الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / اتفاق التحكيم في قانون التحكيم الجديد

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    204

التفاصيل طباعة نسخ

اتفاق التحكيم في قانون التحكيم الجديد:

     يعرف المشرع المصرى اتفاق التحكيم بالمـادة الأولى منه وكذلك المـادة الرابعة ثم يكرر تعريف التحكيم بالمادة العاشرة ويسمح بصورتيه التقليديتين (الشرط والمشارطة) كما ينظم اتفاق التحكيم بذات المادة وذلك بثلاث فقرات هي على التوالي:

   أولا : الفقرة الأولى من "المادة العاشرة" تؤكد تعريف التحكيم وتجيز ابرامـه قبل قيام النزاع وبعد قيامه حيث تقول:

   "اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء الى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية".

   يتضح من النص السابق ما يأتي:

1- يحقق النص مرونة كبيرة في تقرير وجود اتفاق التحكيم بصورتيه التقليديتين فتجـاوز بذلك غالبية نظم التحكيم المقارنة:

    الصورة الأولى هي : اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) وهذا الاتفاق يتم عند اتمـام العـقـد وقبـل حدوث النزاع فلا ينتظر فيـه أطـراف العلاقة القانونيـة نشـوب النزاع، وإنمـا يسبقون الحـوادث نيتفقون على التحكيم مقدماً في العقد الذي يبرمونه أو باتفاق مستقل قد يكون لاحقاً للعقد ولكنه على أية حال سابق على قيام النزاع.

   ولشرط التحكيم فائدة وقائية إذ يستبعد الاختلاف والتعطيل في مسار عرض النزاع تحكيمـاً أو قضاء والذي قد ينجم عن إبرام مشارطة التحكيم.

   والصورة الثانية هي: اتفاق التحكيم عند نشوب النزاع وبعد قيامه (مشارطة التحكيم) فهو نزاع قائم بالفعل.

   وتبدو فائدة الصـورة الثانية للتحكيم (المشارطة) في حالة عدم ادراج الأطراف شرط التحكيم عند ابرام الاتفاق الأصلي.

   والواقع أن اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) هو الأكثر شيوعا في التطبيق من الناحية العمليـة لأنه يبرم في وقت تسوده روح الود بعكس اتفاق التحكيم (المشارطة) الذي يبرم بعد وقوع النزاع مما يصعب معه ابرام اتفاق تحكيم.

2 - يتفادى المشرع استعمال تعبیری "شرط التحكيم" و"مشارطة التحكيم" ويستخدم للدلالة على ادماجهما في مفهوم موحد التسمية التي سارت شائعة الآن وهي "اتفاق التحكيم Convention" فتعبير اتفاق التحكيم الذي شاع استعماله مؤخراً تعبير واسع يقصـد بـه أن يشمل الصورتين التقليديتين المعروفتين وهما شرط التحكيم ومشارطة التحكيم .

   ويعكس تعبير اتفاق التحكيم حقيقة قانونية مقتضاها وحدة الظاهرة محل البحث، وليس فقط لمجـرد الرغبة في ضم الصورتين تحت عنوان واحد.

3 – يحرص المشرع على ابراز الصورتين اللتين يمكن الأخذ باحداهما في "الاتفاق على التحكيم" لتأكيد أن التنظيم الذي أتى به يشمل هـذا الاتفاق في أي مـن صورتيه، دون أن يختـص أحدهما بقيود خاصة للاعتراف بها أو يفردها بمعاملة أدنى مرتبة، ووضعهما على قدم المساواة من حيث الطبيعة القانونية واستقلالهما ومدى القوة الالزامية لهما.

   وهو نفس الاتجاه الذي أخذه من قبل قانون المرافعات المصرى الملغي (المادة 505) وهو أيضا الاتجاه الغالب الآن في القانون المقارن الحديث، ومـن قبـل اتفاقيـة نيويورك لسنة ١٩٥٨ (المادة ٢) منها، والقانون النموذجي للتحكيـم التجاري الدولي "Model Law" (المادة 7) منه .

4 - يؤكد المشرع تشجيعه للتحكيم ويسمح به في أي علاقة قانونية بين الأطراف يتفق بمناسبتها على التحكيم يمكن أن تكون تعاقدية أو غير تعاقدية"، وبعبارة أخرى سواء كانت هذه العلاقة نتيجة عقد أو نتيجة تصرف أساسه الإرادة المنفردة. فيجوز أن ينصب الخلاف على علاقة قانونية محددة شمول ذلك الخلافات المتعلقة بعلاقة قانونية قائمة حتى ولو كان أساسها مسئولية تقصيرية غير تعاقدية.

   فإذا كان المألوف أن يرد الاتفاق على التحكيم بمناسبة عقد يبرمـه الأطراف، فإن المشرع المصرى قد كشف عن ضرورة تقنين الاتجاه الغالب الذي يجعل نطاق العلاقات التي يمكن أن يشملها التحكيم من الاتساع بحيث يضم صور المسئولية غير العقدية الناشئة عن عمل غير مشروع أو عن إثراء بلا سبب، بما في ذلك المنافسة غير المشروعة والتصادم والإنقاذ البحرى والمسئولية عن حوادث النقل البري والبحري والجوي والتلوث وما الى ذلك من مجالات حديثة يلعب في شأنها التحكيم دوراً هامـاً بـالضرورة. سبق أن وضحنـا عـدة أمثلة لتلك العلاقة راجع ما سبق صفحة 177 وما بعدها .

   وكما سبق القول لايتصور أن يتم الاتفاق على التحكيم في علاقة قانونية غير عقدية إلا بعـد نشوء النزاع بموجب مشارطة تحكيم، حيث لا يتصور أن يكون نتيجـة شـرط حيث ان الشرط لا يرد إلا في العلاقة التعاقدية أو الناشئة . عن عقد.

   ويتفق نص (المادة ١/١٠) من هذا القانون مـع مـا جـاء باتفاقية نيويورك والتي حرصت على استبعاد أية شبهة ممكنة حول مفهوم ونطاق العلاقة القانونية الناشئ عنها الخلاف، حيث أنصحت المادة الثانية في فقرتها الأولى عن أن العلاقة المعنية والتي يتفق بمناسبتها على التحكيم يمكن أن تكون تعاقدية أو غير تعاقدية.

   وكذلك يتفق القانون المصرى مع القانون النموذجي في هذا الخصوص حيث تكون الإحالة الى التحكيم بشأن علاقة أو علاقات قانونية محددة، ويستوى بعد ذلك أن تكون هذه العلاقة أو تلك تعاقدية مثل البيع أو غيرها مثل العمل غير المشروع والاثراء بلا سبب وغيرهم (المادة 1/10 مصرى والمادة 1/7 نموذجي).

ثانيا : الفقرة الثانية من "المادة العاشرة" جاءت لتوضح أكثر وتؤكد مفهوم اتفاق التحكيـم حيث تقول:

    "يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين، وفي هذه الحالة ي يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار اليه في الفقرة الأولى من (المـادة 30) من هذا القانون، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت فـي شـأنه دعـوى أمام جهـة قضائية ، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم والا كـان الاتفاق باطلا .

   يتضح من النص السابق أن المشرع المصرى زاد الأمر ايضاحا ومرونة حيث يشرح لنا مرة ثانية صورتي التحكيم ويضع لهما ضوابط سوف نوضحها كما يلي:

1- بالنسبة لشرط التحكيم

( أ ) يسمح المشرع باتفاق التحكيم السابق على قيام النزاع مستقلا ماديا بذاتـه عـن العقد أو اذا ورد هذا الاتفاق في صلب العقد ذاته ، فكلتا المسألتين لهما نفس الآثر القانوني، فيلتزم به أطرافه.

(ب) يضع المشرع ضابطاً فيشترط لكي يكون شرط التحكيم صحيحا أن يحدد موضـوع النزاع في بيان الدعوى المشار اليه في (المادة 30) من هذا القانون، والا كـان الاتفاق باطلا. فالأمور الخارجة عن نطاق الشرط لا يمتد اليها أثر اتفاق التحكيم.

(جـ) لم يسمح المشرع بتقديم بيان الدعوى أثناء المرافعة، لأنه ليس من المنطق أن يبدأ المحكمـون عملهم ابتداء دون أن يعرفوا ما سوف يحكمون فيه رغم أن موضـوع النزاع معروف فالمحكم يحتاج لمعرفة ما سيفصل فيه حتى يقبل مهمته فقد لا يقبل مهمة التحكيم اذا عرف المهمة ابتداء.

(د) يفرق المشرع بين بيان الدعوى "Statement of Clear في اتفاق التحكيم وطلب التحكيـم "Notes of Arbitration" الذي تبدأ به إجراءات التحكيم ( بالمادة ٢٧) من هذا القانون. وهو اتجاه لم يكن موجودا في قانون المرافعات المصرى الملغي.

   ويتفق نص (المادة ٢/١٠) فيما يتعلق باشتراط تحديد النزاع في بيان الدعـوى مـع قواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة "Uncitral" (المادة ١٨) منهـا ومع القانون النموذجي "Model Law" (المادتين ۲۱ ، ۲۳ ) منه.

المقصود بتحديد موضوع النزاع:

   يقصد بتحديد موضوع النزاع تحديد موضوعه أي مجموع الادعاءات المتبادلة التي يدعيهـا الخصوم. والادعاء هو محل طلب الخصم. ويجب أن يتحدد موضوع النزاع أي موضوع القضيـة بشكل واضح . فلا يكفي لتحديد موضوع النزاع أن يعالج هذا الموضوع في عبارة مبهمـة كـالقول بأن الموضوع هو تصفية جميع المشاكل المتعلقة بين الأطراف ، ومن جهة أخرى، لا يلزم أن يتحدد موضوع النزاع بشكل تفصيلي فيكفي أن يقال أن موضوع النزاع هو حسم جميع الخلافات التي تنشأ بمناسبة دعوى معينة.

   أو أن موضوع شرط التحكيم هو جميع الخلافات التي قد تثور أثناء وجود شركة معينة أو أثناء تصفيتها دون تحديد هذه الخلافات تفصيلا.

   ويجوز بالنسبة لتحديد موضوع النزاع في حالة شرط التحكيم أن ينص في العقـد علـى المنازعات التي قد تنشأ من تنفيذه فيحدد موضوع النزاع عند حدوثة أي عند تولد الوقائع المكونة له ثم يحدد بعد ذلك موضوع النزاع تحديدا كاملا ودقيقا أثناء مباشرة هيئة التحكيم لعملها.

   قيام النزاع يجب لصحته أن ينص في صلب الاتفاق على موضوع النزاع المراد حله عن طريق التحكيم، لأن النزاع وقع وصار شيئا يمكن تبينه. أما إذا تعلق الأمر بشرط التحكيم فإنه لا يلزم ولا يتصور أن يشار فيه الى نزاع بذاته، وانما يرد الشرط عـادة عاماً بالنسبة لأنواع معينـة مـن المنازعات يحددها الشرط نفسه، لأن النزاع يكون أمراً محتملاً غير معين السمات. وإذا قـام أثنـاء تنفيذ العقد نزاع يدخل في إطار المنازعات التي يحددها الشرط فهنا فقط يجب أن يحدد موضـوع النزاع ذاته في بيان الدعوى وفي طلب التحكيم (مادة ٢/١٠) و (المادة ٢٧) من هذا القانون. هذا هو الفارق الوحيد بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم وهو لا يخل بالطبيعة القانونية للاثنين وبالتالي ستكون المعالجة لاتفاق التحكيـم سـواء أخـذ صـورة شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم واحدة.

ثالثا : الفقرة الثالثة من "المادة العاشرة" ويختم المشرع المصرى (المادة ١٠) بقوله:

   ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل احالة ترد في العقد الى وثيقة تتضمن شرط تحكيم اذا كانت الاحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد".

   يتضح أيضاً من النص السابق مظاهر تشجيع المشرع للتحكيم حيث يسمح باعتبار اتفاق التحكيم موجودا وصحيحا سواء أكان الأطراف قد حرروا الاتفاق على عقدهـم أو اكتفـوا بادماجـه عـن طريق الاحالة الى وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم.

   وهذه المسألة تختلف عن تلك التي تندرج تحت الصور السابقة في أن العقـد لـم يشتمل هو ذاته اتفاق التحكيم، وانما جاء ادماج الاتفاق على التحكيم عن طريق الاشارة أو الاحالة في العقد الموقع الى اعتبار شرط التحكيم الوارد في وثيقة أخرى والمحال اليها جزءا مكملا للعقد بحيث تعد الإحالة اليها في مجموعها السند المبرر لتطبيق شرط التحكيم الوارد ضمن بنود تلك الوثيقة. مرتبا الآثار الآتية:

1 – يجوز أن يكون اتفاق التحكيم في شكل إحالة في عقد الطرفين على عقد آخر (وثيقـة أخرى) يتضمن شرط تحكيم. فيتوسع المشرع بهذا النص بدرجة كبيرة فيقرر صراحة أنه يمكن الاحالة في عقد ما الى مستند آخر يتضمن شرطا للتحكيم فيعتبر بذلك الاختصاص منعقدا لهيئة التحكيم. فالاشارة في عقد ما الى مستند يشتمل على شرط التحكيـم يـكـون بمثابة اتفاق تحكيم، وقد وفق المشرع في هذا الاتجاه لأنه لم يتركه للفقه والاجتهاد.

2 - يمنح المشرع أيضا وثيقة التحكيم – وهي مستند يتضمن اتفاقا على التحكيم منفصلة ماديا عن العقد – التي تتضمن شرط تحكيم ذات الاستقلال والآثار القانونية المترتبة على اتفـاق - التحكيم.

3 – يضع المشرع ضابطاً في حالة الإحالة فيشترط لكي يكون شرط التحكيم صحيحاً توافر نص يشير إشارة واضحة وصريحة للإحالة ويشترط أيضاً أن يكون الشرط جزءاً لا يتجزء من العقـد المبرم حيث يمكن عندئذ فقط التأكد من أن نية الأطراف قد اتجهت بالفعل الـى مـد نـطـاقـه ليشمل المنازعات التي تنشأ في ظل العقد الجديد.

    ومن جهة أخرى نلاحظ أن المشرع في (المادة 6) من هذا القانون يكتفي بالإشارة لهذه الوثيقة على اعتبار أن الاشارة لعقد نموذجي يتضمن شرط تحكيم فيعتبر في هذه الحالة أن شرط التحكيم قد تجسد في الاتفاق ويعتبر اتفاقاً متضمناً لشرط التحكيم الموجـود بالعقد النموذجي. ولا شك في قيام شئ من عدم التناسق بين النصين إذ يبدو أن (المادة 3/10) تطلب شرطاً إضافياً لا تطلبه (المادة 6) وهو وضوح إتجاه الارادة الى الأخذ بشرط التحكيم بالذات.

4 - يؤكد المشرع ضمنيا في هذا النص مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) عن العقد حيث يشير النص الى أن الاتفاق قد يكون منفصلا عن العقد. ومعنى الانفصال هنا يتجاوز بالفعل الانفصال المادي.

   وتثور أساساً صورة الإحالة التي ترد في العقد الى وثيقة تتضمن شرط تحكيم كثيرا في مجال عقود النقل البحري في احالة سند الشحن الى مشارطة إيجار سفينة تتضمن شرط تحكيم. فقد ينص في عقد نقل البضائع على سريان كافة شروط عقد استئجار السفينة ، ويحتوى هذا العقد الأخير على اتفاق التحكيم (شرط تحكيم). فيثور السؤال هل يقر بوجـود اتفاق التحكيم لاخضاع المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحرى (نقل البضائع) لنظام التحكيم الوارد في عقد استنجار السفينة رغم أن أطراف التعاقد يختلفون في كلا العقدين وليست هناك علاقة ولو غير مباشرة تربط المستفيد في عند النقل البحرى بمالك السفينة؟

   وبعبارة أخرى هل يعتبر سند الشحن متضمـاً لشرط التحكيم لمجرد احالته الى مشارطة ايجار السفينة التي تتضمن مثل هذا الشرط ؟ ونفس الفرض قد نواجهه بالنسبة لعقود التعاون الدولي في مجال التصنيع ومبتكرات التكنولوجيا الحديثة.

   أن نص (المادة ٣/١٠) من قانون التحكيم الجديد يؤكد قضاء النقض المصرى السابق على أنه إذا كانت الاحالة واضحة وصريحة على شرط التحكيـم فـإن شرط التحكيم الموجود في مشارطة إيجار السفينة يسرى على سند الشحن. لأنه بهذه الاحالة يعتبر سند الشحن متضمناً لاتفاق التحكيم. لكن إذا كان الأمر يتعلق بإشـارة مـعمـاة فهذا لا يكنى بإحالته. فالقاعدة إذن هي ضرورة توافر نص يشير إشارة واضحة وصريحة للإحالة. بل لقد أضـاف نـص (المادة 3/10) شرط آخر هو أن يكون هذا الشرط جزءاً من العقد.

   وعلى هذا الأساس يمكن القول بتقرير اتفاق التحكيـم سـواء أكـان نـص التحكيم واردا في نموذج محال اليه بوصفه كذلك أو في عقد قائم تربطه بالتعاقد الجديد صلـة جدية، فالعبرة بالتأكد من أن ارادة الأطراف قد اتجهت بالفعل الى مد نطاق اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) ليشمل العلاقة التي ينشأ بمناسبتها النزاع وتوافرت فيهـا شروط صحتها ويتحقق ذلك بكـون الوثيقة التعاقدية تحتوى على اشارة مباشرة وصريحة لشرط التحكيم تفيـد أنـه كـان محل اعتبار الأطراف وقت التعاقد. بل وعلى اعتبار أن الشرط جزء من العقد.

    وعلى ومن ثم يتعين علينا أن نقول بضرورة الحذر عند تقييـم فكرة الارتباط للتأكد من وجـود صلة جدية في خصوص التحكيم بين العقد القائم المحال اليه والعقد الجديد المتضمن الاحالة . سبيل المثال البحث عن وجود صلة جدية في خصوص التحكيم بين عقد استئجار السفينة وعقد الشحن البحرى أي عقد نقل البضائع أو بين عقد المقاولة الأصلى وعقود المقاولين من الباطن. لأنه قد يختلف العقدان في طبيعتهما على نحو يجعـل مـن الصعب تصور امكانـه مـد شـرط ومد اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) ليضمهما معا في كيان واحد.

   ويشترط أن تكون العلاقة القانونية التي يغطيها اتفاق التحكيم محددة من مقتضاها أن الأمور خارجة عن ذلك النطاق لا يمتد اليها أثر اتفاق التحكيم. وضرورة التأكد من وجود دلالة كافية على انصراف نية الأطراف الى قبول التحكيم عن طريق تضمين العقد اشارة واضحة الى مد نطاق اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) الوارد في العقد الآخر.

الاحالة في اتفاقية نيويورك والقانون النموذجي

   يتوافر اتفاق التحكيم المكتوب والملزم بصدد المسألة المطروحة وهي الاحالة التي ترد في العقد الى وثيقة تتضمن شرط التحكيم تطبيقا لمفهوم (المادة ٢) من اتفاقية نيويورك كقاعدة أصلية بالنسبة للمعاملات الدولية وكذلك تطبيقا مع ما جاء صراحة بالفقرة الثانيـة مـن (المادة 7) مـن القانون النموذجي "Model Law".