وهي الصورة الأسبق ظهوراً، ويمكن تعريف مشارطة الإيجار بأنها الاتفاق الذي يتم في عقد مستقل، بعد نشوء النزاع ووقوع الخلاف بين أطراف لعلاقة البحرية، على عرض المنازعات التي نشأت بالفعل على التحكيم. فنشأة النزاع مفترض ضروري لصـحة مشـارطة التحكـيم. وباعتبـار المشارطة اتفاقاً مستقلاً ، وغالبا ما يتم بعد نشوء النزاع ، فإنها غالبا ما تحتوي على تنظيم أكثر وضوحاً وتفصيلاً للعملية التحكيمية. ولا يتصـور إبـرام مشـارطة عن التحكيم قبل نشوء النزاع ، وإلا كنا بصدد الحالة الثانية ، وهي " شرط التحكيم " . ومشارطة التحكيم يلجأ إليها أطراف النزاعات البحرية الحالة الناشئة حالات المساعدة البحرية والإنقاذ ، حيث تكون السفينة مبحرة ويتعين لهـا مـا يستوجب إنقاذها من طارئ معين ، ذلك حيث لا وقت لإبرام عقد مكتوب ، فيتفق الأطراف على التحكيم بمشارطة تحكيم لاحقة على إتمـام عمليـة المسـاعدة والإنقاذ ، لتقديم قيمة مكافأة المساعدة. كما يلجأ لهذه الصورة أيضاً في حالات الخسارات البحرية المشتركة ، وفي مسائل التصادم البحري. ويمكن أن تبرم مشارطة التحكيم دون أن يسبقها شرط تحكيم ، كما يمكن أن تبرم مسبوقة بهذا الشرط . ولا يؤدي إبرام المشارطة إلى إلغاء شرط التحكيم الذي أبرم قبلها ، إلا إذا اتفق الأطراف على غير ذلك.
وتعد مشارطة التحكيم عقدا قائما بذاته ، يتضمن موضـوع نـزاع قـائم بالفعل بين أطراف عقد التحكيم ، ومحدد ومعلوم ، كما يتضمن أسماء المحكمين وإجراءات التحكيم. والمشارطة يمكن أن تكون بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشـأ بين الطرفين . وإذا لم يكن موضوع التحكيم محددا فيهـا ، كـان هـذا التحكـيم باطلاً. والاتفاق على التحكيم في هذه الصورة طالما أنه يأتي بعد نشوب النزاع ، فيجب أن يأتي محددا المسائل الجوهرية كافة ؛ من نقاط الخلاف بين الأطراف ، وادعاءات الخصوم وطلباتهم. وتأتي مشارطة التحكيم كاتفاق مستقل عن العقد الأصلي ، وهو ما يدعم مبدأ استقلال اتفاق التحكيم ، وعدم تأثره بما يلحق العقـد الأصلي من عيوب قد تؤدي إلى بطلانه . وإذا ويتوسع المشرع المصري في أمر مشارطة التحكيم ، فيقرر أنه متى كان النزاع قائما ، جاز إبرام المشارطة ، سواء كان النزاع الأصلي لم يثر أمام قضاء الدولة ، وهو الأمر الغالب ، أو كان النزاع مثاراً بالفعل أمام هذا القضاء. كان النزاع مثاراً أمام القضاء ، فيمكن عقد مشارطة التحكيم في أي حالة تكـون عليها الدعوى ، وأمام أي درجة من درجات التقاضي ، بل وأمام محكمة النقض ، ويجوز إبرام المشارطة لو كانت الدعوى في مرحلة المداولة ، طالمـا أنـه لـم يصدر بشأنها حكم نهائي. فإذا تم الاتفاق على التحكيم والخصومة قائمة أمام قضاء الدولة، فإن ذلك يعني ترك الخصومة أمام هذا القضاء ، كما يعني أيضا التنازل عـن الأحكـام السابقة الصادرة لصالح أحد الخصوم.