يعد اتفاق التحكيم الحجر الأساس المدين الذي يرتكز عليه نظام التحكيم كمؤسسة فعالة؛ لحل مختلف المنازعات على مدى العصور باعتباره تجسيدا عمليا لفكرة العدالة في المجتمعات الإنسانية، والذي سبق ظهور الدولة، التي احتكرت لنفسها سلطة الاختصاص القضائي في كافة المنازعات .إلا أنه مع مرور الوقت توصلت الدول إلى قناعة بعدم مقدرتها على وضع الحلول المناسبة لكل المنازعات ورأت أن الحكمة أن تسمح الدولة لأطراف المنازعات الخاصة المدنية والتجارية أن يعرضوا منازعاتهم على قضاء خاص، وهو التحكيم، حيث يمكن للمتنازعين أن يتفقوا على أسماء وعدد المحكمين، وأن يختاروا القانون الواجب تطبيقه على نزاعالم شريطة عدم مخالفته للنظام العام في الدولة، كما يمكنهم أن يتفقوا على القانون الإجرائي الذي يجب أن يتبعه المحكمون عند النظر في النزاع .
وبما أن العقد هو المحرك الأساسي لعملية التحكيم، فإن ذلك ليس إلا نتيجة لكون التحكيم نظاما خاصا للفصل في المنازعات، إلى جانب النظام العام المتمثل في القضاء .
وعندما يتم إبرام اتفاق التحكيم وفقا للقانون الواجب التطبيق، واحترام إرادة الأطراف السليمة ورغبتهم في إخضاع نزاعاتهم القائمة أو المحملة بصدد علاقة قانونية للتحكيم عند نشوب نزاع بين الأطراف بخصوص تفسير العقد الأصلي، أو تنفيذه، فما أن هي الآثار التي تترتب على وجوده في أمرين: الأول: هو أثر اتفاق التحكيم من حيث الأشخاص. والثاني: هو أثر اتفاق التحكيم من حيث الموضوع .
وأما بالنسبة لصور التحكيم من حيث شرط التحكيم ومشارطة التحكيم وأيضا استقلالية شرط التحكيم فيعد وجود شرط التحكيم كشرط مستقل من أهم المميزات الموجودة في التحكيم والدليل على ذلك ؛ أن استقلال شرط التحكيم معناه تحرره من الارتباط بالعقد الأصلي ومقدرته على الاستمرارية والفاعلية حتى لو فسخ أو أبطل العقد الأصلي، إلا إذا أصاب كلا من الشرط والعقد الأصلي بطلان كقيام ناقص الأهلية بإبرام عقد يتضمن شرط التحكيم فهنا يبطل الاثنان.