لا يعدو اتفاق التحكيم البحري أن يكون تعبيراً عن إرادتين تراضياً على اختيار التحكيم وسيلة لتسوية منازعة بحرية. يقصد باتفاق التحكيم البحـري ، ذلك الاتفاق الذي يتعهد بمقتضاه أطراف العلاقة البحرية ، بعرض المنازعـات التي نشأت بينهم ، أو من المحتمل أن تنشأ في المستقبل عن هذه العلاقة ، علـى التحكيم. إذ إن التحكيم البحري هو طريق خاص لحل المنازعات ذات الطابع البحري ، قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية ، ويعتمد أساسـاً علـى أن أطراف النزاع هم الذين يختارون قضاتهم بدلاً من الرجوع إلى التنظيم القضائي المحلى. يتضح من هذا التعريف لاتفاق التحكيم البحري ، أنه يتضمن نوعين مـن أشكال الاتفاق على التحكيم ، دون التفرقة بينهما . فقد يكون اللجوء إلى التحكـيم في أحد العقود البحرية ، باتفاق بين الطرفين في منازعة نشأت بالفعـل لحظـة إبرام الاتفاق على التحكيم ، ويتم تدوين هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن العقـد الأصلي ، الذي يربط بين طرفيه قبل نشوء النزاع ، ويسمى هذا الاتفاق في هـذه الحالة بـ " مشارطة التحكيم البحري " . وقد يكون اتفاق التحكيم عن طريق شرط يدرجه الأطراف المتعاقدة في العقد الأصلي الذي يربط بينهمـا ، أو فـي عقـد مستقل قبل حدوث النزاع ، ويقضي بالتزام الطرفين بالرجوع إلى التحكيم لفض ما ينشأ بينهم في المستقبل من نزاع حول تنفيذه أو تفسـيره ، ويسـمـى شـرط التحكيم البحري ". وإلى جانب هاتين الصورتين التقليديتين للاتفاق على التحكيم البحـري ، توجد صورة أخرى ، وهي تلك الصورة المعروفة باسم شرط التحكيم البحـري بالإحالة ، ويعني اللجوء للتحكيم عن طريق الاتفاق من خلاله إلى الإحالة إلـى أو نظام نموذجي أو مستند يشتمل على شرط تحكيم . عقد معین ولم يخرج المشرع المصري والمشرع العماني فـي تعريفهمـا لاتفـاق التحكيم عن ذلك ، إذ نص قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسـنة ١٩٩٤ ، في الفقرة الأولى من المادة العاشرة ، على أن " اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشـأت أو يمكـن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة ، عقدية كانت أو غير عقدية " . ثم جاءت الفقرة الثانية من المادة نفسها لتنص على أنه " يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع ، سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين بشـأن كـل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين ، وفي هذه الحالة يجـب أن يحـدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة ( 30 ) من هذا القانون ، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قـد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية ، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا " . كما نصت الفقرة الثالثة نفس المادة أيضا على أنه " ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من من العقد " . كما نص قانون التحكيم العماني الصـادر بالمرسـوم السـلطاني رقـم ٩٧/٤٧ ، في المادة العاشرة منه على أن : " ۱- اتفاق التحكيم هو الاتفاق الذي يقرر فيه طرفاه الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهمـا بمناسـبة علاقة قانونية معينة ، عقدية كانت أو غير عقدية . ٢- يجوز أن يقع التحكيم في شكل شرط تحكيم سابق على قيام النـزاع يرد في عقد معين أو في شكل اتفاق منفصل يبرم بعد قيام النزاع ، ولو كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام جهة قضائية ، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفـاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلاً . 3- يعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضـمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد " . وقد عرف القانون النموذجي الذي وضعته لجنة الأمم المتحـدة للقـانون التجاري الدولي ، اتفاق التحكيم ، في المادة السابعة منه ، بأنه " اتفاق بين الطرفين على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية محددة ، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية " . أما اتفاقية هامبورج ، فقد أقرت التحكيم كوسيلة لحل المنازعات.