اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / النظام القانوني لاتفاق التحكيم ( دراسة مقارنة ) / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم
يعد موضوع القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع من أهم قضايا التحكيم ، وذلك لأن اتفاق التحكيم شأنه شأن سائر العقود يجب إسناده إلي قانون معين يحكم شروط انعقاده وصحته ونفاذه ويهئ له السبل لإجبار المتعاقدين علي احترام ما يتولد عنه من التزامات.
ومسألة تعيين القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع أمر لا مفر منه سواء أمام المحكم الذي ينظر النزاع أو أمام القاضي ، حيث تثور هذه المسألة أمام القاضي عندما يرفع أحد طرفي النزاع دعوى ببطلان حكم التحكيم استنادا إلي عدم وجود اتفاق التحكيم أو بطلانه ، كذلك تثور مسألة عندما يقدم إلى القاضي طلب تنفيذ حكم تحكيم ، ففي هاتين الحالتين يتعرض القاضي لمسألة تعيين القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع . وتثور هذه المسألة كذلك أمام المحكم عندما يدفع أحد الطرفين بعدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو عدم شمول اتفاق التحكيم للنزاع المطروح أمامه .
ويمكن القول بوجه عام بأن القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم يحكم مسائل معينة وهي : - وجود شرط التحكيم وصحته. فهذا القانون هو الذي يحكم مدي توافر التراضي وعيوب الإرادة وكذلك المحل والسبب ، وقد تثور مسألة وجود اتفاق التحكيم وصحته أمام القاضي عندما يكون النزاع مطروحة أمامه ويطلب منه التخلي عن اختصاصه لهيئة التحكيم استنادا إلى الأثر المانع الاتفاق التحكيم علي النحو السابق بيانه ، ففي هذه الحالة يتعرض القاضي المسألة لصحة أو بطلان اتفاق التحكيم ، وكذلك تثور هذه المسألة أمام هيئة التحكيم عندما تفصل في مسألة اختصاصها ، فهي تتصدى لتقرير مدي وجود اتفاق التحكيم وصحته بوصفه مسألة أولية قبل التعرض الموضوع النزاع. وفي هذه الحالات جميعا فإن مسألة تقدير وجود اتفاق التحكيم وصحته تخضع للقانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع.
٢- الآثار التي تترتب على اتفاق التحكيم : فهذا القانون هو الذي يحدد اختصاص المحكم بالفصل في النزاع ، وحق هيئة التحكيم في الفصل في
اختصاصها عند المنازعة فيه.
٣- تفسير اتفاق التحكيم : فهذا القانون هو الذي يخضع له قواعد التفسير المقررة بالنسبة للعقود ، وذلك عند غموض اتفاق التحكيم وحاجته إلي تفسير لاستجلاء معاني العبارات ، ومن أهم هذه القواعد أن نصوص العقد يفسر بعضها بعضا ، والاستهداء بطبيعة التعامل والعرف الجاري في المعاملات استظهارا لنية الأطراف المشتركة.
4 - أن هذا القانون هو الذي يقرر اختصاص القضاء الوطني بالمسائل المتعلقة
بالتحكيم وحدوده وكيفية وضعه موضع التنفيذ.
ويمكن القول أيضا بأن هناك ثلاث مسائل تخرج عن نطاق تطبيق القانون الواجب التطبيق علي موضوع النزاع وهي :
أولا : الأهلية : فعلى الرغم من أن الأهلية تعد من المسائل المتعلقة باتفاق التحكيم ، إلا أنها لا تخضع للقانون الذي يحكم هذا الاتفاق ، فمن المستقر عليه وفقا لقواعد القانون الدولي الخاص في مختلف دول العالم خضوع الأهلية للقانون الشخصي للطرف المتعاقد على النحو السابق بيانه في هذا الدراسة. ويمكن القول بان الأنظمة القانونية في العالم منقسمة بشأن تحديد معني القانون الشخصي إلي تحديد هذا القانون بين قانون مقر التحكيم ، والقانون الذي يختاره الأطراف ، فقد يتفق الأطراف علي إخضاع صحة اتفاق التحكيم - من حيث الشكل - لقانون معين ، قد يتمثل في القانون الذي يحكم صحته من حيث الموضوع ، أو في قانون بلد إبرام اتفاق التحكيم .
وبعد استعراض نطاق تطبيق القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم بوجه عام ، فإنه يبقي أن نحدد القانون الذي يحكم موضوع النزاع ، وإذا كان الأصل أن يتم تطبيق القانون الذي يتفق عليه الأطراف ، فإن الفقه والتشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية قد اختلفت في تحديد هذا القانون في حالة تخلف اتفاق الأطراف ولذلك فإننا نقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب :
١- خضوع اتفاق التحكيم لقانون الإرادة.
۲- تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم في حالة تخلف الإرادة.
۳- موقف التشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية من ذلك القانون.