجاه في ضوء مكانة التحكيم بمجالات التجارة الدولية، وما يلزمه بشأن عدم معاملة قرارات التحكيم بالنسبة للتسبيب بنفس المعايير التي يتم بها التعامل مع أحكام القضاء الوطني، وعدم احتكار الأخير لإقامة العدالة بين الأفراد، وعدم سيادة القانون الوطني بمجالات التجارة الدولية، . وأخيرا إن اختلاف آراء المحكمين لا يتعلق دوما بشان خلق قاعدة ما، والتي عادة ما لا يكتفي بشانها بحكم واحد.

وإضافة لذلك فالأسباب التي نراها محاولة من الفكر التحكيمي للارتكان إليها بدوره محل البحث، تنبع من غياب قانون القاضي بالنسبة لمحكمي التجارة الدولية وأثره تجاه تفعيل قراراتهم تجاه النظم الوطنية محل التنفيذ، كذلك من مجرد ئولفر شرط التحكيم التجاري الدولي لتقديم الحلول الملائمة لطبيعة تلك المعاملات، إضافة لما تحتله قرارات التحكيم التجارى الدولى من سلطة كمصدر للسوابق التحكيمية، أو لكونها الأكثر ملاعمة لمعاملات التجارة الدولية وظروف الدعوى.