الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اتفاق التحكيم / الكتب / اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية / اتفاقية التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد مخلوف
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    544
  • رقم الصفحة

    190

التفاصيل طباعة نسخ

 

لعل الدور الكبير الذي يلعبه اتفاق التحكيم في تسوية منازعات عقود التجارة الدولية، هو أنه يؤدي مباشرة إلى تطبيق قانون التجار (Lex mercatoria) باعتباره القانون التجاري الدولي الجديد على نحو ماسنرى.

وقد أوضح الأستاذ (Goldman) أن قانون التجار لم يكن اكتشافا جديدا، فقد كان موجودا من قبل عند أسلافنا في قانون الشعوب (Jus gentium)، وما يحدث الآن هو إعادة ميلاد له. ويحسن بنا أن نتناول تعريف هذا القانون، والخصائص المميزة له، ثم نعرض لموقف الفقه منه، وذلك على التفصيل التالي: تعریف قانون التجار (Lex Mercatoria) ثمة حقيقة هامة يجب أن نشير إليها قبل تعریف قانون التجار (Lex Mercatoria) وهي أنه لايوجد اصطلاح موحد لهذا القانون، فقد تعددت التسميات التي أطلقها الفقه عليه سواء في ذلك الفقه المصرى أو الفقه الغربي. . فعلى صعيد الفقه المصري يطلق عليه أستاذنا المغفور له الدكتور محسن شفيق «المبادئ العامة السائدة في المجتمع الدولي للتجار )، وأستاذنا الدكتور محمود سمير الشرقاوی « قواعد قانون التجار»     ، والأستاذ الدكتور ثروت حبيب « قانون التجار ذو الطابع البولي»

کا الدكتور أبو زيد رضوان « قانون التجارة الدولية أو الن البولي» ، والأستاذ الدكتور أحمد عبد الكريم سب الموضوعي للتجارة الدولية». أما على صعيد الفقه الغربي،

وقد فضلنا استخدام اصطلاح «قانون التجاره L۲.۳ (loi des marchands) باعتباره يمثل الترجمة الحقيقية لهذا المصطلح اللاتيني (Lex Mercatoria) مع تقديرنا أن هذا القانون يمثل القانون للتجارى الدولى الجديد على نحو ماسنرى.

هذا ويمكن تعريف قانون التجار بأنه: مجموعة من القواعد والمبادئ والعادات المستمدة من الأوساط التجارية الدولية، والتي تتجلد . بصفة مستمرة، لحكم العلاقات بين المتعاملين فيها.   ويتبين من هذا التعريف أن الخصائص التي يتميز بها قانون التجار في على النحو التالي:

يتميز قانون التجار بأنه قانون متعدد التكوين؛ فهو يشتمل على كل من القواعد القانونية والمبادئ العامة للقانون والعادات التجارية في آن واحد.    وتتمثل القواعد القانونية فيما تصدرره الهيئات المعنية بالتجارة الدولية من أحكام، مثال ذلك: القواعد الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس فيما يتعلق بالاعتمادات المستندية أو تفسیر مصطلحات البيوع البولية (INCOTERMS) أو تحصيل الأوراق التجارية، كذلك القواعد الصادرة عن الاتحاد الدولى للمهندسين الاستشاريين (FIDC) فيما يخص عقود الإنشاعات الهندسية، وكذلك القواعد القانونية الصادرة عن معهد روما التوحيد القانون الخاص (UNIDROIT) والتي تتمثل غالبا في الاتفاقيات

الدولية، هذا بالإضافة إلى القوانين الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة القانون التجارة الدولية (UNCITRAL). أما عن المبادئ العامة للقانون، فهي التوجيهات (Directives) والأوامر (Commandements العامة القابلة للتطبيق في مجال التجارة الدولية، والتي يمكن استخلاصها من مقارنة القوانين الوطنية والمصادر الدولية.     وقد أورد الأستاذ (Mustill) في هذا الصدد قائمة تتضمن هذا القانون، ويقصد بهذه العادات كل ما تواتر عليه العمل في الأوساط التجارية الدولية وانتشر بين المتعاملين فيها. ويميز الأستاذ (Gaillard) عادات التجارة الدولية عن المبادئ العامة للقانون بقوله: «إن عادات التجارة الدولية تقتصر على الممارسات المتبعة عادة في فرع نشاط تجاري محدد، وذلك على خلاف المبادئ العامة التي توجد بدرجة وثيقة في الفكر القانوني، وتحتل بفعل الضرورة مكانها في النظام القانوني الدولي».هل تدخل الاتفاقيات الدولية ضمن مصادر قانون التجار؟

يتفق أغلب الفقه على أن الاتفاقيات الدولية تعد من المصادر : الأساسية التي يتكون منها قانون التجار؛ حيث يقوم المحكم الدولي

بتطبيق القواعد الموضوعية الواردة في هذه الاتفاقيات ولو لم تكن تكن قد دخلت بعد حيز التنفيذ، بل حتى ولو لم تكن الدولة الطرف في النزاع يمكن القول إن الفقه ينقسم بشأن قانون التجار (Lex Mercatoria) إلى اتجاهين رئيسيين: أحدهما يؤيد هذا القانون، والآخر يرفضه. ويأتي التأييد أو الرفض بحسب نظرة كل فريق إلى حقيقة هذا القانون، فالأستاذ (Goldman) ومن سار على دربه يعترف بوجود هذا القانون مقررا أنه يتضمن القواعد القانونية التي تكفل تنظيم العلاقات بين المخاطبين بأحكامه، مثله مثل أى قانون آخر،كذلك نجد من مظاهر هذا الاعتراف، التوصية التي أصدرتها جمعية القانون الدولي، والتي تقضي بتنفيذ أحكام التحكيم التجاري الدولي التي يستند فيها المحكم إلى تطبيق (Lex Mercatoria) عن قانون الدولة الوطني عند الفصل في موضوع النزاع. تقول التوصيةوهذا الاعتراض من جانب الفقه على تطبيق أحكام (Lex Mercatoria) دون إرادة الأطراف يجب أن نتوقف كثيرا عنده، ذلك أنه إذا كانت نصوص تشريعات التحكيم وقواعد المراكز الدائمة تؤكد على ضرورة تطبيق القانون الذي اختاره الأطراف، فإن ذلك لا يمنع من تطبيق أحكام (Lex Mercatoria) استنادا إلى نفس النصوص السابقة. فالقانون النموذجي على سبيل المثال، بعد أن نص على أن تفصل هيئة التحكيم في النزاع وفقا للقانون الذي اختاره الطرفانكذلك فإن قواعد (UNCITRAL) لعام ۱۹۷۹ تقضي بأن تفصل هي التحكيم في جميع الحالات وفقا لشروط العقد وتأخذ في الاعتبار عادات التجارة الواجبة التطبيق على المعاملة

 (م۲/۳۳)

. ولا يختلف الأمر بالنسبة للاتفاقيات الدولية، فالاتفاقية الأوربية بعد أن نصت على تطبيق قانون الأطراف أو قواعد تنازع القوانين عند تخلفه قررت: «وفي الحالتين، يأخذ المحكمون في الاعتبار شروط العقد وعادات التجارة».   كما تقرر لوائح هيئات التحكيم الدولية نفس الحكم، فقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس الصادرة في أول يناير ۱۹۹۸، تنص على أن المحكم يراعي في جميع الأحوال أحكام العقد والعادات التجارية المناسبة (م۲/۱۷)

، وتنص لائحة جمعية التحكيم الأمريكية على قيام هيئة التحكيم بتطبيق شروط العقد وعادات التجارة واجبة التطبيق. (م۲/۲۹)

موقف قانون التحكيم المصري:

أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة». 

وهكذا يتم تطبيق (Lex Mercatoria) في الفروض المختلفة الآتية: الفرض الأول: أن يختار أطراف النزاع صراحة تطبيق Lex) (Mercatoria تحت أي مسمى له، وفي هذه الحالة تستبعد كافة القوانين الوطنية التي لها صلة بموضوع النزاع من مجال التطبيق، ليسری قانون التجار وحده.     وقد أصبح متيسرا الآن على المتعاملين في التجارة الدولية أن يستندوا إلى تطبيق ( Lex. Mercatoria

) في ثوبه الجديد بعد أن قام معهد روما التوحيد القانون الخاص (UNIDROIRT) بتقنين قواعد هذا القانون. الفرض الثاني: أن يحدد الأطراف قانونا وطنيا لدولة ما أو يستنتجه المحكم من مركز الثقل في العلاقة. وفي هذه الحالة يتم تطبيق القانون الوطني ولكن بالقدر الذي لا يتعارض مع أحكام القانون الرئيسي وهو (Lex Mercatoria)، وتطبيقا لذلك، ذهب أحد أحكام التحكيم إلى «أنه حتى إذا كان القانون اللبناني هو القانون الواجب التطبيق باعتباره قانون مكان تنفيذ عقد الوكالة التجارية، فإن تطبيق قانون التجار يكون أيضا لازما التطبيق القانون اللبناني أو لحكم ماقد سكت عنه».

    ومن التشريعات التي تقرر نفس الحكم ويؤكد في موضع آخر على «أن السبب الذي يدفع الأطراف لاتفاق التحكي لايكون فقط لعلاج بعض عيوب الية القضاء الوطني، وإنما للبحث حل للنزاع يقضى فيه بخلاف ما يسير عليه قضاة الدول». 

نحن نؤيد هذا القول للأستاذ الكبير (Rene David) فالقاضي الوطني بخلاف المحكم يحرص على تطبيق قواعد تنازع القوانين    التي ترشده في النهاية إلى تطبيق قانون وطني. وأيا ما كان هذا القانون فهو لايستجيب إلى طبيعة المعاملات التجارية الدولية، نظرا لإنه مستمد من نظام داخلی خاص بكل دولة - ينحصر مجاله تطبيقه داخل نطاق إقليمی محدود - مما يفقده القدرة على مواجهة منازعات التجارة الدولية، التي تتسم بالتعقيد الشديد للدور المتزايد الذي تلعبه التكنولوجيا المعاصرة، وبالتالي لا يوجد انسجام فلسفي بين القوانين المدنية الوطنية وبين إدارة نظام عالمي.