اتفاق التحكيم / تعريف اتفاق التحكيم في الإصطلاح القانوني / الكتب / دور القضاء التحكيم التجاري الدولي في خلق قواعد قانونية للتجارة الدولية / مفهوم القضاء كمصدر واقعي للقاعدة القانونية للتحكيم التجارى الدولى
انتهينا إلى ممارسة القضاء لسلطة خلق القاعدة القانونية دون أن يتوقف هذا العمل على اكتمال نظامه القانوني من عدمه، وأن مرد ذلك اختصاصه الأصيل بالفصل فيما يعرض عليه من منازعات أفراد المجتمع الذي ينتمي إليه، وكونه الأجدر عملا للوقوف على طبيعة هذا المجتمع ومستجداته ومتطلبات أفراده وإقامته للعدالة
تلك المبادئ يقابلها عمل مماثل للتحكيم التجاري الدولي لا يقل عنها فاعلية، ينب من أصالة دوره كجهة أصيلة لفض منازعات مجتمع التجار الدولي، وتطابقا في اساس مشروعية دور كل منهما لخلق القاعدة القانونية بمجتمعه، وذلك على النحو التالي :۔ أولا: مواجهة النقص القانوني لمعاملات التجارة الدولية
فالتحكيم التجاري الدولي وإن تحمل مهمة الفصل بين أفراد مجتمع التجار الدولي / والارتكان لأقرب القواعد ملاعمة، إلا أنه مطالب في بعض الأحوال بالبحث عن تلك القواعد داخل نظامه القانوني والكشف عنها لخلق حل عادل کشان القضاء بالمعاملات الوطنية.
وبالنظر لاتساع مفهوم المبادئ العامة للقانون وقبولها التطبيق على العديد من الوقائع، وتزايد اعتماد أطراف التجارة الدولية على عاداتهم الخاصة
، فالمحكم هو المنوط عملا بالكشف عن وجود ذلك المبدأ أو تلك العادة، من خلال تحليله لعبد - ولو كان محدودا - من النظم القانونية، للتوصل إلى حقيقة الأخذ بمضمونه، سواء في صورة قاعدة قانونية أو معالجة قضائية، أو من خلال تفسيره للعقود واستقراء العادات التي استقرت وواقع تلك المعاملات.
حيث يستطيع المحكم من خلالها، أن يتدخل في تكوين القاعدة القانونية بحکم يتلاعم وطبيعة المنازعة، فيبتعد عن الفلسفة النظرية ويقترب من النظرة الواقعية للمعاملات الجارية والسوابق التحكيمية الصادرة بذات الشان، والتي تعكس رغبة لدى المحكمين في الاستاد لسلطة أكثر استقرارا، أو تيار عامUn courant majoritaire يتجه تلقائيا للتساند يلقى قبول الأطراف .
فبحسبهم القضاة الحقيقيين للتجارة الدولية يشرعون بتوحيد القواعد التي تتلاءم ومقتضيات هذه التجارة، كما يخلقون من المبادئ التي تنظم العقود الدولية، عن طريق في منهج القرارات التي توضح تفسيرا لأحد الشروط، أو تبني مبدا عاما يتم إشاعته داخل
مجموعة المهنية، ليتحقق نوع من التوافق تجاه الحلول التي تم تقريرها لمنازعات سابقة، مما يضفي الطمانينة خاصة على المحكم المتردد في الاعتماد على قاعدة ماء
ويعد هذا المنهج للتساند او الخلق من مقتضيات المهمة التحكيمية، أيا كانت السلطة الموكولة للمحكم، فإذا كان هذا التحكيم هو تحکیم بقانون، فالمحكم مطالب بالبحث بعد تكييف الوقائع عن القواعد القانونية التي تنطبق على هذه الوقائع، وبعد تفسيرها وفقا لقواعد التفسير الصحيحة، يقوم بتطبيقها على الوقائع تطبيقاسليماء التخلص من هذا التطبيق إلى الحكم وإعلان إرادة القانون فيما قدم له من ادعاء. وفي حالة الفراغ القانوني لقانون الإرادة، فإن المحكمين مطالبون بالتصدي بحكم يبدو أكثر فاعلية ومعاملات التجارة الدولية (1).
أما إذا كان المحكم مفوض بالصلح، فلدى هذا المحكم من الرحابة لتبني قواعد تتفق والعدالة التجارية في المسألة محل النزاع ولو لم تجد عونا يحملها من جانب قواعد التجارة الدولية، أو ليقيم قراره هديا بعادات التجار، ليس باعتبارها قواعد تتسم بالصفة القانونية فقط، بل لما تحققه بتقديره بتسوية منصفة لطرفي النزاع ". .
وحتى بفرض أن هذا الحكم في الحالين لم يرق لعرف تحكيمي لحداثة نشأته، فإن هذا الحكم سرعان ما سيلقى احتراما من قبل قرارات التحكيم لتلك القواعد، بتبني هذا الحل إضافة إلى الدوام عليه من قبل المتعاملين، أو تبقى معه احتمالات مخالفته من قبل المحكمين أنفسهم او الأطراف بعدم تفعيل تلك الحلول في معاملاتهم.
فنشاط المحكمين من حيث خلق القاعدة القانونية مرحلة أولى، لبدء سلسلة من المراحل تنتهى بتكوين قاعدة معيارية ذات صفة قانونية، وأن السبب المباشر لمنحها تلك الصبغة ليس فقط الأستعمال المتكرر من قبل نشاط المحكمين والمتعاملين، وإلما كذلك الرغبة في إكمال الفراغ القانوني لهذا النظام، کشان القضاء الوطني حال تبني المحاكم لمبدا قانونی او حل ما، أو ما تقرره المحكمة العليا من مبادئ قانونية، بطرد عليها المتعاملون ورجال القانون في معاملاتهم اللاحقة بالإشارة إليها، أو تلحق به المحاكم الدنيا فيما يعرض عليها من منازعات.
- كذلك يبدو التطابق المهني لكل من العمل القضائي والتحكيم من حيث انتماءهم لنظام قانونی، فمن ناحية أولى عندما ينطق أي منهما بحكمه لا يتفهم فحسب النظام القانوني الذي ينتمي إليه، بل كذلك طبيعة المجتمع الذي تنتمي إليه المسألة محل التنازع ومقومات أفراده، والمبادئ التي يدور بفلكها هذا النظام.
هذه الميزة يتمتع بها كل منهما، بحسب الأول تنظيم من تنظيمات الدولة المجتمع، يقع على عاتقه واجب الفصل فيما يعرض عليه من منازعات بغرض نهاية العدالة، والثاني (أي المحكم) أحد آليات البناء القانوني لقواعد التجارة الدولية، الذي لا ينفك أن يقرر ما درج عليه المتعاملون من عادات تشفق وواقع معاملاتهم او الكشف عما استقر من قواعد..
وبعبارة أخرى فكلاهما يؤدی مهمة خلق القاعدة القانونية وفق الغاية التي تتطابق وانتماءهما لنظام أو بناء قانونی، فالأول يهدف لمصلحة المجتمع وعدم النكول عن الحكم وإقامة العدالة بين أفراد المجتمع، والثاني في إطار الرؤية القانونية لما تتطلبه عناصر التنظيم الدولي وواجبات انتمائه إليه وإقامته العدالة والفراغ القانوني المتوقع.
ومن جهة ثانية فكل من القضاء والتحكيم التجاري الدولي، لم نشرع النظم الوطنية لسن ما يلزم من الضوابط والقيود حيال نشاطهما في إقامة العدالة بين أفراد مجتمعاتهم إلا بالقدر المقبول، كشان إجراءات التحكيم والقرارات الصادرة بشأنها وكيفية تنفيذها، بل إن تلك الإجراءات لم تعط فاصلا للطعن عليها وإيقاف تنفيذها أو الحد من حجيتها ) إلا بتوافر شروط بعينها، يجمع المؤيدون والمعارضون علی اتفاقها والمنطق السليم وإقامة العدالة بين أفراد المجتمع بحسبها رقابة مقبولة، تمارسها النظم الوطنية ذاتها قبل الأحكام الأجنبية التي تصدر من القضاء الأجنبي ويراد تطبيقها بدولة أخرى.
- لقد سعت الكثير من النظم الوطنية لرسم صورة واضحة للمحكم حتى صدور حكمه، فبقى ينافس القضاء الوطني وإن خضع تطبيق قراراته وتنفيذها لعدد من القيود التي يقبلها المختصمون في ضوء قواعد بلد التنفيذ، دون أن يعني ذلك تأثر قرار
التحكيم بقوة لزومه، والتي ترد لطبيعته القضائية بمجتمع التجار الدولي، وحين قراراته لقوة الشئ المقضي، وان ما تضمنه قرينة قاطعة على الحقيقة التي يعلنها فتمنع تغييره کشان القضاء الوطني، حيث لا يملك الخصوم تكراره إلا بالطعن عليه وفق القواعد المنظمة للطعن على الأحكام . ثانيا : تطابق مهمة المحكم والقاضي للبحث عن القاعدة واجبة التطبيق كيف
تتكون القاعدة
وفي إطار عمل كل منهما للبحث عن القاعدة واجبة التطبيق، يقوم كل من المحكم والقاضي بتشريح الواقعة محل النظر La cas d'espece
، وتحليلها إلى مكوناتها الأساسية عقب بلورة رایه وإحساسه القانوني son sentiment juridique، بلى ذلك البحث عن تلخل القاعدة القانونية والتي تعترض نموذجا مشابها لذلك الذي يتضمنه الواقعة، ثم تحليل القاعدة القانونية التي يبدو لأول وهلة أنها الأكثر قربا للواقعة المطروحة للتأكد من هذا الشبه والتطابق أو ما يوجد من اختلاف يؤدی لاستبعاد هذا التطبيق، إذا كان هذا المفهوم المستخلص لا يتطابق والقاعدة او الواقعة محل التطبيق.
وبمعنى آخر فلسفة البحث عن القاعدة واجبة التطبيق تطلق من المفهوم الذي يكونه كل من القاضي والمحكم عن الواقعة محل النظر، بعد تحليلها ثم تحليل القاعدة القانونية ثم تحريك النموذج لتلك القاعدة بما لا يخرجها عن أصل تطبيقها، بحيث تحصر مهمته في مجرد الكشف عنها، فإن أبت الأصول الفنية لهذا التطبيق، فكلاهما مطالب بتخريج قاعدة فردية La norme individuelle تتفق والمسالة محل النزاع وبيئة المعاملات الجارية، والتي وإن بدت قاعدة فردية، فسرعان ما سيتوافر لها
ومن ثم فهو مطالب بالبحث في قضاء من سبقوه من المحكمين، سيما إذا كان قد جلس بذات المجلس وأصدر حكما مشابها، كذلك فوجود الهيئات الدائمة والجلوس الدائم المحكمين بها، يخلق نوعا من التشابه للأحكام المطبقة ومن يليهم بذات المجلس، كما أن هؤلاء المحكمين عندما ينتقلون لتحكيم الحالات الخاصة، يكونون أكثر تحررا ولا يجدون غضاضة في تطبيق القواعد السابق تطبيقها بذات تلك المفاهيم، وإلا غدوا متناقضين مع أنفسهم سيما وان منهم فقهاء القانون، الذين عادة ما يكون لهم آراء مستقرة في ذات المسألة ويعلم الأطراف منهجهم ، كما يعرف كبار رجال التجارة تلك الوقائع عادة وما يطبق بشأنها من قواعد.
والجدير بالذكر أن المحكمين وهم يفصلون بنزاعات التجارة الدولية يتأثرون حتما بتلك المعاملات، ويؤثرون ببعض الأحوال معنا أكثر عدالة، ولو بالخروج على بعض العادات التي تبدو شبيهة باعراف التجار (۲). دون أن يعني ذلك الخروج عن الغاية التي توضع القاعدة من أجلها والتي يجب أن تتصل بحاجات التجارة الدولية، حتى وإن
على أنه تجدر الإشارة إلى أن هناك فارقا كبيرا بين القاعدة الموجودة قبل التطبيق وذات القاعدة بعد التطبيق، إذ يستطيع المحكم كالقاضي أن يعطى لها ب عمليا لا تكتسبه إلا بتدخل فكره ورؤيته القانونية لطبيعة المسألة محل النزاع، بل إن هذا البعد العملي ذاته هو ما يضع بعض الفوارق لذات القاعدة مع تطبيقاتها المتين والمتشابهة، مما يسهم في تخليق القاعدة القانونية ذاتيا دون توقف إلا بمعياری قرارات المحكمين - عن طريق تبني هيئات التحكيم لتلك القواعد والالتزام بایداء الاحترام لما استخلصه زملاؤهم - وقبول المعنيين بها من اللحظة التي يعتادون فيها تكرار تلك القواعد بعقودهم أو إرشاد رجال القانون موكليهم إلى تلك الحلول قبيل رفع تحكيمانهم وانعقاد خصومة التحكيم.
هذه النظرة فضلا عن تأكيدها من قبل قرارات التحكيم تلقي تأييدا من جانب كبير من الفقه، من ذلك قيام الأستاذ فلالی عثمان بعرض قضاء التحكيم ض من المصادر الشكلية لقانون التجار الدولي، كما يؤكد أن المحكم يجب أن يبدع القواعد التي تشبع منهجية حاجات التجارة الدولية .
ن الطبيعة المهنية لتطبيق القواعد واجبة التطبيق لكل من المحكم والقاضي تتطابق وتنتهي إلى صور ثلاث :- درباره ما . متن ما تماس من
إما بتخريج القاعدة المعمول بها بشكل يخرج عن المالوف مع ما قد تحمله من كشف عن تطبيقات متنوعة لقاعدة قائمة أو بتقرير قاعدة أو مبدا أو عادة يتم التعامل بها أو بتخلیق قاعدة فردية قد يقبل عليها المتعاملون أو يتوافر لها غطاء تحكيمي بتكرارها من قبل المحكمين بدافع دورهم كجهة لخنصاص الفصل في مسائل النجارة