الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المسؤولية الإجرائية والميدانية للمحكم ( دراسة تأصيلية وتحليلية في يالفقة الإسلامي والقانون الوضعي) / تعيين محل النزاع الذي يخضع للتحكيم

  • الاسم

    محمود علي عبدالسلامي وافي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    770
  • رقم الصفحة

    588

التفاصيل طباعة نسخ

مقتضيات عقد التحكيم الخاصة بمحله :

 ينصب اتفاق التحكيم بين المحكم والمحتكمين على الفصل في نزاع مر قواعد شرعية معينة وباتباع نظام إجرائي محدد ، وهكذا يتفرع عن محل این التحكيم مسائل ثلاثة تتمثل في :

• تحديد المنازعة محل التحكيم 

* تحديد القواعد الموضوعية واجبة التطبيق على محل النزاع

• تحديد النظام الإجرائي الذي يتم التحكيم وفقا له فما هي المبادئ التي تسري على اتفاق التحكيم في خصوص هذه التحديدات الثلاثة؟ هذا ما سنعرض له في التحليل الآتي: 

 أولا : تحديد المنازعة محل التحكيم :

 يفيد تحديد المنازعة محل التحكيم في عدة أمور، كما يثير بعض التساؤلات فأما الأمور الهامة والمترتبة على تحديد النزاع المراد حسمه تحكيميا فيأتي على رأسها التأكد من ورود التحكيم في مسألة مما يجوز فيها التحكيم ، ذلك أن التحكيم لا يجوز في جميع المنازعات ، بل إن هناك طائفة من المنازعات التي من الممكن حسمها عن طريق التحكيم أو القضاء ، وهناك طائفة أخرى من المنازعات لا يمكن الفصل فيها إلا عن طريق قضاء الدولة ، وقد سبق لنا استعراض موقف المذاهب الفقهية من هذه المسألة والتي عرضنا لها تحت عنوان مجال التحكيم ، وتحدثنا فيه تفصيلا عن النطاق الموضوعي للتحكيم ؛ ولذا نحيل إلى ما سبق ذكره فهو كاف في هذا الصدد. 

وهكذا يجب ذكر المنازعة المراد التحكيم فيها في اتفاق التحكيم كي يتم التأكد من ورود الاتفاق على ما يجوز فيه التحكيم ، تمهيدا لتحديد مدى صحة هذا الاتفاق من عدمه.

ومن ناحية ثانية، يفيد تحديد محل التحكيم في تحديد نطاق ولاية المحكم من الناحية الموضوعية ، ذلك أن ارتضاء المحتكمين على تولي شخص معين التحكيم في مسألة محددة وقبول هذا الأخير ينشىء ولاية للمحكم للفصل في هذا النزاع دون غيره، وهذا من أهم أوجه اختلاف التحكيم عن القضاء ، إذ إن ولاية المحكم قاصرة على نزاع محدد هو ما تم الاتفاق عليه من قبل المحتكمين مع المحكم، خلافا لولاية القضاء التي هي عامة وشاملة لكافة المنازعات دون حصر أو استثناء.

أما في خصوص التساؤلات التي يثيرها تحديد محل التحكيم فإنها تدور عن مدى إقرار الفقه الإسلامي لفكرة شرط التحكيم المعروف في النظم الوضعية المعاصرة ، وإقراره للتمييز بينه وبين مشارطة التحكيم. 

من المقرر في النظم القانونية الوضعية أن الاتفاق على اللجوء للتحكيم للفصل في نزاع ما قد يكون سابقا على نشوء هذا النزاع وهنا يأخد شكل شرط تحکیم ، وقد يكون لاحقا على نشوب ذلك النزاع وهنا يأخد صورة مشارطة تحكيم ، فالفارق بين الشرط والمشارطة يكمن في الترتيب الزمني من حيث كونه قبل أو بعد وجود النزاع محل التحكيم ، ويترتب على هذا الفارق نتائج في منتهى الأهمية تتمثل في عدم استلزام ذكر النزاع محل التحكيم تفصيلا في شرط التحكيم ، إذ إنه لا يمكن ذلك لعدم وجود النزاع أصلا، ويكفي مجرد رسم الإطار العام له ، كتحديد العلاقة التي يتم التحكيم فيما قد ينشأ عنها من نزاع ، وتحديد أنواع المنازعات التي قد تتولد عن هذه العلاقة وتقبل دون سواها التحكيم ، وهذا كله خلافا لمشارطة التحكيم اللي يلزم لصحتها ذكر كافة التفصيلات الخاصة بالنزاع محل التحكيم ، وتحديده الحدیدا نافيا للجهالة ، ويحول دون النزاع فيه مستقبلا ، إذ إن مشارطة التحكيم لا للبرم إلا بعد نشوء النزاع المراد تسويته تحكيميا ، ويترتب على ذلك نتيجة هامة .

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو هل عرف الفقه الإسلامي هذه التفرقة بين صورتي الاتفاق على التحكيم بما يترتب عليها من نتائج؟ أم أن الوضع في نطاق الفقه الإسلامي مختلف؟

إن من يطالع أمهات كتب الفقه الإسلامي لا يجد في أي منها أية إشارة صريحة إلى إقرار التمييز بين الشرط والمشارطة ، إذ إنها تتحدث عن التحكيم في زاع نشأ فعلا ، وهو ما يقابل مشارطة التحكيم في نطاق القانون الوضعي، ولم تعرض هذه الكتابات لمدى جواز الاتفاق المسبق على عرض نزاع محتمل لم ينشأ بعد على التحكيم. ، ولكن هذا لا يعني رفض فقهاء الشريعة الإسلامية للاتفاق المسبق على اللجوء للتحكيم ، ذلك أن الفقه بصفة عامة وليد احتياجات البيئة التي يعمل في نطاقها ، ولا شك أن ظروف الحياة الاقتصادية والتجارية لم تكن تستدعي مثل هذا الاتفاق ؛ ولذا لم يهتم به فقهاؤنا العظام ، ولو أثاره الواقع العملي لكتبوا فيه من نتاج ذهنهم الذي ملا طباق الأرض علما ما يكفي عن مزید طلب. وبالرجوع إلى الأصل الشرعي للعقود نجد أن الفقه الإسلامي قد أكد على حرية العقود ووجوب الوفاء بها ، وجواز التعاقد في أي صورة يريدها الأطراف ويرون فيها تحقيق مصالحهم متى التزمت حدود الشرع ولم تجاوزها، ذلك أن الحق سبحانه وتعالى قال " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " كما قال المصطفی

ثانيا : تحديد القواعد الموضوعية واجبة التطبيق على محل النزاع :

 سبق وأن عرضنا للقواعد الموضوعية المتعلقة بالنزاع أمام القضاء أو أما الحكيم وأجرينا مقابلة بينها وبين القواعد الإجرائية التي تحكم النزاع ، ولأنه من المقرر في مجال المعاملات الشرعية وجود نوعين من القواعد الموضوعية ، النوع الأول يتعلق بالثوابت التي لا تختلف باختلاف الآراء ولا تتعدد بتعدد المذاهب ، وهي تعد بمثابة الأصول الثابتة والأسس التي لا يجوز مخالفتها أو الخروج عنها ، بينما يتعلق النوع الثاني من تلك القواعد بالمسائل الخلافية والتي تعد مجالا خ صبا الإعمال ملكة الاجتهاد الفقهي ، حيث يتباين في شأنها الرأي بتباین نزعات الفقه : الإسلامي ومذاهبة المعتمدة.

. وإذا كانت الطائفة الأولى من القواعد الموضوعية التي تحكم النزاع لا يتوقف إعمالها على اتفاق أو تراض بل ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها ، إلا أن الطائفة الثانية من هذه القواعد تحتاج إلى اتفاق من ذوي الشأن ، لأنها تحتمل أكثر من موقف للمحكم فيتعين على الأطراف تحديد المذهب الفقهي الذي يتعين عليه الحكم وفقا له.

وترجع الإشكالية أمام التحكيم خلافا للوضع أمام القضاء في أن القاضي يعلم تحديدا وبصورة مسبقة القواعد الموضوعية التي سيطبقها على موضوع النزاع ، ذلك أن الأمر في شأن القاضي لا يخرج عن أحد الفروض الآتية:

ففي فرض أول قد يلزم ولي الأمر قضاته بالقضاء وفق مذهب فقهي معين ، و هنا لا شك في ضرورة اتباع ما أمر به ولي الأمر في هذا الصدد ، وفي فرض ثان قد يترك ولي الأمر القاضي ينتقي القواعد الفقهية التي يحكم وفقا لها متى راعی الأصول الشرعية في ذلك ، وهنا إن كان القاضي مجتهدا تعين عليه القضاء .