في الطبيعة القانونية للتحكيم بالصلح يثور التساؤل ، هل تتغلب في التحكيم بالصلح الطبيعة التعاقدية على الطبيعة القضائية ، ليتحول التحكيم إلى عقد صلح أم أن الطبيعة القضائية تبقى قائمة.
أما بالنسبة للطبيعة القضائية للتحكيم بالصلح فإذا كان التحكيم طبقاً لقواعد العدالة والإنصاف يبحث عن حلاً وسطاً ويكون هو الحل الأكثر قبولاً بين الطرفين ، إلا أن ذلك لا يجرد التحكيم بالصلح من طابعه القضائي .
فالمحكم بالصلح ليس وكيلاً عن أحد الطرفين لإبرام مصالحة ، بل المحكـــم بالصلح يمارس عملاً قضائياً .
الفقه يصف التحكيم بالصلح بأنه " يحل نزاع أكثر مما يحسمه " ، لأن الحكم وفقاً لمبادئ العدالة والإنصاف قد يستند إلى معيار شخصي للقانون فيستند إلى نصوص محددة لا مجال للخروج أو ذاتي ، أما الحكم طبقاً للقانون فيستند إلى نصوص محددة لا مجال للخروج عنها .
فالعدالة التي يهدف إليها التحكيم بالصلح تحقق العدل في حالة خاصة بتطبيقه على واقعة معينة ، أو حالة فردية ليكون الحكم المستمد منه مطابقا لظروفها الخاصة ، فإذا انتهى المحكم بالصلح إلى صحة العقد فإن إرادته - لا إرادة القانون - هي التي تحسم النزاع.
وصفوة القول أن الطبيعة القضائية للتحكيم بالصلح هي من نوع خاص ، فهي لا تحسم بين مزاعم متناقضة فتعطى الحق لطرف ، وتحكم بإدانة طرف آخر ، ولكن تحسم النزاع وفقا لمبادئ العدالة والإنصاف
وتتأكد الطبيعة القضائية للتحكيم بالصلح من :
أ- التزام المحكم بالصلح باحترام حق الدفاع تحت طائلة بطلان حكمه .
ب- التزام المحكم بالصلح بمر اعاة قاعدة المواجهة .
ج- كون الحكم التحكيمى يجب أن يكون معللاً وإن كان تعليل المحكم بالصلح لحكمه يعتمد العدل والضمير ، إلا أنه يجب أن يبين الأسس التي اعتمدها عدلا وضميرا لتكوين قناعته .
وإذا كان التحكيم وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف قد بدأ مسيرته توفيقاً وصلحاً يتوصل إليه الأطراف ، ولعله بدأ عقد مصالحة ، إلا أن الطبيعة القضائية أخذت مع التطور تغلب الطبيعة التعاقدية .
وبعد البحث في مفهوم التحكيم بالصلح وتمييزه عن النظم الأخرى لحسم النزاع ، بداية بتحديد مفهوم التحكيم بالصلح ( ماهيته ، وشروط صحة الاتفاق عليه ) ، ثم تمييز هذا التحكيم عن غيره من طرق فض وتسوية المنازعات ، وأيضاً تمييزه عن أنواع التحكيم الأخرى ، وأخيراً البحث فــــي سمات التحكيم بالصلح وطبيعته القانونية ، يكون البحث في سلطات المحكـــم المفوض بالصلح .