اتفاق التحكيم ، في صورة شرط تحكيم ، والذي تعرفه طائفة من الفقه)، بأنه ذلك الاتفاق ، الذي يدرج في عقد ما ، يتعهد بمقتضاه ، طرفا العقد ، بأن يحيلا إلى التحكيم الأنزعة ، التي قد تنشأ عن هذا العقد .
ويمكن تعريف شرط التحكيم ، بأنه الاتفاق ، الذي تتجه إرادة الأطراف بمقتضاه إلى حل المنازعات التي قد تنشأ عن عقد ما، سواء تمثل هذا الشرط في صورة بند من بنود العقد أم في صورة منفصلة عن الوجود المادي للعقد .
ويستطيع الأطراف ، إبرام مشارطة التحكيم ، قبل الالتجاء للقضاء، كما يمكنهم إبرامها ، حتى ولو كان النزاع أمام جهة القضاء العادي ، سواء كان ذلك أمام محاكم الدرجة الأولى أم الدرجة الثانية ، وحتى ولو أمام محكمة النقض . ويجوز إبرام المشارطة، ولو كانت القضية في المداولة ، ولم يصدر فيها حكم.
وجدير بالذكر ، أن إلقاء الضوء ، على مفهوم اتفاق التحكيم ، له أهمية كبيرة ، نظرا لأن هناك بعض التشريعات ، قبل أن تسوى بينهما في المعاملة ، كانت تفرق بين شرط التحكيم ومشارطته ، مثل القانون الهولندي الصادر سنة 1938، وقانون الإجراءات المدنية اليوناني الصادر سنة 1834 والقانون الصادر سنة 1903. ولما ظهر إلى الوجود بروتوكول جنيف المبرم سنة 1923، تبنى القانون اليوناني ما جاء به بمقتضى المرسوم رقم 4/27 لسنة 26، والذي عدل بمقتضى القانون رقم 5013 لسنة 31، ولكنه اقتصر على القانون التجاري فقط، بل إن بعض القوانين أجازت شرط التحكيم في المعاملات الدولية دون المعاملات الوطنية .
الوعد بالتعاقد هو عقد ملزم لجانب واحد ، ألا وهو الواعد الذي يلتزم خلال مدة معينة بإبرام العقد الموعود به ، إذا ما اتجهت إرادة الشخص الموعود له ، خلال نفس الفترة الزمنية ، إلى إبرامه . وإن كانت المادة 1/101 من القانون المدني المصري ، تدل على أن الوعد يكون ملزما للجانبين ، إلا أن الوعد بالتعاقد لا يكون بالضرورة ، إلا ملزما لجانب واحد . أما الوعد الملزم للجانبين ، فهو من الناحية القانونية عقد تراخي تنفيذه باتفاق طرفيه مدة معينة لسبب ما ، ولا يمكن أن يكون وعداً . إذن فشرط التحكيم هو عقد - وليس وعداً - اتجهت بمقتضاه إرادة طرفيه ، إلى حل ما ينجم من منازعات بينهما منطقة بعقد ما ، عن طريق التحكيم .
2- وشرط التحكيم ، أن الأول ، يجب أن يكون مقترنا بمدة معينة ، يلزم أن تتجه خلالها، إرادة الأطراف ، إلى إظهار الرغبة في التعاقد ، سواء تم تحديد هذه المدة صراحة ، أم ضمنا . فإذا لم يشتمل الوعد الملزم لجانب واحد عليها ، فإنه يبطل . أما إذا كان الوعد ملزما للجانبين، وخلا من المدة ، فإنه يعتبر عقدا نهائيا . ولما كان شرط التحكيم لا يقترن بمدة ما ، فإنه يعتبر عقدا نهائيا ، وليس وعدا ملزما للجانبين .
3- وشرط التحكيم، اختلاف الآثار القانونية ، لكل منهما . فالأول لا يترتب عليه أي من الآثار القانونية العقد المراد إبرامه ، كل ما هناك ، إذا أخل الواعد به فإن الشخص الموعود له ، يستطيع أن يرجع عليه بالتعويض وذلك إذا حدث النكول أثناء المدة وقبل إعلان الرغبة . وإذا حدث النكول بعد انتهاء المدة ويد إعلان الرغبة فوفقاً لنص المادة 102 مدني إذا قام الموعود له برفع دعوى على الواعد طالبا تنفيذ العقد الموعود به وكانت شروط العقد متوافرة بما فيها الشكل فإن الحكم متى حاز قوة الشيء المقضى يقوم مقام العقد.
4- وإذا كان شرط التحكيم مجرد وعد بالتعاقد ، لترتب على ذلك أن العقد الذي يتضمنه إذا كان باطلا انسحب على شرط التحكيم أيضا ، وهذا يتنافى مع فكرة استقلال شرط التحكيم .
5- اعتبار شرط التحكيم مجرد وعد بالتعاقد ، يثير صعوبات كثيرة، نظرا لأنه يترتب عليه التزام الأطراف بإبرام مشارطه تحكيم ، وذلك فى وقت يكون النزاع بينهم قد نشأ فيتوجس كل طرف بالآخر خيفة ، مما قد يغلق أمامهم كل السبل للجلوس سويا لإبرام تلك المشارطة.
ويمكن أن نقول أيضا ، أن الاتجاهات التشريعية الحديثة المتعلقة بالتحكيم في الكثير من دول العالم بصرف النظر عن توجهاتها ، تذهب إلى عدم التفرقة بين شرط ومشارطه التحكيم . مثال ذلك المادة 1029 من قانون الإجراءات المدنية الألماني ، والمادة الأولى من قانون التحكيم السويدي والذي دخل حيز التنفيذ منذ 82/1/1 ، والمادة 178 من القانون الفيدرالي السويسري المتعلق بالقانون الدولي الخاص والصادر في87/12/18 ، والمادة 868 من قانون الإجراءات المدنية اليوناني الحالي والصادر بالقانون رقم 44 فی
موقف القانون الإنجليزي:
أما عن موقف القانون الإنجليزي ، فنجد أنه إتجه منذ بداية تنظيم التحكيم اتجاها ، لم يحد عنه ، ولم يقيده ، ألا وهو عدم وجود أدنى التفرقة بين شرط التحكيم ومشارطه التحكيم ، فوضعهما في مرتبة واحد، بعكس بعض القوانين الأخرى ، التي ترددت في موضوع التسوية بينهما .
ويورد الأستاذ / .Mark S. W، تعریف اتفاق التحكيم في قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة 1950، بعد قوله بوجوب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ، حتى يخضع لهذا القانون بأنه :
«هو اتفاق مكتوب ، تخضع بموجبه المنازعات السابقة أو المستقبلة للتحكيم ، وسواء كان المحكم معينا بالاسم أم لا». .
أما قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة 1996، فنجد أن الفقرة الأولى من المادة السادسة ، تنص على أن اتفاق التحكيم هو «أي اتفاق يحيل إلى التحكيم النزاعات الناشئة ، أو التي ستنشأ ، سواء كانت النزاعات عقدية أم غير عقدية» .
وبذلك يكون قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة 96، قد اقتفى أثر القوانين المسابقة عليه ، وجعل شرط ومشارطه التحكيم ، في مرتبة واحدة .
موقف القانون المصري :
أما عن موقف القانون المصرى من هذه المسألة فبتسليط الضوء على الأعمال التحضيرية لمجموعة المرافعات الصادرة سنة 1949 ، نجد أن أحد أعضاء مجلس النواب، قد هاجم إدراج شرط التحكيم في العقود قائلا بأنه «فيما يتعلق بالتحكيم ، فإنه وإن لم يدخل عليه تعديلات ، إلا أنه مما جدير بالإشارة إليه ، أننا نستقبل قريبا انتهاء المحاكم المختلطة ، وقد ترامت في الجو اتجاهات ، وأقوال ، تنم عن أن هناك رغبة في استخدام التحكيم ، وسيلة للتخلص من القضاء الوطني ، بحيث يفرض في العقود التي تبرم مع المدينين ، على أي وضع كان شرط عام ، يفرض التحكيم فرضا ، وأن تنظم لهذا التحكيم هيئة هي خليط من المصريين والأجانب ، لكي تقضي طبقا للنص المفروض بحكم العقد كنص عام . وإنما أجهر من فوق هذا المنبر بأن هذا الاتجاه إن صح وأخذ طريقه إلى الوجود فإنه يعتبر امتدادا لقضاء المحاكم المختلطة على نحو آخر . لذلك كانت هناك اتجاهات في كثير من التشريعات أن ينص على أن شرط التحكيم العام ، الذي يفرضه الخصوم بعضهم على بعض في عقودهم ، يكون باطلا .، لأن فكرة التحكيم هي فكرة وجود النزاع وقيامه بين الخصوم ، وهم أحرار في أن يتجهوا إلى القضاء ، أو إلى التحكيم» .
موقف القانون الإتفاقی :
أما عن موقف القانون الاتفاقي ، فنجد أن بروتوكول جنيف المبرم في 24 ديسمبر سنة 1923، كان أول من نادي بمعاملة شرط التحكيم ومشارطه التحكيم على قدم المساواة ، حيث يتضح من نص المادة الأولى منه أنها لم تفرق مطلقا بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم باعترافها بصحة شرط التحكيم ، ليس فقط بالنسبة للمسائل التجارية ، بل بالنسبة لأي مسألة تخضع للتحكيم .
ويمكن القول أن اتجاه بروتوكول جنيف في هذا الصدد ، شجع الدول التي كانت مترددة في الأخذ في تشريعاتها بالتسوية بين شرط التحكيم ومشارطه التحكيم ، إلى تبنى موقف واضح ، عملت بمقتضاه ، علی وضعهما في مرتبة واحدة .