الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / الكتب / قانون التحكيم في النظرية والتطبيق / في القانون المصري

  • الاسم

    د. فتحي والي
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    منشأة المعارف بالأسكندرية
  • عدد الصفحات

    626
  • رقم الصفحة

    116

التفاصيل طباعة نسخ

في القانون المصري:-

لم يثر خلاف في مصر، على صحة الاتفاق على التحكيم بالنسبة لعقود الدولة المدنية. ولكن ثار خلاف - قبل صدور قانون التحكيم – حول جواز الاتفاق على التحكيم في العقود الإدارية. ووجد في هذا الشأن رايان:

ذهب رأى إلى عدم جواز التحكيم في العقود الإدارية. فكل نزاع ينشأ بشأن هذه العقود يختص به القضاء الإداري، ولا يصح عرضه على محكمين. ويستند هذا الرأي إلى أن المادة (١٠) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنه ۱۹۷۲ تنص على اختصاص محاكم الدولة دون غيرها بالفصل في منازعات العقود الإدارية، والاتفاق على التحكيم يؤدي إلى سلب ولاية هذه المحاكم بهذه المنازعات، بما يتعارض مع هذا النص. هذا فضلًا عن تعلق منازعات العقود الإدارية بالنظام العام، ولا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام. ولما كان لا يجوز التحكيم فيما لا يجوز فيه الصلح، فإن مؤدى هذا عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية.

ولكن الرأي الذي رجح ذهب – على العكس - إلى جواز الاتفاق على التحكيم في العقود الإدارية. ويستند هذا الرأي إلى أن القانون لم يمنع التحكيم إلا بالنسبة لما لا يجوز بشأنه الصلح، والعقود الإدارية لا يمتنع بشأنها الصلح. ومن ناحية أخرى، فإن المادة 3/58 من قانون مجلس الدولة تنص على أنه «لا يجوز لاية وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو تقبل أو تجیز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمة في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه بغير استفتاء إدارة الفتوى المختصة». فنص هذه المادة الذي يلزم جهة الإدارة بأخذ رأى مجلس الدولة فيما تبرمه من تحكيم في أية مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه يقطع بجواز التجاء جهة الإدارة إلى التحكيم في منازعاتها الإدارية ذلك أنه لو كان الاتفاق على التحكيم محظورًا على جهة الإدارة ما الزمها المشرع بعرض هذا الاتفاق على مجلس الدولة لأخذ رأيه. أما ما تنص عليه المادة (١٠) من قانون مجلس الدولة من اختصاص محاكم المجلس دون غيرها بالفصل في منازعات العقود الإدارية، فالمقصود به توزیع الاختصاص بين محاكم مجلس الدولة ومحاكم القضاء المدني واستبعاد أي اختصاص لمحاكم القضاء المدني بهذه المنازعات. ولم يقصد المشرع من نص المادة العاشرة إنكار حق الأطراف في عرض هذه المنازعات على التحكيم، خاصة أن هذا العرض لا يستبعد أعمال القواعد الموضوعية التي تطبق على العقود الإدارية.
وهذا الرأي الاخير هو الذي اخذت به الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع في فتوى اصدرتها بتاريخ 1989/5/17، واكدتها في فتوى اخرى اصدرتها بتاريخ 1993/2/7. وهو أيضًا الرأي الذي قننته المادة (1) من قانون التحكيم الجديد بنصها على ان «تسرى احكام هذا القانون على كل تحكيم بين اطراف من اشخاص القانون العام أو القانون الخاص ايا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع». وقد جاء في تقرير اللجنة المشتركة (التعليقًا على هذا النص أنه «قد قصد بهذه العبارة سريان هذا القانون على العقود الادارية كي يصبح حكمها تقنينًا لما

انتهى اليه افتاء مجلس الدولة في هذا الشأن». وعلى هذا فانه وفقًا للمادة الأولى من قانون التحكيم يجوز الاتفاق على التحكيم بشأن العقود الادارية. ويخضع هذا التحكيم لقانون التحكيم رقم ۲۷ لسنه ١٩٩٤ ورغم هذا النص، فقد صدرت فتوى من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بتاريخ ۱۹۹۷/ ۷/ ۱۹، بعد صدور قانون التحكيم الجديد، انتهت الى عدم صحة شرط التحكيم في منازعات العقود الادارية.

وحلًا لهذا الخلاف، ونظرا لأن التحكيم قد يعرض المصالح العليا للدولة للخطر مما يقتضي علم عرض المنازعات الخاصة ببعض المشروعات العامة القومية على التحكيم. اذ هذه المصلحة العامة يقدرها القضاء الوطني افضل من تقدير هيئة التحكيم التي تشكل اغلبيتها عادة – بالنسبة لهذه المشروعات – من محكمين اجانب، فقد رأى المشرع المصرى تقييد سلطة جهة الإدارة في الاتفاق على التحكيم. فأضاف الى المادة (١٠) من قانون التحكيم فقرة ثانية نصها الآتي «وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة. ولا يجوز التفويض في ذلك«. وبهذا النص حسم المشرع المصري الخلاف سالف الذكر، وأكد صحة الاتفاق على التحكيم بالنسبة للعقود الإدارية. ومن ناحية أخرى، أضاف قيدًا على سلطة الإدارة في الاتفاق على التحكيم هو وجوب أن يتم الاتفاق بعد موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية. مع عدم جواز قيام الوزير أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة في تفويض أي شخص في الموافقة على التحكيم. والتفويض الممنوع هو التفويض العام الصادر لشخص لمباشرة سلطة الموافقة على التحكيم فيما تبرمه الوزارة أو الأشخاص الاعتباري من عقود. ولكن النص لا يمنع الوزير، أو من يتولى اختصاصه بالنسبة 

للشخص الاعتباري العام، من إنابة شخص في الموافقة على اتفاق التحكيم بالنسبة لعقد معين.

ولا يعمل بهذا القيد إلا من تاريخ سريانه . ولهذا فإنه لا يطبق بأثر رجعی، فلا يجوز التمسك به بالنسبة لاتفاق التحكيم الذي أبرم قبل هذا التاريخ.

ويتطرق الفرد الذي تنص عليه المادة ۲/ ۱٠ تحكيم، سواء كان التحكيم بشأن العقد الإداري تجاريًا دوليًا أم لم يكن كذلك، وسواء اتفق الطرفان على خضوعه لقانون التحكيم المصري أم لقانون تحكيم أجنبي أو لنظام تحكيم معين مثل قواعد ال C. C.I.. أو قواعد اليونسترال أو غيرها فهو نص يتعلق بالنظام العام يجب احترامه دائمًا، بالنسبة للتحكيمات التي اتفاق عليها الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة المصرية.

ومع ذلك ذهب اتجاه غالب في الفقه المصري إلى أن هذا القيد لا سري على التحكيمات التجارية الدولية والتي تحكمها اتفاقية نيويورك.

وذلك على أساس أن اتفاقية نيويورك وإن لم تتعرض صراحة لهذه المسألة إلا أنه يفهم من الأعمال التحضيرية للاتفاقية أنها لا تقر أي قيد على إمارة الشخص في إبرام اتفاق تحكيم، سواء كان هذا الشخص طبيعيًا أو اعتباريًا. فالقيود التي قد تفرضها القوانين الوطنية في هذا الشأن تسري على التحكيمات الوطنية دون التحكيمات الدولية. ذلك أنه توجد قاعدة دولية مستمدة من الأعراف التجارية الدولية ومستقرة قضاء وفقها مؤداها عدم خضوع التحكيمات الدولية لمثل تلك القيود. ولهذا يرى هذا الرأي أنه إذا أبرمت الدولة أو إحدى الهيئات العامة عقدًا إداريًا تضمن شرط تحكيم وتوافرت في هذا التحكيم ما تنص عليه المادتان الثانية والثالثة من قانون التحكيم بما يجعله تحكيمًا تجاريًا دوليًا، فإن هذا التحكيم لا يخضع للقيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون التحكيم التي تتطلب لصحة اتفاق التحكيم موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للشخص الاعتباري المتعاقد، ولو كان قد اتفق على أن يجرى التحكيم وفقًا لقانون التحكيم المصري.

على أنه يلاحظ أنه رغم الأخذ بهذا الرأي، فإنه وفقًا للمادة ٢/٥ب من اتفاقية نيويورك «يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها:... (ب) أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد»، ولما كان- وجوب الحصول على موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه مسألة متعلقة بالنظام العام، فإنه إذا صدر حكم التحكيم في الخارج دون هذه الموافقة وأراد المحكوم له تنفيذه في مصر، فإن للقاضي رفض الاعتراف به أو إصدار الأمر بتنفيذه.

ونفس الأمر إذا صدر حكم التحكيم في مصر وفقًا للمادة ٢/٥٨/ ب من قانون التحكيم، والتي تشترط للأمر بتنفيذ حكم التحكيم عدم مخالفة النظام العام في مصر.
(111).