يعد المحكم بمثابة قاض ما دام التحكيم قائماً، لأن التحكيم بمثابة القضاء البديل، ولهذا فإن صفة الحياد كما هي من أهم الصفات لدى القاضي، فهي أيضاً مطلوبة للمحكم؛ لأن كليهما يقوم بمهمة واحدة، هي الفصل في نزاع بين متخاصمين، وإن كلا منهما مكلف بإصدار الحكم في النزاع المعروض، والفرق بينهما في هذا المقام أن القاضي موظف معين من الحكومة مكلف بالفصل في كل قضية تعرض عليه، بينما المحكم ليس موظفاً من الحكومة، فهو معين من قبل أطراف النزاع وهو إما أن يكون متبرعاً، وإما أن يكون مأجوراً، ويستوفي أتعابه من طرفي التحكيم بموجب اتفاقه المعلن معه.
كما يمتاز التحكيم بكفاءة وخبرة المحكمين، وتخصصهم في موضوع المنازعة، لأن معظم منازعات التحكيم تتعلق بنواح فنية دقيقة ومعقدة نتيجة للتطور التقني الموجود والجديد والمتغير يوما بعد يوم، كالمنازعات المتعلقة بالنقل البحري والجوي ومنازعات سوق الأوراق المالية والبنوك والشركات الكبرى التي تتطلب وجود محكمين متخصصين لديهم المعلومات الكافية، بما يؤهلهم للفصل في النزاع، مع مراعاة عنصري العدالة والسرعة في نفس الوقت، مع الوضع في الاعتبار أن الخبراء الذين يستعين بهم القضاء، يشوبه بعض الصعوبات الإجرائية، والتي قد تؤدي إلى إطالة أمد النزاع .
ويلاحظ على هذة الميزة من مزايا التحكيم أنها ميزة متواجدة أيضا في القضاء حيث يشتركان كلا منهما فيها فمهما قيل عن الدور الايجابي الذي يلعبه القاضي الإداري في الدعاوى الإدارية فإن هذا الدور يتعين ألا يصطدم بـ " مبدأ الحياد "، و الذي لا يتعارض معه قيامه بتيسير دور الخصوم و الأمر بما يراه لازما من إجراءات الإثبات، حيث سمح القانون للقاضي الإداري بإعادة تكييف النزاع إذا رأى أن التكييف الذي قدمه الخصوم غير ملائم، فمبدأ حياد القاضي لا يقصد به عدم التحيز لأحد الخصمين على الآخر، فهذا أمر بديهي تستلزمه وظيفة القضاء نفسها وإنما هو أن يقف القاضي موقف سلبية من كلا الخصمين على السواء، بمعني أن دوره يقتصر على تلقي الأدلة التي يتقدم بها الخصوم وفقاً للقواعد والنظم التي يستلزمها القانون، ثم يتولى تقديرها في حدود القيمة التي يعطيها المشرع لكل دليل فليس من وظيفة القاضي إذن أن يساهم في جمع الأدلة، كما أنه ليس له أن يستند إلى أي دليل تحراه بنفسه بعيدا عن الخصم.