التحكيم / مزايا التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / مبررات اللجوء إلى التحكيم
فالتحكيم يختصر درجات التقاضي ومراحله فيصدر فيه حكم بات غير قابل لأي طعن من حيث الموضوع وقابل للتنفيذ ويشجع نظام التحكيم على التعاقد مع الإدارة، فتستطيع الأخيرة أن تتخذ من بين العدد الكبير المتقدم للمناقصة أو المزايدة الأجدر والأصلح لتنفيذ الالتزامات محل التعاقد وهناك بعض المنازعات، كمنازعات البترول تكون ذات صبغة فنية، ومن ثم يكون من الأسهل عرضها على التحكيم بدلاً من القضاء الذي يعرضها إذا ما عرض النزاع عليه أي خبير في مجال البترول لإبداء الرأي الفني، ومن ثم يكون التحكيم في هذه الحالة هو أسلم لما يوفره من وقت وجهد ومال لأطراف النزاع.
كما أن المنازعات في مجال التجارة الدولية كثيراً ما تثير صعوبات قانونية لا توجد في شأنها حلولاً مستقرة فتشيع القلق في التعامل التجاري وتعرقله، كصعوبة تعيين القانون الواجب التطبيق على النزاع والمحكمة المختصة بنظرها، ذلك أن قواعد الإسناد في الأحوال التي لا توجد فيها اتفاقيات دولية تعين الاختصاص والقانون الواجب التطبيق في التشريعات الوطنية تتباين فيما بينها.
إذا كان لجوء أطراف النزاع إلى تسويته تحكيماً يحق لهم ذات الغاية من ولوجهم سبيل التقاضي من عودة لحقوقهم المسلوبة، إلا أن التحكيم يحقق لأطرافه العديد من المزايا التي تجعل سبيلهم المفضل لتسوية المنازعات القائمة أو المحتملة.
وذلك لما يتيحه لأطرافه من حرية في اختيار من سيفصل في النزاع، إضافة لما يتسم به التحكيم من سرية وسرعة في إصدار القرار، وذلك على النحو التالي:
1 - حرية اختيار أطراف النزاع للمحكمين:
يتميز نظام تسوية المنازعات عن طريق التحكيم بتمكينه لأطراف النزاع من اختيار قاضية، الأمر الذي يفتقدونه حال لجؤهم إلى القضاء.
وهذا يؤدي إلى اكتساب التحكيم ميزة تفضيلية لدى الأفراد، حيث أن من شأنه منحهم الحرية في اختيار من يكون في قدرته على الفصل في النزاع على نحو ما ينبغي، لاسيما في النزاعات المتصلة بمسائل ذات طبيعة فنية يصعب على القاضي الفصل فيها دون إحالتها إلى خبير قد يستغرق لإبداء رأيه في النزاع وقتاً طويلاً قد لا تحتمله طبيعة المنازعة والتي تقتضي سرعة الفصل فيها.
۲ - سرية إجراءات التحكيم
هناك من المنازعات ما تتصف بالسرية، بحيث يضار أطرافها بعلانية إجراءات التقاضي، والتي قد تؤدي إلى إفشاء أسرارهم المهنية، أو الكشف عن مراكزهم الاقتصادية، الأمر الذي قد يلحق بهم ضرراً تفوق جسامته خسرانهم للدعوى، وقد لا يعوضه ما يعود عليهم من غنم الحكم لصالحهم فيها.
لأجل ذلك فإنهم يجدون في اللجوء للتحكيم ما تتحقق معه مصالحهم، حيث تحدد إرادتهم إجراءاته، ولهم جعل كافة إجراءاته سرية، إذا ما كان في علانيتها ما يلحق بهم الضرر وهو الأمر الذي لا يملكونه في حالة لجوئهم إلى القضاء الذي يخضع تقرير سرية جلساته لتقدير المحكمة إذا ما كان في ذلك حفاظ على النظام العام.
رأي الباحث:
ومن وجهة نظرنا أن الآراء المعارضة للتحكيم والتي تجعل من اتفاقه مجرد عقد إذ كان على نحو ما رأينا، لا تقلل من أهميته كوسيلة ناجزة لتسوية المنازعات بعد أن أصبح واقعاً يفرض نفسه كشرط حتمي لبقاء الدولة في المنظومة الاقتصادية الدولية، في ظل سيادة آليات اقتصاد السوق الحر، والتي لا يتفق معها فرض النظام القضائي التقليدي بكل مسالبة على إرادة أطراف نزاع يسعون وراء مصالحهم الاقتصادية التي تتحقق بلجوئهم إلى التحكيم لتسويته.