أصبح التحكيم وسيلة شائعة لتسوية المنازعات. ويرجع انتشار التحكيم والتوسع الكبير في العمل به إلي ما يحمله من مزايا أدت إلي تفضيله علي غيره من النظم. وقد انقسمت الآراء الفقهية بين مؤيد لنظام التحكيم يسعى لإبراز مميزاته ويدافع عنه ومعارض له يسعى لإبراز عيوبه التي جعلته مجاط يوجه اليه النقد . وفيما يلي عرض للمزايا والفوائد التي يحققها التحكيم :
١- سرعة إجراءات التحكيم :
لعل أبرز ما ساهم في انتشار التحكيم تمتعه بميزة السرعة في الإجراءات. وهذه السمة افتقدها القضاء الوطني في كثير من بلاد العالم. وقد تمثلت سرعة الإجراءات في يلي :
- أن جلسات التحكيم تعقد في الأوقات المناسبة لأضرافه. وذلك خلال قضاء الدولة الذي يتقيد بمواعيد جلسات المحاكم التي يتم تحديدها وفئ لظروف العمل في المحاكم ، الذي يرتبط بدوره بكم القضايا المعروضة أمامها مما يؤدي إلي إطالة أمد النزاع.
- أن هيئة التحكيم ملزمة بحسم النزاع خلال مدة التحكيم الذي تحددها الأطراف، وحفاظا علي تلك الميزة فقد تدخلت بعض التشريعات القانونية للتحكيم وأوجبت إصدار حكم التحكيم الفاصل في النزاع خلال مدة معينة. ومن ذلك ما نص عليه قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 بالمادة 1/45
(على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان. فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم . وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك ) .
- التحكيم يختصر درجات التقاضي ومراحله فيصدر فيه حكم بات غیر قابل
لأي طعن وقابل للتنفيذ الفوري.
۲- سهولة إجراءات التحكيم :
يتسم التحكيم بالسهولة حيث تكون إجراءات الفصل في المنازعات مبسطة. بعيدة عن القيود الشكلية والزمنية التي يفرضها التقاضي أمام المحاكم. فالتحكيم ينفر من الشكليات والرسمية والتعقيد ويتم بإجراءات سهلة وبسيطة من اختيار الأطراف.
وإذا كانت العلانية تعد من الضمانات الجوهرية التي ينفرد بها القضاء العادي ؛ حيث يصعب إخفاء طبيعة المنازعة ويستطيع كل شخص الاطلاع علي
تمثل في نظره قيمة أعلي من قيمة الحق الذي يناضل من أجله في الدعوى.
5- التخصص :
يفصل القاضي في جميع المنازعات التي تعرض عليه دون أن يكون
متخصصة في مجال النزاع. ألا أنه قد يتعذر عليه الفصل في المنازعات ذات الطبيعة الخاصة التي تحتاج إلي خبرة تؤهله لفهم طبيعة النزاع وإدراكه . وفي هذه الحالة يلجأ القاضي إلى الاستعانة بخبير يرشده ويكشف له ما استغلق من جوانب النزاع وهذا معناه إضاعة الوقت في انتظار تقرير الخبير وتحمل ما ينجم عن ذلك من نفقات. أما التحكيم فيحقق ذلك التخصص ، إذ إن الأطراف يمكنهم اختيار محكم له خبرة في مجال النشاط الذي يتعلق به النزاع يكون مصدرا لطمأنتهم وثقتهم في القرار الذي سيصدره.
6- التخلص من مشكلة تنازع القوانين :
من الصعوبات القانونية التي تثيرها منازعات التجارة الدولية : مشكلة تعيين " القانون الواجب التطبيق" والمحكمة المختصة بنظره. فكثيرا ما تؤدي قواعد الإسناد في التشريعات الوطنية إلى تطبيق قانون قد يكون غريبة على أحد الخصمين إن لم يكن غريبة عليهما معا. فضلا عن أن تباین قواعد الإسناد قد يتعذر معه على أطراف العلاقة القانونية الوصول إلى القانون واجب التطبيق علي موضوع المنازعة.
ومن هنا تبدو أهمية التحكيم في التخلص من تلك المشكلة. إذ تلعب إرادة الأطراف دورها العام في اختيار القانون واجب التطبيق علي النزاع وتحديد هيئة التحكيم التي تنظر النزاع. بما يبعث الطمأنينة في نفوس أطرافه ويتيقن كل منهم من حقوقه والتزاماته في علاقاته بالأخر طبقا لذلك القانون الذي تم اختياره.
٧- التحكيم هو الملاذ للمنازعات التجارية الدولية :
من أهم مبررات اللجوء للتحكيم عدم وجود قضاء دولي أو قانون خاص دولي بحكم منازعات التجارة الدولية. الأمر الذي كثيرا ما يشيع القلق بين المتعاملين دولية والمستثمرين الأجانب من جراء طرح نزاعاتهم أمام قضاء بلد الخصم خوفا من میل القضاء الوطني إلى حماية مصالحة الوطنية أو وجود قصور في قانونه . لهذه الأسباب وغيرها ، زادت الحاجة إلى اللجوء إلى التحكيم رغبة في الوصول إلي حكم.