الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / حرية اختيار القانون للتطبيق - تنازع القوانين / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / نسبة أثر اتفاق التحكيم في القانون المصري والمقارن / التحول من اختيار القانون إلى القواعد الواجبة التطبيق

  • الاسم

    سحر محمد أحمد دره
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    470
  • رقم الصفحة

    125

التفاصيل طباعة نسخ

التحول من اختيار القانون إلى القواعد الواجبة التطبيق

   من المؤكد أن القوانين الوطنية قامت بتنظيم القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي وكذا الاتفاقيات الدولية ولوائح هيئات التحكيم الدائمة، حيث نجدها تؤكد على حرية أطراف العقد الدولي في اختيار القواعد القانونية الواجبة التطبيق من طرف المحكم على موضوع النزاع.

   وهكذا فهناك فرق بين ما تطبقه الهيئة التحكيمية أو المحكم على موضوع النزاع من القواعد التي يتفق عليها الطرفان من جهة وبين اتفاقهما على تطبيق قانون دولة معينة من جهة ثانية، وبيان ذلك أنه من المتصور خاصة في مجال مفاوضات عقود التجارة الدولية أن تضع الأطراف المتفاوضة تنظيما خاصا وقواعد منتقاة تواجه على نحو واقعي ما قد ينشأ من منازعات هم الأقدر على تصورها وعلى وضع يلائمها من حلول مبتكرة لا تجد مصدرها في قانون معين وإنما في إرادة الأطراف المباشرة.

   وينطلق العديد من الفقه في تعريفه للعقود النموذجية من الناحية الشكلية بأنها عبارة عن صك مكتوب على غرار عقود الإيجار والبيع والوكالة، وهذا ما ذهب إليه الفقه، حيث اعتبرها الفقيه الفرنسي GHESTIN هي عبارة عن نما ذج لعقود تعتبر حجة على الأشخاص الذين يقبلون صياغة عقودهم على منوال العقد النموذج.

   ففي كل هذه الصور لا توجد أي إشارة لتطبيق قانون وطني معين، وفي تعليق البعض على المادة ١٤٩٦ من القانون المدنى الفرنسي، اعتبر أن المشرع أعطى الحرية الكاملة للأطراف أو الخصوم في تحديد القواعد القانونية التي يرغبون في تطبيقها على موضوع النزاع، كما استخدم لفظ القواعد القانونية les releases de droit ، ولم يستخدم مصطلح التشريع la loi ويقصد بالقواعد القانونية أية قاعدة قانونية تحكم موضوع النزاع في قانون وطني معين أو في لائحة تحكيم أو في قانون نموذجي أو في اتفاقية دولية أو في أعراف التجارة الدولية أو المبادئ العامة للقانون.

   وهكذا سمح هذا التحول على مستوى اختيار القواعد الواجبة التطبيق على موضوع النزاع للأطراف المتفاوضة باختيار القواعد التي يرونها ملائمة لحل النزاع مهما تعددت مصادرها سواء كانت وطنية أم دولية تشريعية أم قضائية أم عرفية، مما يوضح على المستوى العملي قدرة الأطراف المتفاوضة على اختيار القواعد الموضوعية للتجارة الدولية، إن هذا التحول من اختيار القانون الواجب التطبيق إلى القواعد التي اتفق عليها الأطراف المتفاوضة سمح لهم باختيار القواعد الموضوعية للتجارة الدولية لتنظيم نزاعاتهم بحكم طبيعتها التلقائية والدولية واتصالها بمصالح التجارة الدولية.

   فباستقراء القوانين الوطنية مثل القانون الفرنسي من خلال المادة ١٤٩٦، نجده يسمح للأطراف الراغبين في عدم تطبيق القانون الوطني لإخضاع نزاعاتهم للقواعد الموضوعية للتجارة الدولية من خلال صيغة "قواعد القانون" حيث أجمع الفقه على تفسير النص في هذا المعنى والاجتهاد القضائي للتحكيم لم يخالف هذا التفسير، ونضيف إلى نفس الاتجاه المادة المذكورة مجموعة من القوانين الأخرى المقارنة التي استعملت نفس الصياغة ولنفس الهدف أي تطبيق القواعد الموضوعية للتجارة الدولية

نذكر منها المادة ۸۱۳ من ق.م. م اللبناني لسنة ۱۹۸۳، المادة ٨٣٤ من القانون الإيطالي لسنة ١٩٩٤ ، المادة ٣٩ من قانون التحكيم المصري لسنة ١٩٩٤، المادة ٤٥٨ مكرر ١٢ لقانون الإجراءات المدنية الجزائري لسنة ۱۹۹۳، و المادة ۷۳ من قانون التحكيم التونسية.

  ولقد أكدت جمعية القانون الدولي في ختام دورتها رقم ٦٢ المنعقدة القاهرة في أبريل على التوصية التالية:

   فباللجوء إلى التحكيم يتم فصل المنازعات الناشئة عن مفاوضات العقود التجارية الدولية والمبادلات الاقتصادية عبر اختيار الأطراف المتفاوضة لهيئة التحكيم للقواعد القانونية المستمدة من الأوساط المهنية والتي تحسم المنازعات من ناحية وتخدم المصالح الحيوية للتجارة الدولية من ناحية أخرى بغض النظر عن النظام القانوني الذي يمكن أن تستمد منه تلك القواعد، بحيث أن مجرد إدراج شرط التحكيم في مفاوضات عقود التجارة الدولية ولجوء الأطراف المتفاوضة إلى التحكيم له دلالات في اتجاه رغبتهم إلى إخضاع النزاع لقانون ذاتي مستقل يتكون من عادات وأعراف وقواعد تنشأ بطريقة تلقائية داخل المجتمع الدولي للتجار، وهو ما يسمى بقانون التجار الدولي.

107