الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / الغير في التحكيم ( دراسة مقارنة في القانونيين المصري والكويتي ) / اتفاق وخصومة التحكيم

  • الاسم

    عبدالله محمد عبدالله
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    415
  • رقم الصفحة

    69

التفاصيل طباعة نسخ

اتفاق وخصومة التحكيم

تقرر محكمة التمييز - الكويتية أنه من المقرر في قضاء هذه الكمية أن التحكيم هو عمل قضائي ذو طبيعة خاصة أساسها أن المحكم يستمد ولايته من القانون، كما هو الحال بالنسبة لقضاة المحاكم، وإنما بستمدها من اتفاق الخصوم على تحكيمه، ولذا كان طريقا استثنائيا لبعض الخصومات، قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وما تكفله من ضمانات، بما يتعين معه تحديد موضوعه في المشارطة والتقيد بهذا التحديد وتفسير إرادة الطرفين في شأنه تفسيرا ض يقا، وقصره على طرفيه و على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم وتقرر في حكم أخر أن "الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر منازعة متفق على التحكيم بشأنها غير متعلق بالنظام العام، وهو ما اعتنقه المشرع الكويتي أخذا منه بالطبيعة الاتفاقية التي يتسم بها التحكيم .

ولاشك أن التحكيم يبدأ على أرض الواقع باتفاق الأطراف على اللجوء إليه عوضا عن الطرق الأخرى لتسوية نزاعهم، فما هو اتفاق التحكيم (أو عقد التحكيم)... وما هي شروطه وفقا للنظرية العامة للعقد، واهل يشترط لإعمال التحكيم أن تكون المنازعات قائمة بالفعل (مشارطة التحكيم) أم يمكن الاتفاق على التحكيم حتى بالنسبة للمنازعات التي لم تنشأ بعد (شرط التحكيم) وما هي طبيعة كل منهما... والتحكيم كنظام قانوني لا يخلو من آثار (إجرائية وإجرائية) تترتب على اتفاق التحكيم، ومدى تعلق اتفاق التحكيم بالنظام العام سواء من ناحية المسائل التي يجوز التحكيم فيها أو من ناحية الدفع بوجود التحكيم أمام القضاء، وكما كان اتفاق التحكيم هو الجزء الأول من عملية التحكيم فإن خصومة التحكيم في الجزء المكمل لها، بدءا من القواعد التي تسير عليها والمبادئ التي تحكمها مرورا بتعريفها مقارنة بالخصومة القضائية وإجراءاتها والعوارض التي تصيبها وانتهاء بانقضائها.

مفهوم اتفاق التحكيم - لاشك أن اتفاق التحكيم هو حجر الزاوية في عملية التحكيم، ذلك أن التحكيم يقوم أساسا على اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم دون القضاء لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية، وفي هذا تقول محكمة النقض المصرية إن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريدان أن يمحص إرادتهما أو اتفاقهما تفويض أشخاص ليس لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما... أو يحسموا النزاع بحكم... فرضا طرفي الخصومة هو أساس التحكيم. وفي ذلك السياق تؤكد محكمة التمييز الكويتية أن رضا الطرفين هو أساس التحكيم إذ تقرر بأن "التحكيم على ما استند عليه قضاء محكمة التمييز هو عقد يتفق طرفاه بموجبه على عرض المنازعات التي نشأت أو تنشأ بينهما على فرد او أفراد متعددين ليفصلوا فيه بدلا من المحكمة المختصة يتم بالإيجاب والقبول، ولكنه لا يثبت إلا بالكتابة، فرضا طرفي الخصومة على عرضها على المحكم هو أساس التحكيم أما الكتابة فهي ش رط لإثباته وليست شرطا لانعقاد العقد.

مكان التحكيم :

لاشك أنه من الأهمية تحديد مكان التحكيم نظرا الأهمية هذا البند في تحديد أمور أخرى يمكن أن تؤثر في عملية التحكيم ككل مثل ظروف انتقال المحتكمين وسماع الشهود وغيرها. ويتضح ذلك من استقراء المادة 16 من قواعد التحكيم للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في الفصل الثالث (إجراءات التحكيم) حيث تنص على: المادة 16: مكان التحكيم 1. إذا لم يتفق الطرفان على مكان إجراء التحكيم، تتولى هيئة التحكيم تحديد هذا المكان مع مراعاة ظروف التحكيم. ۲. لهيئة التحكيم تعيين محل إجراء التحكيم داخل الدولة التي اتفق عليها الطرفان، ولها سماع الشهود وعقد اجتماعات للمداولة بين أعضائها في أي مكان تراه مناسبا مع مراعاة ظروف التحكيم 3. لهيئة التحكيم أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبا لمعاينة بضائع أو أموال أخرى أو لفحص مستندات، ويجب إخطار الطرفين بوقت كاف قبل میعاد هذه المعاينات أو الفحوص ليتمكنا من الحضور وقت إجرائها 4. يصدر قرار التحكيم في مكان إجراء التحكيم".

لغة التحكيم:

كما جاء في المادة 17 من ذات القواعد: "اللغة". مع مراعاة ما قد) انت عليه الطرفان تبادر هيئة التحكيم إثر تشكيلها إلى تعيين اللغة أو الفات التي تستخدم في الإجراءات ويسري هذا التعيين على بيان الدعوى وبيان الدفاع وكل بيان مكتوب آخر كما يسري على اللغة أو اللغات التي تستخدم في جلسات سماع المرافعات الشفوية إن عقدت مثل هذه الجلسات، ۲. لهيئة التحكيم أن تأمر بأن ترفق بالوثائق التي تقدم بلغتها الأصلية مع بيان الدعوى أو بيان الدفاع وبالوثائق أو المستندات التكميلية التي تقدم أثناء الإجراءات، ترجمة إلى اللغة أو اللغات التي اتفق عليها الطرفان أو تعينها هيئة التحكيم"، وقد تطابقت أحكام المادة (۲۹) مصري مع النص السابق.

الأهلية اللازم توافرها:

وبالمقارنة بين التشريعين المصري والكويتي في مسألة الأهلية اللازمة لطرف التحكيم، نجد المشرع المصري وفق كثيرا عندما نص في المادة (۱۱ تحكيم) على أنه "لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه"، وذلك النص يوحي بأن المقصود بأهلية التصرف هنا هي أهلية التصرف الكاملة وليس فقط التصرف في الحق محل النزاع، وهذا التوجه يتفق مع مسألة خطورة اتفاق التحكيم. فيما نجد المشرع الكويتي ومن خ لال المادة ( ۳/۱۷۳ مرافعات) ينص على أنه لا يصح التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع.

اتفاق التحكيم والنظرية العامة للعقد:

الاتفاق على التحكيم يعتبر عقد و القانون الخاص يسوده مبدأ سلطان الارادة، وتسري عليه القواعد العامة في العقود، التي تعرفها النظرية العامة العقد، وبناء على ذلك فلابد لقيام الاتفاق على التحكيم من وجود الرضا وأن تتجه إرادة الأطراف المتطابقة إلى اللجوء إلى التحكيم كبديل لقضاء الدولة العام، ولا ريب أن وجود التراضي يفترض صدور هذه الإرادة من الأطراف وأن تكون متطابقة وأن تتلاقى على هدف واحد هو إخضاع النزاع للتحكيم بالشروط المتفق عليها، ويطبق في هذا الشأن كافة القواعد العامة في الرضا التي يعرفها القانون المدني، ولا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه، فالأهلية اللازمة لصحة الرضا هي أهلية التصرف بالنسبة للحق المتفق على التحكيم بصدده، فلا تكفي أهلية الاختصام الإجرائية بل لابد من توافر أهلية الأداء.

فاتفاق التحكيم بوصفه عقدا يلزم عاقديه بما تضمنه من أحكام، أي أنه لا يجوز لأحدهما الاستقلال بنقضه أو تعديله دون موافقة الطرف الآخر، وما

ذلك إلا تطبيقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، تلك القاعدة التي تمنح العقد قمی ملزمة من حيث التقيد بأحكامه وعدم إمكان التحلل منها بالإرادة المنفردة لأحد عاقديه، فهو قانونهما ألاتفاقي الذي ارتضياه، وتقوم قاعدة العقد شريعة المتعاقدين على الاحترام المتبادل لكلا المتعاقدين بما التزم به، مما يؤدي إلى استقرار المعاملات. .

وبناء على ما سبق فإن أساس القوة الملزمة لاتفاق التحكيم هي ذاتها القوة الملزمة العقد بصورة عامة، ذلك أن العقد أو الاتفاق يعد مصدرا من مصادر الالتزام، بل أوسع هذه المصادر عملا، ويمكن تعريف العقد بأنه توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانونی، يستوي في هذا الأثر أن يكون انشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه، وبهذا التعريف أخذت المادة (۳۱) من القانون المدني الكويتي بنصها على أن "العقد هو ارتباط الإيجاب بالقبول علی لإحداث أثر يرتبة القانون .

استقلال شرط التحكيم:

ورغم الاتجاه الفقهي الحديث - الذي نؤيده - ونصوص اوقات الدولية وتواتر الأحكام القضائية على ترسيخ مبدأ استقلالية التحكم عن العقد الأصلي، إلا أن محكمة التمييز الكويتية ذهبت إلى و در استقلال شرط التحكيم وقضت بسقوطه تبعا للعقد الأصلي إذ قررت في حكم لها أن "المقرر بنص المادة 1/36 من قانون التجار على أن "لا يتم بيع المتجر إلا بورقة رسمية "مما يدل على أن المشرع استلزم لانعقاد بيع المتجر أن يفرغ في محرر رسمى لدى كاتب العدل، باعتبار أن الرسمية ركن من أركان العقد يتعين مراعاته عند التعاقد وإذ لم يتبع في بيع المتجر الشكل الذي رسمه القانون كان البيع باطلا، ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها اعتبارا أن البطلان يعني العدم وأن إعمال عقد باطل لم تتوافر له أركانه بإنفاذ آثاره يتنافى مع النظام العام، وكان يشترط لكي يكون محل التحكيم مشروعا ألا يتم في مسألة تتعلق بالنظام العام، لما كان ذلك وكان الاختصاص ببحث الدفع ببطلان العقد الذي اتفق فيه على التحكيم ينعقد للقضاء العادي صاحب الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات مما يتعين على المحكمة أن تعرض أولا - وقد رفعت الدعوى أمامها ببطلان العقد الذي تضمن أحد بنوده الاتفاق على التحكيم ببحث ما إذا كان عقد البيع موضوع الدعوى باطلا أم لا توصلا لإعمال شرط التحكيم في حالة ما إذا كان هنر صحيحا وإلا حكمت ببطلانه ومن ثم يبطل كذلك شرط التحكيم البطلان هذا العقد.

وبرأينا أنه لا يمكن الوصول إلى تحقيق الاقتصاد في الوقت والإجراءات المستهدفة من وراء اللجوء إلى التحكيم إلا من خلال تكريس مبد استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، ذلك أن اتفاق التحكيم يختلف عن العقد الأصلي من حيث سببه وموضوعه. وهو بذلك يعد عقدا له ذاتيته المتميزة والمستقلة عن العقد الأصلي إذ أن سبب اتفاق التحكيم هو رغبة الأطراف في إقصاء قضاء الدولة عن نظر النزاع، وتخويل مهمة الفصل فيه إلى قضاء التحكيم، في حين سبب العقد الأصلي هو الباعث الدافع إلى التعاقد، فيقاس بمعيار شخصي يختلف من شخص لآخر باختلاف العقود. أما إذا اتفق الأطراف صراحة على ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي ، ففي مثل هذه الحالة يجب احترام إرادة الأطراف ومن ثم عدم تطبيق مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي.

كما نعتقد أن شرط التحكيم الوارد في العقد وإن كان ظاهريا مجرد بند أو شرط ضمن العقد، إلا أنه حقيقة يمثل عقدا قائما في حد ذاته، ذلك أن محل شرط التحكيم يختلف كلية عن محل العقد الأساسي، فشرط التحكيم عمل إجرائي بحت منفصل عن العقد الأصلي وان تضمنتهما وثيقة واحدة، فالعقد الأصلي يهدف إلى تحديد حقوق والتزامات الطرفين الموضوعية، أما شرط التحكيم فهو اتفاق قائم بذاته على آلية حسم المنازعات الناشئة عن العقد الأصلي، وهذا ما أكدته المادة 1/16 من القانون النموذجي للتحكيم بقلم أن "أي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بر این . بطلان شرط التحكيم". وقد أوضحت قواعد تحكيم مركز القاد للتحكيم التجاري الدولي حقيقة تلك الغاية حيث نصت المادة ۲/۲۱ من هذه القواعد على أن يعامل شر وينص على إجراء التحكيم وفقا لمن شروط العقد الأخرى، و كل قرار عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم"

 طبيعة شرط التحكيم:

ومن شرط التحكيم الذي يكون جزءا من عقد ووفقا لهذا النظام بوصفه اتفاقا مستقلا عن وكل قرار من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب بطلان شرط التحكيم". طعة شرط التحكيم. اعتبر البعض ) شرط التحكيم و عدا غرار الوعد بالعقد، إلا أن ذلك الرأي مردود على أصحابه، ر و بالعقد بما قررته المادة ۱/۱۰۱ مدنی مصری هو "الاتفاق وجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه...".

والأخذ بهذا الرأي يعني أن الوعد بالتحكيم يجوز أن يقع من اسان واحد كما يجوز أن يقع من الجانبين، كما يفترض أن تكون جميع المسائل الجوهرية للعقد الموعود بإبرامه قد تعينت فيه ، وهو ما لا ينطبق في حالة شرط التحكيم.

وكما كانت قواعد الوعد بالعقد لا تسعف في هذا المجال فإن المشرع قد اضطر إلى التدخل لجعل التحكيم إلزاميا أثر الاتفاق على التحكيم بحيث أصبح هذا الاتفاق يغني عن الاتفاق على مشارطة التحكيم و بالتالي لم يعد أمام أحد طرفي شرط التحكيم سبيل للتخلص منه بار ادته المنفردة. و على ذلك يجوز لنا القول بأن الاتفاق على شرط التحكيم ليس مجرد وعد بالتحكيم بل هو اتفاق نهائی و ملزم بالتحكيم، ولا يجوز العدول عنه إلا باتفاق أطرافه أو بنزول أحدهما عن التمسك بالدفع بالتحكيم.