ويعتقد الباحث أنه من الضروري عرض الخلاف الواقع بطبيعة التحكيم حتى نتمكن من الوقوف على طبيعة التحكيم، وهذا ليس من الأمور النظرية التي يبدو فيها الجهد ضائعا بل إنه يفيد في معرفة أمور هامة، خصوصا فيما يتعلق بقرار التحكيم. فإذا اعتبر اتفاقا فلا يكون واجب التنفيذ - عند عدم وجود نص خاص - إلا إذا أقرته محكمة بناء على دعوى تقدم إليها للحكم بتنفيذ مضمونه، وإذا اعتبر حكما كان قابلا للتنفيذ بذاته ولا يحتاج الأمر إلى أي إجراء يتمثل بوضع صيغة التنفيذ عليه.
وعلي ذلك فقد اختلفت الآراء حول تحديد طبيعة التحكيم، فظهر اتجاه يرى في التحكيم الطبيعة التعاقدية، وذهب اتجاه آخر يرى ترجيح الطبيعة القضائية، ووقف اتجاه آخر موقفا وسطا بين الرأيين السابقين، حيث يرى أن للتحكيم طبيعة مختلطة أو مركبه، هذا بالإضافة لوجود اتجاه رابع يرى في التحكيم طبيعة مستقلة.