اتفاق التحكيم / الاتفاقيات الدولية لا تكفي وحدها لإلزام الاطراف للإلتجاء إلى التحكيم / الكتب / اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية / التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة كطريق اختیاری
التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة كطريق اختیاری اوردته منكرة الاتفاق ضمن وسائل تسوية المنازعات الأخرى. ورغم أن التحكيم مقصور على الدول الأعضاء بالمنظمة والتي ارتضت سلفا الأخذ بأحكام مذكرة الاتفاق (الملحق الثاني) الوارد بها نظام التحكيم، إلا أنه يشترط أن يكون هناك اتفاق صريح بين الأطراف المتنازعة، فلا يجوز أن تقدم الدولة المدعية بطلب التحكيم رغما عن إرادة الطرف الآخر، أو دون الحصول على موافقته.
والغالب أن يتمثل اتفاق التحكيم في صورة مشارطة يحدد بها الأطراف المسائل المتنازع عليها، والإجراءات الواجب اتباعها، وفي هذا تنص المادة من مذكرة الاتفاق على مايلي: « يخضع اللجوء إلى التحكيم لاتفاق متبادل من الأطراف، يحددون فيه الإجراءات التي تتبع ويمكن القول أن هناك ثلاثة شروط أساسية يلزم توافرها لصحة اتفاق التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة وهي: الشرط الأول: أن يكون اتفاق التحكيم بين دولتين تنتميان إلى عضوية المنظمة العالمية للتجارة: بشرط أولا لصحة اتفاق التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة أن يكون الاتفاق بين دولتين، فلا يجوز اتفاق التحكيم إذا كان بين دولة وشخص معنوی خاص أو عام، فهذا الاتفاق يحسم خارج إطار المنظمة. ويجب أن تكون كلتا الدولتين من أعضاء المنظمة العالمية للتجارة، فإذا كانت إحداهما عضوا دون الأخرى، فلا يجوز الاتفاق على تسوية النزاع في إطار المنظمة العالمية للتجارة وإنما يخضع لنظام التحكيم التقليدي الذي يتم بين الدول)، أو عن طريق التحكيم المنظم بموجب اتفاقية ترتبط بها الدولتان المتنازعتان كما هو الحال بالنسبة لتسوية المنازعات التجارية من التبادل الحر بين دول شمال أمريكا (NAFTA ويذكر أن المنظمة قد سجلت انضمام أكثر من مائة دولة إلى عضويتها منذ أن دخلت دور النفاذ، من بينها مصر) ويتزايد هذا العدد بصفة مستمرة عاما بعد آخرالشرط الثاني: أن يكون اتفاق التحكيم متعلقا بنزاع ناشرے عن أحد الأنفاقات التجارية للمنظمة. يشترط ثانيا لصحة اتفاق التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة أن يكون واردا بشأن تسوية نزاع ناشئ عن أحد الاتفاقات التجارية الملحقة بميثاق المنظمة . فإذا كان النزاع ناشئا عن تجارة خارج هذه الاتفاقات، فإن الكعكيم لايجد مجالا له في إطار المنظمة، أي وفقا القواعذها وأحكامها، وإنما يجد مجاله وفقا لقواعد التحكيم العادي. وتجب التفرقة في خصوص الاتفاقات التي أوردتها المنظمة بين الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف والاتفاقات التجارية الجماعية. فالاتفاقات الأولى كما سبق القول می اتفاقات ملزمة لجميع الدول الأعضاء)، وبالتالي فإن اتفاق التحكيم الوارد بشأن أي نزاع ناشئ عنها هو اتفاق تحكيم صحيح وفعال، أما الاتفاقات التجارية الجماعية فهي لاتلزم
سوى الدول التي انضمت إليها، ومن ثم يكون اتفاق التحكيم الوارد بشأن .. المنازعات الناشئة عنها مقصور على هذه الدول دون غيرها الشرط الثالث: إعلان انفاق التحكيم إلى الدول الأعضاء بالمنظمة العالمية للتجارة:
يشترط ثالثا وأخيرا، أن يعلن اتفاق التحكيم إلى جميع الدول الأعضاء بالمنظمة العالمية للتجارة، ويجب أن يتم هذا الإعلان قبل افتتاح إجراءات التحكيم بوقت معقول. ويعد ذلك من الشروط الشكلية الهامة التي يجب مراعاتها وفقا لما نصت عليه مذكرة الاتفاق. والعلة من هذا الشرط هي: أن تكون بقية الدول الأعضاء على علم بموضوع النزاع لإعطاء الفرصة لأية منها أن تطلب الانضمام إلى إجراءات التحكيم إذا كانت لها مصلحة تجارية جوهرية، وهي القاعدة التي تسير عليها
لمنظمة في كافة وسائل تسوية المنازعات. غير أنه يلزم لانضمام الدول الأخرى كأطراف في التحكيم أن توافق كل من الدولتين المتنازعتين (الطرفان الأصليان)، فإذا لم يحدث ذلك التصر التحكيم عليها من مشاركة أية دولة أخرى في إجرامات التحكيم. هذا ولا يشترط أن يجري التحكيم في مقر المنظمة العالمية للتجارة بسويسرا، إذ يمكن أن يتم في أي مكان بالعالم، مادام تحت إشراف ووفقا لقواعد وأحكام المنظمة العالمية للتجارة القواعد القانونية التي برتبها اتفاق التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة:
- إذا توافرت الشروط الثلاثة السابقة كان اتفاق التحكيم تابلا التسوية النزاع في إطار المنظمة العالمية للتجارة، وفي هذه الحالة
يرتب اتفاق التحكيم التزاما على جانب المحكم بتطبيق أحكام الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف، أو الاتفاقات التجارية الجماعية بحسب الأحوال. كما يلتزم المحكم عند تفسيره لهذه الاتفاقات أو أي نص من نصوص الاتفاق المنشئ للمنظمة أن يستند إلى القواعد العرفية في التفسير وفقا للقانون الدولي العام، وعليه أيضا مراعاة القاعدة العامة التي يسير عليها جهاز تسوية المنازعات وهي: تحقيق العدالة بين الدول الأعضاء في تنفيذ الاتفاقات التجارية، فلا يؤدي القرار الصادر عنه إلى زيادة أو نقصان في حقوق والتزامات الدول الأعضاء بالمنظمة.
هذا وستبعد أحكام القوانين الوطنية كلية من حكم موضوء النزاع، فلا يجوز الاستناد إليها سواء لتبرير انتهاك الدولة لالتزاماتيا السد أي فراغ قانونی محتمل في الاتفاقات التجارية المذكورة، وفي الحالة الأخيرة يستطيع المحكم أن يستند إلى تطبيق أحكام قانون التجار (Lex Mercatoria) باعتباره يلعب دورا كبيرا في هذا المجال. عدم جواز الطعن في حكم التحكيم الصادر في إطار المنظمة العالمية للتجارة
ويتميز حكم التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة بأنه حكم نهائي يتعين تنفيذه بمجرد صدوره، فلا يجوز الطعن فيه أمام جهاز الاستئناف الدائم على غرار القرارات الصادرة من المجموعات الخاصة، كما يتميز بأنه يحوز حجية الأمر المقضي به، وبالتالي فهو يأتي في مرتبة أعلى من قرارات المجموعة الخاصة، بل ومن قرارات الاستئناف ذاتها، وهو الأمر الذي يفسر تنفيذه دون حاجة
من مذكرة الاتفاق على: «أن قرارات التحكيم لاتحتاج لأي تصديق عليها من قبل جهاز تسوية المنازعات».
- والجدير بالإشارة أن كل اتفاق تحكيم يأتي في إطار المنظمة العالمية للتجارة سوف يكون قابلا لتسوية النزاع خلال فترة وجيزة، وهو ما أطلقت عليه مذكرة الاتفاق اصطلاحا: «التحكيم السريع» (Arbitrage Rapide) حيث جاء نصها على النحو التالي: «لأطراف النزاع الحق في اللجوء إلى تحكيم سريع في إطار المنظمة العالمية للتجارة كوسيلة بديلة من وسائل تسوية المنازعات، وذلك من أجل التوصل الحل الخلافات التي تنشأ بينهم والمحددة بمعرفتهم بطريقة كافية». ضمانات تنفيذ حكم التحكيم في إطار المنظمة العالمية للتجارة:
- وإذا كان جهاز تسوية المنازعات لايقوم بالتصديق على حكم التحكيم الصادر في إطار المنظمة العالمية للتجارة، إلا أنه يعمل على ضمان تنفيذ هذا الحكم، وبالتالي إذا لم تقم الدولة الصادر ضدها حكم التحكيم بتنفيذه خلال مدة معقولة، فإن الجهاز المذكور يضع بصفة دائمة في جدول أعمال اجتماعاته الدورية بحث تنفيذ حكم التحكيم حتى يتم تنفيذه فعلا.
ويسير الجهاز على نفس القاعدة التي يضمن بها تنفيذ القرارات الصادرة من المجموعات الخاصة، أو من جهاز الاستئناف الدائم، إذ يعطى الدولة المحكوم لها الحق في طلب التعويض (Compensation) إذا لم يتم التنفيذ خلال مدة معقولة، كما يرخص لها بتعليق تنازلاتها، أو أية التزامات أخرى بادئا بالقطاع الذي حدثت فيه المخالفة، فإذا كان هذا القطاع غير ممكن، أو غير مؤثر رخص لها في الانتقال لقطاع آخر يشمله نفس الاتفاق، فإذا كان الأخير بدوره غير كاف رخص لها بالانتقال إلى قطاع آخر وهكذا . ولاتعتبر هذه الإجراءات بديلا عن تنفيذ حكم التحكيم، وإنما تعتبر إجراءات وقتية إلى أن تقوم الدولة بتنفيذ حكم التحكيم أو يتم التوصل إلى حل ودي للنزاع
المختلفة. فالتحكيم في كلتيهما لايخضع لسلطة الدولة، ويرتبط ارتا وثيقا بالتجارة، فهو والتجارة الدولية أو العالمية أشبه بوجهين لعملة واحدة. فالعلاقات التجارية الدولية سواء اتخذت شكل عقود بيع أو مشروعات استثمارية أو اتفاقات تجارية متعددة الأطراف يتداخل فيها التحكيم بشكل قوي من أجل تسوية المنازعات الناشئة عنها.
- وهكذا فالروابط وثيقة بين النظام الاقتصادي العالمی (
L'ordre economique mondial) والنظام القانوني الدولي، فالأخير ماهو إلا انعكاس للأول، فتدويل الانتاج Linternationalisation de) (la production، أو تحرير التجارة الخارجية أو إزالة القيود على الاستثمارات أو إنشاء مناطق إقليمية للتبادل الحر، فإن ذلك كله من شأنه أن يؤدي إلى خلق أنماط موحدة من العقود خاصة في شروطها التعاقدية والتي يأتي من بينها شرط التحكيم. فالنظام القانوني الدولي يجعل إذن من اتفاق التحكيم الأساس الذي وفقا له تتم تسوية المنازعات الناشئة عن التعامل في الأسواق الدولية أو العالمية، ولاشك أن نجاح اتفاق التحكيم في تحقيق الغاية المنشودة منه هو أكبر ضمان لنمو وازدهار التجارة الدولية