الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / استقلال شرط التحكيم بين النظرية والتطبيق / مبدأ حرية الأطراف

  • الاسم

    أشرف محمد محسن خليل الفيشاوي
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    403
  • رقم الصفحة

    13

التفاصيل طباعة نسخ

مبدأ حرية الأطراف

     إلا أن حرية الاتفاق على التحكيم ليست حرية مطلقة، فقد دأبت الكثير من القوانين والأنظمة واللوائح المتعلقة بالتحكيم في المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا والعراق وموريتانيا على سبيل المثال على تحديد مجالاته عن طريق استبعاد كل المسائل التي لا يجوز الفصل فيها عن طريق التحكيم.

    وتنقسم هذه المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم إلى نوعين: المسائل التي لا يجوز فيها الصلح والمسائل المتعلقة بالنظام العام. فعلى سبيل المثال جاء في المادة الثانية من نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية أنه: «لا يقبل التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح... «. وجاء في المادة 11 من قانون التحكيم العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 47/97 بتاريخ 1418/2/22هـ ما يلي: "... لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ولا في المسائل المتعلقة بالنظام العام".

    أما ما يتعلق بالمسائل التي لا يجوز الصلح بشأنها وتبعا لذلك يمنع فيها التحكيم، فهي محددة في النظم والقوانين الجنائية التي تطبق القواعد العامة للشريعة الإسلامية في ذلك المجال، ومن تلك الأنظمة والقوانين نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية والقانون الجنائي الموريتاني.

   وبخصوص المسائل المتعلقة بالنظام العام في القوانين الوضعية، فإنه لا يجوز اللجوء إلى التحكيم للفصل فيها. ويعد من النظام العام في الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية كل ما نصت عليه هذه الأخيرة، إذ لا تحكم فيه مطلقاً إلا محاكم الدولة المختصة. أما النظام العام في الدول ذات النظم الوضعية فقد يضيق مجاله أو يتسع تبعاً لمختلف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة في المجتمع التي تترجم حقائق ومصالح خاصة بذلك المجتمع، وهو يشرع من أجل حمايتها باعتبارها مصالح عليا للمجتمع.

   وقد أصبح من الأمور المستقرة حاليا في فقه التحكيم التجاري الدولي أن النظام العام الدولي، الذي يتدخل في نطاق التحكيم الدولي سواء أمام قاضي البطلان أم قاضي التنفيذ، هو غير النظام العام الداخلي، سواء من حيث مضمونه أم من حيث نطاق تدخله. ويتشكل مضمون النظام العام الدولي من مجمل القواعد الأساسية والمفاهيم والاعتبارات المتعلقة بالمصالح العامة الاقتصادية العليا السائدة في المجتمع الدولي، وهذه المصالح هي التي تحكم سلامة العلاقات التجارية وأمنها وتكفل تطورها مثل القواعد المتعلقة بمحاربة الرشوة والفساد والقرصنة واستثمار النفوذ والغش وسوء النية في التعامل من جهة، وتلك التي تقوم عليها العدالة التحكيمية، ولا سيما احترام حق الدفاع بجميع أشكاله ومستلزماته من جهة أخرى. أما من حيث نطاق تدخله فإنه والحالة هذه يكون ضمن مساحة أضيق من نطاق تدخل النظام العام الوطنی .

    وبالرجوع إلى المسائل التي يجوز فيها التحكيم فإن مبدأ حرية الاتفاق على التحكيم يتمثل في التراضي باعتباره رکنا من أركان اتفاق التحكيم، لا تقوم لهذا الأخير قائمة بدونه، ومفاده أن تتجه إرادة الأطراف المتطابقة في اللجوء إلى التحكيم كبديل لقضاء الدولة، وبعبارة أخرى أن اتفاق الشخص الذي يصدر الرضا عنه، سواء أكان من أبرم العقد باسمه ولحسابه أو كل من اتجهت إرادته إلى الالتقاء بإرادة أخرى، لاتخاذ التحكيم سبيلا لتسوية منازعاتهما بعيدا عن قضاء الدولة، إلا ويتحقق به التوافق بين الإرادتين على إحداث هذا الأثر القانوني المرغوب فيه.