تفرض النصوص القانونية المتعلقة بالتحكيم بوجه عام أن يكون الاتفاق التحكيمي موقعاً من الطرفين، وهذا التوقيع بعد في حال حصوله تعبيراً واضحاً عن إرادة كل منهما، وعن أنهما اطلعا على بنود الإتفاق ووافقا عليه، أما مجرد الضغط على مفتاح الكمبيوتر فلا يعبر بذات القوة عن إرادة المتعاقدين، لذلك كان التوقيع على الورق يفيد بأن من وقع قد أطلع على كل شروط الإتفاق وقبل بها.
أما قبول الإتفاق التحكيمى الإلكتروني فلا يدل على توافق الإرادتين بالطريقة نفسها، لأن تفصيل شروط الإتفاق لا يرد إلا في بيانات الإيجاب التي يضعها الفريق العارض، وقد تكون المخاطر أشد جسامة عندما لا يظهر الإتفاق التحكيمى مباشرة بل يحال بشأنه إلى مرجع آخر يتضمن هذا الإتفاق كما لو كان ملحقا لعقد نموذجي أو اتفاق طارئ.وقد اختلف الرأى في مجال التحكيم الدولى بشأن صحة شرط التحكيم المنصوص عليه في مرجع آخر، فقضى أولا ببطلانه لتعارضه مع روح اتفاقية نيويورك التي نصت على ضرورة أن يكون الإتفاق التحكيمي خطياً وموقعاً عليه من الطرفين.ثم قضى فيما بعد بصحته، بشرط أن يكون الطرفان عالمين بشروط المرجع المشار إليه ويعتبر سكوتهما بمثابة علم منهما بالشروط المذكورة). غير أن التسليم بصحة الإرادة على الوجه المتقدم في مجال التحكيم الإلكتروني يبدو بالغ الصعوبة، ومن شأنه أن يثير شكا في الإثبات، ويظل للطرفين الحق في تأكيد القبول بوسيلة أخرى، فإرسال بريد الكتروني مع الإدعاء بتسلمه يمكن أن يثبت عند الاقتضاء وجود الرضاء، كما قد يثبته استعمال تقنية تصويرية معينة، وأكثر من ذلك، فإن استعمال هذه التقنية من شأنه أن يسبغ الصفة الرسمية على التوقيع ومحتويات الرسالة، وهنا يثور موضوع استخدام الوسائل الإلكترونية في التوقيع على اتفاق التحكيم أو ما يعرف بالتوقيع الإلكتروني.