الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / الكتب / بطلان حكم التحكيم / موقف الفقه والقضاء من مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. خالد أحمد حسن
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    666
  • رقم الصفحة

    161

التفاصيل طباعة نسخ

 

 يثار التساؤل هنا هل موضوع اتفاق التحكيم من طبيعة إجرائية أو طبيعة عقدية؟ فإذا قيل إنه من طبيعة إجرائية فإن معنى ذلك خضوع اتفاق التحكيم من حيث الصحة والبطلان إلى قانون مقر التحكيم. أما إذا قلنا بأن هذه المسالة تعد مسألة عقدية فإن معنى ذلك تطبيق قانون الإرادة.

يذهب الاتجاه المؤيد للطبيعة الإجرائية لاتفاق التحكيم، إلى تطبيق قانون مقر التحكيم، حتى يمكن معرفة ما إذا كان اتفاق التحكيم صحيحاً، أم باطلاً.

ولقد أكدت ذلك محكمة النقض المصرية، هذا الاتجاه بقولها، وحيث أن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت، أن شرط التحكيم المنصوص عليه في مشارطه الإيجار، قد نص على أن يسوى النزاع في لندن طبقا لقانون التحكيم الإنجليزي لسنة 1950، وكان المشرع، قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج، ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في شان تقرير صحة شرط التحكيم، إلى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه، بشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام. وإذا كان الطاعن لم يقدم الدليل على القانون الإنجليزي المشار إليه، باعتباره واقعة، يجب أن يقيم الدليل عليها، حتى تليين المحكمة، مدى صحة ما ادعاه من بطلان شرط التحكيم لمخالفته للنظام العام.

 وكان الحكم المطعون فيه، اعتبر هذا الشرط، صحيحاً فإنه لا يكون قد خالف القانون، أو أخطا في تطبيقه.

 كما أيدت محكمة النقض المصرية هذا الاتجاه بقولها بأنه «لما كان الثابت أن شرط التحكيم الوارد بمشارطه الإيجار موضوع الدعوى قد نص على إحالة كل ما ينشا عنها من نزاع إلى التحكيم، ولم ير في ذلك ما يمم النظام العام في مصر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه. قد تطرق بعد أن - قضى بسقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم -، إلی اعتبار هذا الشرط باطلاً لعدم تضمنه أسماء المحكمين، طبقا لما أوجبته المادة 3/200 مرافعات، فإنه يكون، قد أخطأ في تطبيق القانون بإخضاعه هذا الشرط للقانون الإنجليزي الواجب التطبيق، ولا محل للقول باستبعاد أحكام القانون الإنجليزي لمخالفتها لنص المادة 3/502 مرافعات - علی فرض صحة ذلك - إذ أن مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق. وفق المادة ۲۸ من القانون المدني، هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر، أي متعارضة مع الأسم الاجتماعية، أو السياسية، أو الاقتصادية أو الخلقية، في الدولة، مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع، بما لا يكفي معه، أن تتعارض مع نص قانوني أمر، وإذا كانت المادة 3/502  مرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطه التحكيم، أو في اتفاق مستقل لا تتعلق بالنظام العام على النحو السالف بیانه، فإن مخالفتها لا تنهض مبررا لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق.

كما أكدته المحكمة أيضا يقولها بأنه «لما كان الثابت في الدعوى أن شرط التحكيم الوارد بسند الشحن قد نص على إحالة كل ما ينشا من نزاع إلى ثلاثة محكمين بمدينة جوتنبرج، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج، ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم وترتيب آثاره إلى قواعد القانون السويدي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه، بشرط ألا يكون في قواعد ذلك القانون، ما يخالف قواعد النظام العام في مصر. وإذ كانت المادة 3/502 من قانون المرافعات، بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في اتفاق التحكيم أو اتفاق مستقل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، تتعلق بالنظام العام، فإن مخالفتها، لا تنهض مبررا لاستبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون، يكون على غير أساس.

انطلاقاً من الفلسفة التي يقوم عليه التحكيم، ومنها مبدأ سلطان الإرادة يذهب السواد الأعظم من الفقه، وأيضاً الاتفاقيات الدولية ذات الصلة - القانون الاتفاقي - إلى تكريس اختيار القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، الذي يحدد صحته، أو بطلانه، على أساس ما اتجهت إليه إرادة الأطراف في هذا الصدد.

ولكن يحق لنا أن نتساءل، هل هذا الاعتراف بقدرة الأطراف على اختيار القانون واجب التطبيق، الذي يمكن عن طريقة معرفة، ما إذا كان الاتفاق صحيحاً، أو باطلاً، يكون بصورة مطلقة من كل قيد، بحيث يختارون أي قانون يحلوا لهم، حتى ولو لم تكن هناك صلة بينه، وبين اتفاق التحكيم، أم أن إرادتهم تتقيد ببعض الأسس الموضوعية، بحيث يجوز لهم اختيار أي قانون، بشرط أن يكون هناك صلة بينه وبين اتفاق التحكيم؟.