لم تشترط المجلة الاتفاق على التحكيم قبل نشأة النزاع، فالخصوم مطلق الحرية قبل النزاع أو بعده في الاتفاق على التحكيم بما يؤدي إلى تقييد سلطة القضاء - الأصلية - في نظر الخصومة ولكن تحديد المحكم والبدء في الإجراءات لا يكون إلا بعد نشأة النزاع وإن كانت عبارة المادة (١٨٤١) يجوز التحكيم في دعاوى المال ....... تدل على أن الاتفاق يجوز أن يلحق النزاع فلا دعوى بلا نزاع إلا أنه ليس هناك ما يمنع من الاتفاق السابق للنزاع، إذ الأصل هو الإباحة ما لم يرد نص مانع، وبتطبيق هذا الأصل نجد أنه يجوز في ظل نصوص المجلة، شرط التحكيم الذي يرد في عقد من العقود، ويكون بطبيعة الحال سابقاً على نشأة النزاع. كما تجوز المشارطة التي تبرم بعد النزاع.
- كيف يتم الاتفاق على التحكيم
لم تشترط المجلة كذلك اتخاذ اتفاق التحكيم شكلاً محدداً ولم تجعل له إجراءاً لتصديقه أو شهره ليصبح نافذاً بين الخصوم.
والاتفاق على التحكيم في المجلة يتم بمجرد الإيجاب والقبول بين طرفي نافذاً الخصومة، ويصبح في حقهما بالإيجاب والقبول بينهما من جهة وبين المحكم من جهة أخرى، وهو ما يفهم من نص المادة (۱۷۹۰) اتخاذ الخصمين حكماً برضاهما لفصل خصومتهما ..... فهو عقد بين الخصوم معلق على موافقة المحكم الذي يختارانه لمباشرة الفصل في الخصومة وليس لهذا العقد - شأن سائر العقود في المجلة - شكل معين يجب إفراغه فيه، بل هو عقد رضائي يصح ولو تم شفاهة .
وقد اعتبر شراح المجلة تعيين المحكم في اتفاق التحكيم بين الخصوم واجباً وإلا بطل الاتفاق. فلو اتفق الخصمان على أن يحكما أي شخص يصادقانه، فلا عبرة باتفاقهما، فهو اتفاق غير ملزم . فصحة اتفاقهما على التحكيم معلقة على صحة اتفاقهما مع المحكم وإلا ترتب نتيجة لذلك عدم سريان الاتفاق.
ولم تتضمن المجلة أي إجراءات شكلية لبدء التحكيم ولم تنظم نصوصها كيفية تنفيذ حكمه بعد إصداره موافقاً لأصوله، فيبدو أن تنفيذه يخضع إلى القواعد العامة لتنفيذ الأحكام.
