الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أحكام المواعيد الإجرائية واثرها على اتفاق وحكم التحكيم في نظام التحكيم السعودي ( دراسة مقارنة ) / تعريف أحكام المواعيد الإجرائية وأثرها على اتفاق وحكم التحكيم

  • الاسم

    علي بن عبدالعزيز بن محمد الراجحي
  • تاريخ النشر

    1435-01-01
  • عدد الصفحات

    165
  • رقم الصفحة

    36

التفاصيل طباعة نسخ

ذكرت في المطالب السابقة تعريف مفردات عنوان البحث بشكل مفرد، وفي هذا المبحث ساحاول وضع مقاربة تعريفية شمولية للعنوان الكلي للبحث، أو بشكل أدق للمقطعين الرئيسيين للعنوان وهما (أحكام المواعيد الإجرائية) و(أثرها على اتفاقي وحكم التحكيم)

. أولاً : (أحكام المواعيد الإجرائية) يمكن تعريفها إجرائيا على أنها : "القواعد العامة الحساب وتنظيم المواعيد، سواء كانت مواعيداً قانونية أو مدداً تنظيمية ، أو أي نوع من أنواع المواعيد والمدد التي تحددها جهة الاختصاص".

ثانياً: (أثرها على اتفاق وحكم التحكيم) والتعريف الإجرائي هي : "أنها النتائج المترتبة عن أحكام المواعيد الإجرائية على كل ما يتعلق باتفاق وحكم التحكيم، سواء من حيث البطلان، أو اسقاط حق أو ترتيب آخر ، أو تعديل إجراءات التحكيم والمحاكمة، وغير ذلك".

وتصادف بعض مواد النظام التي تحدد موعداً أو مدة إجرائية ثم تقرر عند مخالفتها أحكاماً، وتتراوح هذه الأحكام أحياناً بین تعديل إجراءات التقاضي إلى إسقاط حقوق أطراف الخصوم أو تجميد الأحكام ، ومن ذلك أنه في حالة "عدم مراعاة مواعيد إبلاغ صحيفة الدعوى للمدعى عليه الواردة في المادة (43) من نظام المرافعات الشرعية ، أو مواعيد الحضور في المادة (44) من نفس النظام ، فللمدعى عليه حق طلب التأجيل لاستكمال مادة النظام المقررة نظاماً ، وإذا تخلف المبلغ عن التأجيل عد متخلفاً".

وفي نظام التحكيم السعودي تلاحظ أن المادة (7) قضت بإسقاط حق أحد طرفي التحكيم في الاعتراض عند مخالفة بعض الشروط التي حددتها المادة إذا لم يقدم إعراضه خلال ثلاثين يوماً أو في الميعاد الذي نص عليه الاتفاق، وجاء في منطوق المادة أنه : "إذا استمر أحد طرفي التحكيم في إجراءات التحكيم – مع علمه مخالفة حكم من أحكام هذا النظام مما يجور الاتفاق على مخالفته أو الشرط في اتفاق التحكيم - و لم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو خلال ثلاثين يوما من علمه وقوع المخالفة عند عدم الاتفاق ، عد ذلك تناولاً منه عن حقه في الاعتراض" فالمادة المذكورة حددت إجرائياً مدة ثلاثين ورتبت أثرا على عدم التقيد بها وهو التنازل عن حق الاعتراض.

أيضاً حددت المادة (51) موعداً إجرائياً لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم من أي من طرفيه مدته ستون يوماً ، وحددت كذلك موعداً للطعن في حكم المحكمة في حال حکمت بطلان حكم التحكيم، مدته ثلاثون يوماً ، تبدأ من اليوم التالي للتبليغ. وهي نفس المدة التي أشارت إليها المادة (١٨٧) من نظام المرافعات الشرعية حيث نصت على أن مدة الاعتراض بطلب الاستئناف أو التدقيق ثلاثون يوماً ويستثنى من ذلك الأحكام الصادرة في المسائل المستعجلة فتكون عشرة أيام ....". والأثر المترتب على تجاور هذه المدة هو إسقاط حق طلب الاستئناف.

حيث أكدت نفس المادة على أنه : "إذا لم يقدم المعترض اعتراضه خلال هذه سقط حقه في طلب الاستئناف أو التدقيق وعلى الدائرة المختصة تدوين محضر بسقوط حق المعترض عند انتهاء مدة الاعتراض في ضبط القضية ، والتهميش على صك الحكم وسجله بأن الحكم قد اكتسبت القطعية ".

والأثر الإجرائي المترتب على رفع دعوى بطلان حكم التحكيم، نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (55)، حيث أمرت بتحميد تنفيذ حكم التحكيم حتى ينقضي ميعاد رفع دعوى بطلانه والمحددة بستين يوماً في المادة (51) ويجب أن يتضمن طلب التحكيم بيانات محددة هي اسم المحكم وعنوانه واسم المحتكم مده وعنوانه وشرح الوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته وكل أمر آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان وهنا يقدم المحتكم عنده خلال الميعاد المتفق عليه أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المحكم وكل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدفاعه ردا على ماجاء ببيان الدعوى وله أن يضم هذه المذكرة أية طلبات عارضة متصلة بموضوع النزاع ولكل من الطرفين أن يرفق صورة من الوثائق التي يستند إليها أو أن يشير إلى الوثائق ، وأدلة الإثبات التي يقوم بتقديمها ببيان الدعوى أو مذكرة الدفاع .

وقد حرصت الأنظمة والقوانين الحديثة على تبسيط الإجراءات المتبعة أمام المحكمين وذلك بتحرير الإعلان في خصومة التحكيم بحيث تتخلص إعلانات التحكيم من التعقيدات التي تحيط بإعلان أوراق المحضرين ، ويخضع الإعلان لاتفاق طرفي التحكيم لسرعة الفصل في النزاع وفي حالة عدم اتفاق الأطراف على طريقة الإعلان تسلم الإعلانات إلى المرسل إليه شخصياً أو في مقر عمله ، أو محل إقامته المعتاد ، أو في عنوانه البريدي المعروف للطرفين والمذكور في مشارطة التحكيم .

وفيما يتعلق بالتسبيب فقد جاء في قانون التحكيم المصري جعل من حق الخصوم أن يتفقوا على عدم الـتسبيب ، واعفى المحكمون منه في حالة عدم اشتراط القانون واجب التطبيق بأن يكون الحكم مسبباً.

وفي نظام التحكيم السعودي أوجب التسبيب في المادة ( ٤٢ ) حيث مما جاء فيها : يصدر حكم التحكيم كتابة ويكون مسببا ... "

ونص قانون أصول المحاكمات السوري في المادة ٥٢٨ على وجوب صدور حكم المحكمين في سورية ، ولا اتبعت في شأنه القواعد المقررة للأحكام الصادرة في بلد أحتي ومثله جاء في قانون المرافعات الليبي في المادة 761 والتونسي في المادة ٢٧٧ منه ، وللفقهاء تفصيلات كثيرة في هذا ، هي من قبيل الأوضاع الزمنية التي تتغير، ومن الأمثلة التي تسوقها في هذا المجال هو اختلافهم حول الموعد أو الأجل المسموح به للمدعي لإحضار البينة.

حيث يرى الحنفية والشافعية أن للقاضي أن يمهل المدعي ثلاثة أيام لإحضار الجنة ، بينما يرى المالكية والحنابلة أن ذلك موكول لاجتهاد القاضي". والفقهاء أجازوا حكم المحكم في أي بلد مادام موافقاً للأصول العامة في الفقه الإسلامي ؛ لأنهم لم يروا الحدود بين الدول – لا سيما الإسلامية منها – التي نراها اليوم ، وليس في تحديد التحكيم ببلد أو عدمه ما يخالف أصول الشريعة العامة.

قال السرخسي رحمه الله : "فيه دليل على أن القاضي عليه أن يمهل كل واحد من الخصمين بقدر ما يتمكن من إقامة الحجة فيه ، حتى إذا قال المدعي : بينتي  حاضرة أمهله ليأتي بهم ... فإذا أقام البينة وادعى الخصم الدفع أمهلة القاضي ليأتي بدفعه ؛ فإنه مأمور بالتسوية بينهما في عدله ، وليكن إمهاله على وجه لا يعتبر بخصمه ؛ فإن الاستعجال إضرار مدعي الدفع ، وفي تطويل مدة إمهاله إضرار بمن ثبت حقه ، وخير الأمور أوسطها " . وقال ابن القيم رحمه الله : "وهذا من تمام العدل ؛ فإن المدعي قد تكون حجته أو بينته غائبة ، فلو عجل عليه بالحكم بطل حقه ، فإذا سأل أمدأ تحضر فيه حاجته أحيب إليه.. . فإذا ظهر عناده ومدافعته للحاكم لم يضرب له أمداً ، بل يفصل الحكومة ؛ فإن ضرب هذا الأمد إنما كان لتمام العدل، فإذا كانت فيه إبطال للعدل لم يجب إليه الخصم" وعلى هذين المبدأين الشرعيين ؛ استقر الفقه والقضاء ، وبه أخذت قوانين وأنظمة المرافعات والتحكيم المعاصرة .