لأول مرة في اتفاقية نيويورك الصادرة في ۱۰ من يونيه ۱۹۰۸ بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، حيث نصت المادة الثانية منها على أن تلتزم كل دولة متعاقدة بالاعتراف باتفاق التحكيم. ولم يكن هذا الاصطلاح معروفا قبل ذلك، إذ كان يعبر عن اللجوء إلى التحكيم من خلال استخدام اصطلاح شرط التحكيم تارة، ومشارطة التحكيم تارة أخرى، فجاءت اتفاقية نيويورك لتستخدم تعبيرا واحدا يجمع بينهما, وقد سار على نهج هذه الاتفاقية جميع الاتفاقيات الأخرى التي تلتها کالاتفاقية الأوربية بشأن التحكيم التجاري الدولي (مادة 1)، كما أخذ به القانون النموذجي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية
مادة ۱۷)، كذلك استخدم هذا الاصطلاح تشريعنا المصري
بأنه اتفاق يلتزم بمقتضاه الأطراف في عقد من عقود التجارة الدولية على خضوع منازعتهم التي قد تنشأ مستقبلا عن ذلك العقد إلى التحكيم.ويتبين من ذلك أن شرط التحكيم يتم الاتفاق عليه قبل حلوث النزاع، وأنه يأتي كبند من بنود العقد، غير أن ذلك لايمنع أن يرد شرط التحكيم مستقلا عن العقد، وذلك كأن يبرم أصلا خلوا منه، ثم يتفق الأطراف عليه بعد ذلك من غير أن يكون ثمة نزاع قد نشأ بينهم. فالعبرة إذن هي بلحظة الاتفاق على التحكيم، فإذا جاءت هذه اللحظة قبل میلاد النزاع (avant la naissance du litige) فذلك هو شرط التحكيم، يستوي بعد ذلك أن يأتي في العقد نفسه أو مستقلا عنه. ورغم أن قانون التحكيم المصرى لم ينص صراحة على تعريف شرط التحكيم، إلا أنه حمل هذا المعنى في المادة
على حد تعبير محكمة النقض الفرنسية، بحيث إذا ماوقع نزاع بين الأطراف، فإنه كان يتعين عليهم رغم وجود هذا الشرط إبرام مشارطة تحكيم وكان من غير المنطقي أن يؤخذ بهذا الوضع المتدني لشرط التحكيم على صعيد التجارة الدولية وقد كانت في ظل مرحلة جديدة من تطور التحكيم التجاري بها، فجاء بروتوكول جنيف الصادر في 24 من سبتمبر ۱۹۲۳ لينص في مادته الأولى على اعتراف كل دولة متعاقدة بشروط ومشارطات التحكيم دون أدنی تفرقة، كما جاعت اتفاقية نيويورك لتؤكد نفس المبدأ بالنص في المادة الثانية منها على اعتراف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب، وأوضحت أن المقصود بذلك هو شرط التحكيم الوارد في العقد أو المشارطة، كذلك سارت على هذا النهج الاتفاقية الأوربية (المادة الأولى، فقرة ۲/أ). وهكذا استطاعت الاتفاقيات الدولية أن تخرج شرط التحكيم من المركز القانوني الضعيف الذي كان عليه قبل عام ۱۹۲۳، وتضعه على قدم المساواة مع مشارطة التحكيم، بل لاتتجاوز إذا قلنا إنه قد أصبح هو الصورة الغالبة والمألوفة في عقود التجارة الدولية عند اللجوء إلى التحكيم.