التصرف القانوني هو عبارة عن إتجاه الإرادة إلى إحداث أثــر 7 قانونى معين سواء كان هذا الأثرهو إنشاء حق (كالهبة ) ، أو نقله أو تعديله (كالتجديد ) ، أو إنهائه (كالإبراء).
وذهب جانب آخر من الفقه إلى أن التصرف القانوني هـو عمــل إنساني تتجه فيه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني معين ، بحيث يترتب الأثر القانونى على مجرد اتجاه الإرادة إلى إحداثه .
وهناك إتجاه آخر يُعرف التصرف القانونى بأنه عبارة عن إتجاه الإرادة إلى إحداث آثار قانونية ، وهذا التصرف هو الذي يُرتب عليه القانون تلك الآثار ، وإذا تم التعبير عنه فالقانون يجعل اتجاه الإرادة إلى إنشاء التزام مثلا ، أساس نشوء الإلتزام وذلك إذا استوفت هذه الإرادة الشروط التي يستلزمها القانون فيها ليكون تصرفا قانونيا .
والواقع أن اتجاه الإرادة إلى إحداث الأثر القانوني ، هو العامل الأساسي في نشوء هذا الأثر ولو كان التعامل يتم عن طريق العقد ، أي بارتباط بين إرادتين أو أكثر، ولذا يمكن القول بأن الالتزام الإرادي سواء تم إنشاؤه بالعقد أو بالإرادة المنفردة ، هو التزام مصدره التصرف القانوني بالمعنى السابق .
مما سبق يتضح لنا أن العقد ما هو إلا تصرف قانوني يقوم علــــى توافق إرادة المتعاقدين وهذا هو المفهوم الذى أخذت به النظرية التقليدية ، والتي اعتمدت على أن العقد هو عبارة عن توافق إرادتين على إحداث أثر قانونی معين . وأن العقد لايؤثر إلا فى عاقديه ولايؤثر على الغير ، وهذا هو ما يطلق عليه مبدأ نسبية العقد ، إلا أن هذا المفهوم تغير وطرأت عليه مجموعة من الإستثناءات ) .
وبناء عليه ووفقا لهذه التعريفات فإننا إذا نظرنا إلى اتفاق التحكيم على أنه تصرف قانوني يقوم على إرادة الأطراف فإنه لا يؤثر إلا على أطرافه دون الغير وهذا من وجهة النظر التقليدية التي تعتمد على مبدأ نسبية العقد ، وأن العقد لا يخص سوى أطرافه والموقعين عليه ، إلا أن هذه النظرة تغيرت بسبب تغير الظروف ، وهذا أدى إلى التوسع في امتداد آثار العقد إلى الغير وبالتالى امتداد آثار اتفاق التحكيم باعتباره عقد إلى الغير ( وهذا ما سوف نتعرض له بالتفصيل لاحقا ) .
يقصد بمصطلح المصدر هو المنبع الذي تنبع منه الحقـوق والإلتزامات سواء كانت هذه الحقوق عامة أو خاصة ، وسواء كانت عينية أو شخصية أو معنوية وما يترتب عليها من التزامات واتفاق التحكيم هو الأساس الذي تقوم عليه العملية التحكيمية وهو عبارة عن اتفاق أو عقد بين الخصوم يترتب عيله حقوق وإلتزامات ، تتمثل في حق الأطراف في فض المنازعات التي تنشأ بينهم عن طريق االتحكيم ، وبالنسبة للإلتزامات التي تقع على عاتق الأطراف من وجود اتفاق التحكيم هو عـــدم اللجوء إلى القضاء - الذي يعتبر الحق الطبيعي لهم - وذلك لوجود اتفاق التحكيم .
وبناء عليه فإن اتفاق التحكيم هو المنبع الأساسي والمصدر لتلك الحقوق والالتزامات التي يجب على الأطراف القيام بها .
وقانون التحكيم هو بمثابة الشريعة التي تحكم العملية التحكيمية ككل وهو الذي ينظم إجراءات التحكيم والخطوات التي تتبع حتى يتم إصدار حكم التحكيم سليم ، ولا ينصرف للطعن عليه بالبطلان ، وأيضا يحدد قانون التحكيم الحالات التي يتم فيها الطعن بالبطلان على حكم التحكيم .
وإذا كانت نصوص القانون تتناول إنشاء الإلتزامات في بعض الأحوال فإن ذلك لا يمنع من أن القانون يُنشئ هذه الإلتزامات استنادا إلى وقائع أو تصرفات معينة ، بحيث تكون هذه الوقائع أو التصرفات دائما وأبــدا هـــي المصادر المسببة أو المباشرة للالتزامات ويكون القانون مصدرا مرتبا أو غير مباشر لها .
أما التصرفات القانونية أو الأعمال القانونية فهي أحداث معنوية تتمثل في مجرد إرادة أو أكثر تتجه إلى إنشاء الإلتزام أو نقله أو تغيره أو زواله فيرتب القانون عليها هذا الأثر.
مما سبق يتضح لنا أن اتفاق التحكيم كتصرف قانوني فهو يعتمــد على قانون التحكيم الذي يمثل الاساس الذي يعتمد عليه التحكيم في تحديد الحقوق والاتزامات التي تقع على عاتق الأطراف من خلال تلك النصوص وأن التصرفات والأعمال القانونية هي عبارة عن الإرادة التي تتجه إلى إنشاء الإلتزام لاتفاق التحكيم وهو عدم اللجوء إلى القضاء لوجود هذا الإتفاق بالإضافة إلى ذلك فإن الإطراف لا يستطعون عمل أي تعديل أو بتر أو زوال إلا بإرادتهم المشتركه لأن اتفاق التحكيم بإعتباره عقد فهو شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله أو زواله إلا بناء على إرادتهم .
واتفاق التحكيم باعتباره تصرفا قانونيًا هو عمل الإرادة حين تتجه إلى إحداث أثر قانوني معين لا يُحرمه عليها القانون ، وهو يقوم على اتفاق إرادتين فيكون عقدا ، مثال ذلك اتفاق التحكيم المنصوص عليه في عقد البيع أو عقد الإيجار أو الوكالة أو الوفاء . وليست هناك عناصر مشتركة بين الوقائع القانونية المختلفة تسمح بقيام نظرية عامة لتنظيم هذه الوقائع جميعا .
أما التصرفات القانونية فهى تقوم جميعها على اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني معين وأن هذا الأثر لا ينصرف إلا إلى أشخاص معينين وبذلك أصبح من الممكن أن تكون هناك نظرية لاتفاق التحكيم كتصرف قانوني .
وتقوم نظرية التصرف القانونى على مبدأين أساسين هما : المبدأ الأول : هو مبدأ سلطان الإرادة ودوره في اتفاق التحكيم .
والمبدأ الثاني : هو مبدأ نسبية الأثر الملزم للعقد ( اتفاق التحكيم ) .