يلزم أن يكون سبب الاتفاق على التحكيم مشروعاً، واتفاق التحكيم يجد سببه في إرادة الأطراف باستبعاد طرح النزاع على قضاء الدولة، وتفويض الأمر للمحكمين، وهذا سبب مشروعاً دائماً، كون القانون قد سمح بذلك، ولا يتصور عدم مشروعيته، إلا إذا ثبت أن قصد الأطراف بلجوئهم إلى التحكيم، هو التهرب من تطبيق أحكام القانون، الذي كان سيتعين تطبيقه، لو طرح النزاع على القضاء، نظرًا لما يتضمنه هذا القانون من التزامات وقيود يراد التحلل منها، وهو ما يمثل حالة من حالات الغش نحو القانون، أو التحايل عليه،
فيكون التحكيم وسيلة غير مشروعه، يراد بها الاستفادة من حرية الأطراف أو حرية المحكم في تحديد القانون
الواجب التطبيق.
وتطبيقًا لذلك؛ قضت محكمة استئناف القاهرة الدائرة (91) تجاري، في أحد ًأحكامها بأن: (الاتفاق على التحكيم
بشأن صحة ونفاذ عقد العقار يكون باطلًا لعدم مشروعية سببه، إذ ينطوي على إحدى حالات الغش نحو القانون،
والتحايل على أحكامه، عن طريق الاتفاق على استبعاد الدعوى المذكورة من اختصاص المحاكم وعرضها على
محكم مختار من قبل أصحاب الشأن يقضى لهم بصحة العقد ونفاذه،
دون الالتزام بما أوجبه المشرع بنصوص آمرة، سواء فيما يتعلق بوجوب شهر التصرفات العقارية وتسجيلها من
ناحية، والالتزام بشهر صحف الدعاوى الخاصة بهذه التصرفات وأداء % 25 من قيمة الرسم النسبي الذي يستحق
على شهر الحكم بصحة ونفاذ التصرفات المذكورة من الناحية الأخرى.