التحكيم / طبيعة التحكيم القانونية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية / الطبيعة القانونية للتحكيم
تتمثل عملية التحكيم في حقيقتها بمسارين مجتمعين يتشكل بهما جوهر عملية التحكيم وذاتيه، أحداهما يقوم به أطراف النزاع، والاخر يقوم به المحكم المختار منهما، وهذا بدوره ادى الى اختلاف الفقهاء بشكل كبير حول طبيعة التحكيم والتكييف القانوني له، حيث اعتبر جانب من الفقه ان التحكيم ذو طبيعة تعاقدية، لأنه اتفاق بين أطراف النزاع يتم بمقتضاه اللجوء الى التحكيم لفض المنازعات بإدارتهم الحرة، بينما يرى جانب اخر من الفقه ان الطبيعة القانونية للتحكيم هي طبيعة قضائية على اعتبار أن المحكم يقوم بعمل القاضي في فض النزاع، ويتخذ جانب ثالث من الفقه موقفا وسط بين الطبيعية العقدية والطبيعة القضائية، في حين يری جانب رابع من الفقه ان التحكيم اسلوب مستقل قائما بذاته لفض النزاعات .
كما أن المحكم اذا إمتنع عن الفصل في النزاع فلا يمكن اتهامه في جريمة انكار العدالة، ولا يجوز تطبيق قواعد مخاصمة القضاه عليه، وهذا بطبيعة الحال يختلف تماما عن واقع الحال بالنسبة للقضاة، خصوصا أن دور الدولة في عملية التحكيم يقف عند حد منع المساس بالنظام العام أو الاخلال به، أما عملية بدء التحكيم وإجراءاته المتبعة لحين صدور حكم التحكيم يجد اساسه في اتفاق الأطراف على اللجوء الى التحكيم، ثم في اتفاقهم مع المحكمين على الانصياع والخضوع لما يصدرونه من احكام.
ومن ما استند عليه أيضاً أصحاب هذا الرأي انه من الممكن ان يكون المحكم وطنياً او اجنبياً طالما تم الاتفاق عليه من قبل الأطراف المتنازعة، في حين أن القضاء الرسمي للدولة لا يمكن أن يمارس الا من خلال قضاه وطنيون، كما أن التحكيم يهدف إلى تحقيق مصالح خاصة لاطراف الاتفاق او العقد وليس مصلحة عامة تتمثل في اقامة العدل كما القضاء العادي .