التحكيم / حرية الأطراف في تعيين القانون الواجب التطبيق / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / نسبة أثر اتفاق التحكيم في القانون المصري والمقارن / غياب قانون القاضي بالنسبة للمحكم الدولي
يقصد بقانون القاضي مجموعة من القواعد التي تفرض على القاضي الوطني ليستخدمها في سبيل تحديده للقانون الواجب التطبيق في إطار مفاوضات العقد الدولي أي كل القواعد التي يشتمل عليها منهج تنازع القوانين في قانون دولة القاضي والتي تستخدم لحسم كل المشاكل القانونية التي يثيرها القانون الدولي الخاص للعقود .
وبناء عليه فإن قانون القاضي يتدخل ليرشد القاضي في إجرائه لعملية التكييف، وتحديده لقاعدة الإسناد وإعماله لمقتضى الدفع بالنظام العام، وفي استبعاده تطبيق القانون الأجنبي باسم الغش نحو القانون، بل وفي تطبيقه للقانون الأجنبي الذي أشارت بتطبيقه قاعدة الإسناد الوطنية، وفي إعماله لمقتضى قوانين البوليس سواء في دولته أو تلك التابعة لدولة أجنبية، ومثال ذلك حالة انخفاض أسعار البترول بصورة مبالغ فيها، وانخفاض سعر برميل البترول، فقرر أطراف عقود الطاقة إعادة التفاوض لتحقيق نوع من التوازنات بين الالتزامات المتبادلة.
وبالتالي فإن مصدر قانون القاضي ينبع من وجود قانون يخضع له القاضي بحيث يأتمر بأوامره ويمتثل لنواهيه، هذا القانون هو القانون الوطني لدولته التي يمارس مهمته بإسمها، لكن التساؤل هل للمحكم الدولي قانون قاض؟
فعندما يطرح نزاع متعلق بمفاوضات عقد دولي أمام المحكم بغية حسمه فإنه لا يمارس أي سلطة باسم أي دولة، ومن ثم لا يفرض عليه تطبيق أي نظام قانوني وطني لحسم تنازع القوانين بالمشابهة مع ذلك النظام الذي يفرض على القاضي الوطني عندما يعرض ذات النزاع أمامه .
بينما الرأى الثاني من الفقه يعترف بأن المحكم الدولي لا يملك قانون قاضي وطني، حيث يخضع المحكم في حسمه للنزاع للحلول العرفية الدولية والتي تعد بمثابة قواعد قانونية حقيقية معدة بواسطة المنظمات المهنية، وهذه القواعد تتسم بالعمومية والتجريد فضلا عن كونها مصحوبة بجزاء ومن ثم فهي تشكل في تضافرها قانونا للعلاقات الاقتصادية الدولية يتخطى مشكلة تنازع القوانين، وهي بمثابة قانون القاضي بالنسبة للمحكم الدولي.
والواقع من أحكام التحكيم الدولية يؤكد أن المحكم الدولي لا يملك قانون القاضي، وذلك تأسيسا على أن المحكم حر في تحديده للقانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه، ولا توجد أية قواعد قانونية مفروضة عليه في هذا الخصوص. فالعقد الذي ينظره هو عقد بدون قانون والمحكم هو الذي يبدع القواعد القانونية التي يحسم بمقتضاها النزاع، وحتى ولو لجأ إلى نظام قانوني ما ليحسم النزاع بمقتضى قواعده، فإن الأمر يتوقف عند حد الاستعارة لهذه القواعد وإن قواعد القانون الوطني الذي يلجأ إليه المحكم تفقد بالنسبة له كل قيمتها القاعدية.