نري وبحق بعد أن استعرضنا آراء الفقهاء حول طبيعة التحكيم والنظريات المتعددة في هذا الشأن بأنه من الصعب أن تنظر إلي التحكيم كعقد لأن العقد في حد ذاته لا يحل النزاع كما أنه ليس هو جوهر التحكيم بدليل عدم وجوده في التحكيم الإجباري كما أن النظرية القضائية لا تتفق مع طبيعة التحكيم لأن القضاء سلطة عامة من سلطات الدولة لا يتولاها إلا القاضي كما أن المحكم لا يتمتع بما يتمتع به القاضي من سلطة الأمر كتوقيع الغرامات علي الخصوم أو الشهود فضلاً عن أن الإجراءات قد تختلف من نزاع إلي آخر كما أن النظرية المختلطة لا تتفق مع طبيعة التحكيم لأن مجرد تشابهه مع العقد والقضاء لا يكفي لوصفه بأنه اتفاق وقضاء متى اشتمل علي ما يميزه عنهما ولذا نري أن نظرية الطبيعة الخاصة هي أنسب نظرية لتحديد طبيعة التحكيم وذلك بسبب مرونتها وتماشيها مع الواقع العملي لأنها تعتمد علي المنهج التحليلي بإعطاء كل مرحلة اعترافاً بالعجز وهروبا من مواجهة الحقيقة ولا يعطي تكييف لنظام التحكيم ككل كما تعتبر هذه النظرية عملية أكثر من غيرها لأنها تعزز مكانة نظام التحكيم باعتباره نظام خاص قائم بذاته له كيانه المستقل بحيث يكون المجال مفتوحاً لدراسة وتطوير هذا النظام المستقل بما يتناسب مع التطور في المجالات التي تحتاج إلي الأخذ بنظام التحكيم .