تنص المادة العاشرة في فقرتها الأولى من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 على أن: "اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية.
وجاء في المادة (9) من قانون التحكيم الأردني أنه: (اتفاق التحكيم هو اتفاق الأطراف، سواء من الأشخاص الحكمية أو الطبيعية الذين يتمتعون بالأهلية القانونية للتعاقد، على أن يحيلوا إلى التحكيم جميع أو بعض النزاعات التي تنشأ أو قد تنشأ بينهم بشأن علاقة قانونية محددة، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية)، وجاء في الفقرة (ب) من نفس المادة: "ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح".
وفي هذا تقول محكمة النقض المصرية (إن) محكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة بريدان أن يمحص إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليس لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما.. أو يحسموا النزاع بحكم... فرضاء طرية الخصومة هو أساس التحكيم). فاختصاص جهة التحكيم ينظر النزاع ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين.
وجاء في المادة 11 من قانون التحكيم الأردني: (يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابق على نشوء النزاع سواء أكان مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل المنازعات أو بعضها التي قد تنشأ بين الطرفين ) يتم الاتفاق بشأن كل النزاعات على التحكيم، ولو كان النزاع معروضاً على المحكمة وهو ما تنص عليه المادة 10 .ق. تحكيم مصري بقولها : .... يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية). فلطرفي الخصومة أمام المحكمة أن يقررا ترك الخصومة أمامها والاتفاق على عرض نفس النزاع على التحكيم.
وكما سبق أن ذكرنا أن التعبير عن إرادة الطرفين باللجوء إلى التحكيم يتم بإحدى صورتين أحدهما شرط في العقد يضعه الطرفان ويسمى بشرط التحكيم وينص في هذا الشرط عادة على أنه إذا حدث خلاف أو نزاع عن العقد أو في مسألة معينة يصار إلى حلها بالتحكيم. أما الصورة الثانية فهي عقد اتفاق مستقل عن العقد ويسمى بمشارطة التحكيم، وهذا الاتفاق يتم بعد نشوء النزاع أي أن الطرفين يقرران اللجوء إلى التحكيم لحسم النزاع الذي ينشأ عن العقد بينهما، والفرق واضح بين الصورتين أو الحالتين ففي الأولى يتم الاتفاق على حسم النزاع بالتحكيم بالنسبة للمنازعات التي ستنشأ عن العقد مستقبلاً، أما في الثانية فالاتفاق ينصب على حسم النزاع الذي نشأ عن العقد.
وفيما يخص الصيغة التي يجب أن يرد فيها شرط التحكيم فليس هناك صيغة معينة وإنما يجب أن تكون الصيغة واضحة ومحددة المعالم كي لا تثير تفسيرات مختلفة لدى الأطراف المتنازعة أو لدى المحكمين وقد أوردت بعض القواعد التحكيمية الدولية أمثلة على صيغ شرط التحكيم لكي يتمكن الأطراف من الاستئناس بها عند وضعهم للشرط المذكور كما جاء في تلك القواعد، ومن هذه القواعد ما جاء في قواعد التحكيم التي وضعتها الأونسترال حيث جاء في هامش المادة الأولى من القواعد المذكورة النموذج التالي لصياغة شرط التحكيم.... كل نزاع أوخلاف أو مطالبة تنشأ عن هذا العقد أو تتعلق به أو بمخالفة أحكامه او فسخه او بطلانه يسوى بطريق التحكيم وفقاً لقواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي كما هي سارية المفعول حالياً).
يتبين من نموذج الشرط المذكور أنه يحتوي على اتفاق الطرفين على حل النزاعات التي تنشأ عن العقد بالتحكيم، ويحتوي الشرط كذلك على اختيار الطرفين للقواعد التي يجري بموجبها التحكيم كما أن الملحوظة التي وردت في نهاية الشرط جاءت لكي تلفت نظر الأطراف إلى أمور أخرى لها أهميتها في التحكيم المدني و التجاري، وقد ترى الأطراف ضرورة الاتفاق عليها وتضمينها اتفاق التحكيم وهذه الأمور هي تحديد سلطة التعيين وعدد المحكمين، ومكان التحكيم وتعيين اللغة أو اللغات التي يجري بموجبها التحكيم.
في حين نجد في قواعد التوفيق والتحكيم والخبرة للغرف التجارية العربية الأوروبية نماذج لشروط خاصة بالتوفيق أو التحكيم أو الخبرة، وقد جاءت هذه النماذج على شكل بنود توصي الغرف التجارية المذكورة بإيرادها في الاتفاقات التي يراد حل النزاعات الناشئة عنها بالطرق المذكورة، وفي البند الخاص بالتحكيم نذكر الشرط التالي: كل نزاع ينشأ عن هذا الاتفاق أو تكون له علاقة به يحل نهائياً وفقاً الأحكام المتعلقة بالتحكيم الوارد في نظام التوفيق والتحكيم والخبرة للغرف التجارية العربية الأوروبية وذلك إما من قبل محكم واحد أو من قبل عدة محكمين يتم تعيينهم طبقا لهذا النظام.
إن النماذج المذكورة قد أوردناها على سبيل المثال، ويجب أن لا يغيب عن بالنا أن للطرفين كامل الحرية في صياغة شرط التحكيم وتضمينه الأمور التي يرغبان فيها، ومثال ذلك المدة التي يجب فيها إصدار الحكم والشروط التي يجب توافرها في المحكم والقانون الواجب التطبيق على الموضوع وعلى الإجراءات وهل يرغبان في أن تكون المرافعات علنية أم سرية، وإلى غير ذلك من الأمور التي لا تتعارض مع طبيعة التحكيم وقواعد القوانين الأمرة الواجبة التطبيق عند التحكيم
إن اتفاق الطرفين على اللجوء إلى التحكيم يلزمهما باللجوء إليه عند حدوث النزاع وعليه لا يجوز لأحدهما أن يرفض ذلك، وإلا جاز للطرف الآخر أن يطلب هو اتخاذ ما يلزم لحل النزاع بالتحكيم.
ويسقط الاتفاق على التحكيم ويصبح غير ذي أثر بنزول الطرفين عن الاتفاق، وهذا النزول قد يكون صريحا أو ضمنيا.
ويتم النزول الصريح بإبرام الطرفين اتفاقاً جديداً يتضمن صراحة النزول عن اتفاق التحكيم. ويجب أن يتم هذا الاتفاق كتابة، إذ الاتفاق على التحكيم يكون مكتوباً ولا يجوز إثبات عكس ما جاء في الكتابة إلا بالكتابة، ويمكن أن يتم هذا الاتفاق - بالنسبة لشرط التحكيم - قبل نشأة أي نزاع بين الطرفين مما يخضع لهذا الشرط. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون النزول من طرفي اتفاق التحكيم فلا يكفي نزول احد الطرفين عن الاتفاق كما يجب أن يعبر الطرفان صراحة وبوضوح عن إرادة النزول عن التحكيم.
ويستخلص الاتفاق الضمني على النزول من سلوك الطرفين، ويستفاد منه أنهما قد تنازلا عن اتفاق التحكيم. وعادة يتم الاتفاق الضمني بالتجاء أحد الطرفين إلى قضاء الدولة، وسلوك الطرف الآخر سلوكاً ينم عن رضائه بهذا الطريق وتنازله هو الآخر عن طريق التحكيم وقد جرى الفقه والقضاء على إعطاء مثال للنزول الضمني وهو أن يلجأ أحد الطرفين إلى المحكمة بالنسبة لنزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم، فلا يتمسك الطرف الآخر المدعى عليه باتفاق التحكيم أو لا يتمسك به عند بدء الخصومة قبل أي طلب أو دفاع، وبذلك يسقط حقه في هذا الدفع بمجرد عدم إبدائه قبل الكلام في الموضوع.
وبما أن اتفاق التحكيم عبارة عن عقد يتم بين الطرفين فإن صحة هذا الاتفاق ونفاذه لا يكون إلا إذا توافرت فيه الشروط الخاصة بانعقاد العقد من أهلية ورضا ومحل وسبب.