التحكيم / مزايا التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / التحكيم يحافظ على العلاقات بين الأطراف المتنازعة.
لا شك وأن التحكيم يحقق العدل بلا عداوة بين الخصوم، ويتلافي الحقد والعداوة والبغضاء بينهم، بقدر الإمكان، وذلك لأن أساس التحكيم يقوم على مبدأ: أن المحكم مختار من قبل الخصوم أنفسهم، اختاروه بطيب نفس، وهذا الشخص المختار حائز على ثقتهم، وقبلوا مقدما ما سوف يصدره من قرارات، ويقومون بتنفيذها طواعية واختياراً.
هذا بخلاف ما لو صدر الحكم من قضاء مفروض على الطرفين سبقه مخاصمة ومشاحنة وبغضاء، حيث يحاول كلا الطرفين المتنازعين الحصول على حكم لصالحه على حساب الخصم الآخر، حتى ولو كان مجافياً للحقيقة. فمن الصحيح أن القضاء يحقق العدل، لكنه كثيراً ما يخلف وراءه العداوة والأحقاد بين المتنازعين. إن التحكيم كما يحفظ العلاقة الطيبة بين الأقارب؛ فهو أيضاً يحافظ على العلاقة الطيبة بين التجار، فكثيراً ما يقع نزاع بين تاجرين في أحد العقود، ثم يحكموا طرفاً ثالثاً في هذا النزاع، ولا يمنعهم هذا من الاستمرار في التعامل التجاري بينهم، بل إن هذا يزيد ثقة بعضهم ببعض. عكس التنازع أمام القضاء، فهو كثيراً ما يترتب عليه تقويض للتعامل التجاري بين طرفي العقد بسبب قيامه على المشاحنة لأن القاضي يحرص على تحقيق العدالة طبقاً للتشريع الذي يطبقه على النزاع فقط، لكن المحكم إضافة إلى تحقيقه الوظيفة التي يقوم بها القاضي؛ فهو يسعى أيضاً إلى الصلح بين الخصوم بالفصل في النزاع بحكم يرتضيه مقدما وينفذانه مستقبلاً دون منازعة.