إن اتفاق التحكيم هو الأساس الذي يستمد منه التحكيم – كنظـام لـفـض النزاع بين أطرافه - وجوده وينبني عليه في الأصل ، فمن ثم أضحت لـشروط صحة هذا الاتفاق الأهمية البالغة ، حيث بتوافر تلك الـشروط يتحـصـن اتفـاق التحكيم من الوقوع في شرك البطلان .
هذا بالإضافة إلى أنه إذا لم تتوافر لهذا الاتفاق الشروط الواجب توافرها لصحته ، أضحى غير قادر على ترتيب أي أثر ، ومن أهم تلك الآثـار التـي تترتب على اتفاق التحكيم الصحيح بل أكثرها أهمية ، مسألة سـلـب اخـتـصـاص القضاء وجلب الاختصاص لهيئة التحكيم ، أي انعقاد الاختصاص لهيئة التحكــم بنظر النزاع موضوع اتفاق التحكيم وعلى الجانب الآخر يتقرر عدم اختصاص اجهات القضاء بنظره بعد أن كانت هي المختصة به قبل وجـود اتفـاق تحكــم صحيح ، وبالتالي ينعقد الاختصاص بنظر النزاع لهيئة التحكيم متى وجد اتفـاق التحكيم الذي توافرت له شروط صحته .
والجدير بالذكر أن اتفاق التحكيم كأي اتفاق بين طرفين أو أكثر لابد وأن تتوافر فيه الشروط اللازمة لأى اتفاق يرتب بين أطرافه حقوق والتزامات كتوافر الرضا والأهلية والمحل والسبب وهي الشروط الموضوعية العامـة لـصحة أي اتفاق ، وكذلك هي الشروط اللازمة لنشأة الاختصاص التحكيمي .
هذا بالإضافة إلى بعض الشروط الموضوعية الخاصة باتفاق التحكيم فقط ، نظراً لخصوصية هذا الاتفاق بالنظر إلى الموضوع المتفق عليه ، وهي التـي تمثل الشروط اللازمة لانعقاد اتفاق التحكيم، وأهمها مسألة تحديد موضوع النزاع المراد حله بطريق اتفاق التحكيم إضافة إلى مسألة تحديد المحكمين مـن حيـث أسلوب وطرق تعيينهم وإلا بطل شرط التحكيم .
ونظراً لخطورة الأثر الجوهري الذي يترتب علـى هـذا النـوع مـن الاتفاقات ، ألا وهو سلب اختصاص قضاء الدولة وجلب هذا الاختصاص لصالح قضاء خاص هو التحكيم ، فكان لابد من الضروري التأكد مـن وجـود اتفـاق التحكيم ، ويتحقق هذا التأكيد بكتابة اتفاق التحكيم كشرط شكلي لانعقاد الاتفاق .