إن الاتفاق على التحكيم عقد رضائي يتفق فيه المتعاقدان على عرض ما ينشأ بينهما من نزاع على محكمين يحلانهم بإرادتهما محل جهة القضاء العادية، واختصاص جهة التحكيم وإن كان يركن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهة القضاء بنظر النزاع إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة - على اتفاق الطرفين. وهذه الطبيعة الاتفاقية التي يتسم بها شرط التحكيم وتتخذ قواماً لوجوده تجعله غير متعلق بالنظام العام. والأصل فيه ـ شأن سائر العقود الرضائية - أن يترك المتعاقدان أحراراً في تنظيم علاقاتهم التعاقدية كما يشاء ان والأخذ بالقانون الذي يختارانه لتنظيم عقودها . فإذا اختارا قانوناً أجنبياً ليحكم علاقاتهما في مشارطة التحكيم أو شرطه وكان هذا القانون يجيز الاتفاق على التحكيم وجب احترام إرادتهما وإعمال أحكامه .
وعلى ذلك فالاتفاق على التحكيم عقد ككل العقود يتم بالإيجاب والقبول ويلزم لتمامه أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب في كل المسائل التي اتجهت إرادة الطرفين إلى الاتفاق عليها أما إذا اختلف القبول عن الإيجاب في أي مسألة منها بأن زاد عليه أو نقص منه أو عدله فإن العقد لا ينعقد .
ومن ثم فإذا كان شرط التحكيم يعطي حق اللجوء إلى التحكيم إلى طرف دون آخر فإن ذلك لا يعتبر اتفاق تحكيم ذلك أن من الضروري أن يتضمن شرط التحكيم حق كل طرف في اللجوء إلى التحكيم، فالشرط يجب أن يمنح الطرفين حق الإحالة إلى التحكيم أي أنه يجب أن يكون متبادلاً Mutual فأما شرط التحكيم المنفرد Unilateral Arbitration Clause لا يشكل اتفاق تحكيم وإنما يفتح المجال للاختيار فإذا تمت ممارسة حق الاختيار نشأت اتفاقية تحكيم ابتداء ولاعتماد الطرفين على هذا الاتفاق فإنه يصبح متبادلاً بمعنى أن كلا منهما يلتزم في مواجهة الآخر بالتزامات ناشئة عن الاتفاق العقدي بينهما.
وقد عبر مجلس اللوردات House of Lords عن هذا المعنى في أكثر من مناسبة .
نطاق اتفاق التحكيم : تنص م۱۷۳ مرافعات مدنية وتجارية كويتي على أنه يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين ولا يثبت التحكيم إلا بالكتابة ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا يصح التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع - ويجب أن يحدد موضوع النزاع في الاتفاق على التحكيم أو أثناء المرافعة ولو كان المحكم مفوضاً بالصلح وإلا كان التحكيم باطلاً، كما تنص المادة نفسها على أن التحكيم لا يشمل المسائل المستعجلة ما لم يتفق صراحة على خلاف ذلك.
وللقضاء الكويتي رأي في هذا الشأن" حيث يرى أن القانون لا يتطلب سواء في مشارطة التحكيم أو في شرط التحكيم المدرج بالعقد الأصلي - أن يبين الموضوع المراد التحكيم فيه بشكل خاص أو بتحديد معين، وعلى ذلك فإنه يكفي بياناً لذلك الموضوع إثبات المحل الذي يدور في نطاقه النزاع بغير حاجة إلى إيراد ذات أوجه النزاع التي أبرمت المشارطة للتحكيم فيها أو ذات أوجه النزاع التي يتناولها شرط التحكيم ما دام أن الطرفين قد حددا فيها بعد أمام هيئة التحكيم، ولدى بدء الإجراءات جوانب المنازعات التي يطلبان من المحكمين بحثها وإصدار حكمهم فيها .
يضاف إلى كل ذلك أن المشرع الكويتي قد أوجب توافر الأهلية اللازمة للتصرف في أطراف التحكيم، لأن الاتفاق على التحكيم يعني التنازل عن رفع النزاع إلى القضاء واختيار طريق استثنائي للتقاضي وهو ما يعرض الحق المتنازع عليه للخطر، وتطبيقاً لذلك فلا يجوز للمحجوز عليه أن يبرم عقد تحكيم كما لا يجوز للوكيل ذلك بغير إذن خاص من الموكل " .
وأخيراً فإن التحكيم لا يشمل المسائل المستعجلة ما لم يتفق على ذلك صراحة بين أطراف التحكيم.
انظر حكم محكمة الاستئناف العليا - دائرة التمييز - جلسة ۱۹۸۱/۱۱/۲۳ طعن بالتمييز رقم ١٩٨١/٦٦ تجاري مجلة القضاء والقانون من ١٠ عدد ٣ يونيو ١٩٨٤ ص ٦٧ حيث تقول الأهلية اللازمة للاتفاق على التحكيم هي أهلية التصرف والشرط المذكور يلزم توافره في الأصل وجواز إبرام النائب عن الأصيل عند التحكيم بإذن خاص منه .