الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / اتفاق التحكيم

  • الاسم

    أ.د فوزي محمد سامي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    109

التفاصيل طباعة نسخ

اتفاق التحكيم

   يمكن ان نميز ثلاث مراحل في التحكيم المرحلة الأولى تبدأ باتفاق التحكيم. والمرحلة الثانية هي مرحلة تشكيل هيئة التحكيم والسير في اجراءاته، أما المرحلة الثالثة فتتعلق بقرار التحكيم وتنفيذه، وطرق الطعن فيه.

   وسوف نتناول بالبحث اولا المرحلة الاولى، وهي اتفاق التحكيم وهذا الموضوع يجرنا الى الحديث عن انشاء الاتفاق وصحته واهلية الاطراف في ابرام اتفاق التحكيم. موضوع الاتفاق اثار الاتفاق، والقانون الواجب التطبيق على الاتفاق.

     أن التعبير عن إرادة الطرفين باللجوء إلى التحكيم يتم بإحدى صورتين إحداهما شرط في العقد يضعه الطرفان ويسمى بشرط التحكيم Clause Compormissoir وينص في هذا الشرط عادة على انه اذا حدث خلاف او نزاع عن العقد أو في مسألة معينة يصار الى حلها بالتحكيم. اما الصورة الثانية فهي ابرام اتفاق مستقل عن العقد ويسمى بمشارطة التحكيم Compormis ، وهذا الاتفاق يتم بعد نشوء النزاع اي ان الطرفين يقرران اللجوء الى التحكيم لحسم النزاع الذي نشأ عن العقد بينهما والفرق واضح بين الصورتين او الحالتين ففي الاولى يتم الاتفاق على حسم النزاع بالتحكيم بالنسبة للمنازعات التي ستنشأ عن العقد مستقبلا اما في الثانية فالاتفاق ينصب على حسم النزاع الذي نشأ عن العقد. 

   ونرى من المفيد ان نورد في هذا الصدد التعريف الذي أورده القانون النموذجي الذي وضعته لجنة القانون التجاري الدولي (UNCIRAL) وذلك في الفقرة الاولى من المادة السابعة. وتحت عنوان تعريف اتفاق التحكيم وشكله بنصه على أن «اتفاق التحكيم هو اتفاق بين الطرفين على ان يحيلا الى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت او قد تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية محددة، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية ويجوز ان يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد او في صورة اتفاق منفصل».

    اما عن الصيغة التي يرد فيها شرط التحكيم فليس هناك صيغة معينة وانما يجب ان تكون الصيغة واضحة ومحددة المعالم كي لا تثير تفسيرات مختلفة لدى الاطراف المتنازعة أو لدى المحكمين وقد أوردت بعض القواعد التحكيمية الدولية امثلة على صيغ شرط التحكيم لكي يتمكن الاطراف من الاستئناس بها عند وضعهم للشرط او وضع الشرط المذكور كما جاء في تلك القواعد، ومن هذه القواعد ما جاء في قواعد التحكيم التي وضعتها الأونسترال حيث جاء في هامش المادة الاولى من القواعد المذكورة النموذج التالي لصياغة شرط التحكيم  .

   كل نزاع او خلاف او مطالبة تنشأ عن هذا العقد او تتعلق به او بمخالفة احكامه او فسخه او بطلانه يسوى بطريق التحكيم وفقا لقواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي كما هي سارية المفعول حاليا». 

   واضيفت ملحوظة الى هذا الشرط حيث جاء فيها : قد يرغب الطرفان في اضافة البيانات التالية :

أ- تكون سلطة التعيين... (اسم منظمة او شخص).

ب - يكون عدد المحكمين ... (محكم واحد او ثلاثة) 

جـ - يكون مكان التحكيم... (مدينة أو بلد).

د- تكون اللغة او (اللغات) التي تستخدم في اجراء التحكيم، هي (        ) .

   يتبين من نموذج الشرط المذكور انه يحتوي على اتفاق الطرفين على حل النزاعات التي  تنشأ عن العقد بالتحكيم، ويحتوي الشرط كذلك على اختيار الطرفين القواعد التي يجري بموجبها التحكيم كما ان الملحوظة التي وردت في نهاية الشرط جاءت لكي تلفت نظر الاطراف الى امور اخرى لها اهميتها في التحكيم التجاري الدولي وقد ترى الاطراف ضرورة الاتفاق عليها وتضمينها اتفاق التحكيم وهذه الامور هي تحديد سلطة التعيين عدد المحكمين مكان التحكيم وتعيين اللغة او اللغات التي يجري بموجبها التحكيم.

   اما عن الغرفة التجارية الدولية فقد جاء في بداية قواعد التوفيق والتحكيم للغرفة المذكورة ما يلي:

    (توصي غرفة التجارة الدولية الاطراف الراغبين بالاشارة الى تحكيم غرفة التجارة الدولية في عقودهم ذات الطابع الدولي ان يضمنونها النص التالي:

ان جميع الخلافات الناجمة عن هذا العقد يتم حسمها نهائيا وفقا لقواعد التوفيق والتحكيم لغرفة التجارة الدولية من قبل محكم واحد أو عدة محكمين يعينون وفقا لهذه القواعد»).

   ونجد في قواعد التوفيق والتحكيم والخبرة للغرف التجارية العربية الاوروبية نماذج لشروط خاصة بالتوفيق او التحكيم او الخبرة وقد جاءت هذه النماذج على شكل بنود توصي الغرف التجارية المذكورة بايرادها في الاتفاقات التي يراد حل النزاعات الناشئة عنها بالطرق المذكورة، وفي البند الخاص بالتحكيم نقرأ الشرط التالي: 

   «كل نزاع ينشأ عن هذا الاتفاق او تكون له علاقة به يحل نهائيا وفقا للأحكام المتعلقة بالتحكيم الوارد في نظام التوفيق والتحكيم والخبرة للغرف التجارية العربية الأوروبية وذلك اما من قبل محكم واحد او من قبل عدة محكمين يتم تعيينهم طبقا لهذا النظام».

   ويلاحظ ان هذا البند لا يختلف عن البند الخاص بشرط التحكيم الذي اوصت به الغرفة التجارية الدولية .

    ان النماذج المذكورة قد أوردناها على سبيل المثال، ويجب ان لا يغيب عن بالنا ان للطرفين كامل الحرية في صياغة شرط التحكيم وتضمينه الامور التي يرغبان فيها، مثال ذلك المدة التي يجب فيها اصدار الحكم والشروط التي يجب توافرها في المحكم والقانون الواجب التطبيق على الموضوع وعلى الاجراءات، وهل يرغبان في ان تكون المرافعة علنية ام سرية، والى غير ذلك من الامور التي لا تتعارض مع طبيعة التحكيم وقواعد القوانين الامرة الواجبة التطبيق عند التحكيم.

    ولا بد لنا من القول ان اتفاق الطرفين يلزمهما باللجوء الى التحكيم عند حدوث النزاع وعليه لا يجوز لاحدهما ان يرفض ذلك، والا جاز للطرف الآخر ان يطلب هو اتخاذ ما يلزم لحل النزاع بالتحكيم، وقد جاء في قرار لمحكمة تمييز العراق «ان القول بأن رفض اللجوء الى التحكيم، لا سند قانوني له لان هذا الشرط سواء كان مطلقا او مقيدا فهو لازم للطرفين وليس لاحدهما ان يستبد بفسخه او تعطيل احکامه او الامتناع عن تنفيذه بارادته المنفردة والا انعدمت قيمته العلمية واصبح عبثا وغير لازم وهذا يتعارض مع ارادة المتعاقدين في تثبيت شرط التحكيم في المقاولة. ومن الطبيعي في مثل هذه الحالة لا يبقى للطرف الاخر الا ان يلجأ للقضاء استنادا الى ولايتها العامة بطلب دعوة المتعاقد الآخر الممتنع عن تنفيذ شرط التحكيم وتعيين المحكمين لحسم النزاع الناشئ بينهما عملا «بالاتفاق وعليه فالمبدأ عند الاتفاق على التحكيم لا يجوز اللجوء ابتداء الى القضاء لحسم النزاع ولكن لو حدث ورفع احد الاطراف الدعوى امام القضاء وقبل اللجوء الى التحكيم يستطيع الطرف الاخر الاعتراض على ذلك والطلب من المحكمة الامتناع عن النظر في الدعوى وذلك لوجود اتفاق على نظر النزاع من قبل المحكمين او المحكم . ولكن على ذلك الطرف الذي يريد ان يعترض على الدعوى ان يقدم اعتراضه من الجلسة الاولى والا سارت المحكمة في نظر الدعوى عليه دون الالتفات الى اتفاق التحكيم . وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (۲۵۳) من قانون المرافعات المدنية العراقي حيث جاء فيها «٢- ومع ذلك اذا لجأ احد الطرفين الى رفع الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف الآخر في الجلسة الاولى جاز نظر الدعوى واعتبر شرط التحكيم لاغيا. ٣- أما اذا اعترض الخصم فتقرر المحكمة اعتبار الدعوى مستأخرة حتى يصدر قرار التحكيم.

    وهكذا نجد ايضا أن محكمة التمييز ذهبت الى القول «يعتبر شرط التحكيم لاغيا اذا رفع احد الطرفين الدعوى ولم يعترض خصمه في الجلسة الأولى من المرافعة  .

   وبما ان اتفاق التحكيم عبارة عن عقد يتم بين الطرفين فإن صحة هذا الاتفاق ونفاذه لا يكون الا اذا توافرت فيه الشروط الخاصة بانعقاد العقد من اهلية ورضا ومحل وسبب، كما سنتطرق الى معرفة ما اذا كانت التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية تشترط وضع صيغة الاتفاق في شكل معين ام انه يمكن ان يتم بأية صورة كانت.