النزاع خاضع للتحكيم الجمركي لتعلقه بنوع البضاعة. التحكيم نظام قانوني متميز عن القضاء وله تطبيقاته المستقلة عن تطبيقات القضاء وقواعده الخاصة التي تفرضها العملية التحكيمية ومقاصدها القائمة على مفاهيم ليست هي بالضرورة مفاهيم وقواعد المرافعات القضائية، ومن البديهي أن تتكون هيئة التحكيم الجمركي من خبراء فنيون، فالخبير هنا هو المحكم وهو لا يتقيد بما يجري عليه العمل في نطاق العمل القضائي ولا تقيده بنصوص مواد قانون الاثبات ومواد قانون المرافعات المدنية والتجارية فتكون دعوى البطلان على غير أساس.
(محكمة استئناف القاهرة - الدائرة السابعة التجارية- الطعن رقم 55 لسنة 122 قضائية -صدر الحكم في 2009/4/7)
وحيث إن ما ينعاه الطاعن ببطلان قرار التحكيم المطعون فيه لصدوره في مسألة تحديد البند الجمركي وهي مسألة لا تختص بها لجان التحكيم الجمركي، هذا النعي مردود ذلك أن المادة 57 قانون الجمارك من رقم 66 لسنة 1963 منحت اللجان المذكورة الاختصاص بالمنازعات المتعلقة بنوع البضاعة، وكان البين من الأوراق ان المنازعة بين طرفي النزاع كان موضوعها هو تحديد نوع البضاعة وهو ما ادى بطريق اللزوم الى تغيير البند الجمركي الذي تندرج تحته، فالنزاع أذن قابل وخاضع للتحكيم الجمركي. وحيث انه مما ينعاد الطاعن على القرار محل الطعن مخالفة هيئة التحكيم لنصوص قانون الجمارك، فمردود ذلك أن سلطة محكمة الطعن ببطلان أحكام التحكيم لا تتسع لتشمل مراقبة حس تقدير المحكمين وصواب او خطأ اجتهادهم، أو أن حكم التحكيم يشكل مخالفة للقانون أو الخطأ في تطبيق القانون او تأويله باعتبار أن محكمة البطلان ليست محكمة الدرجة الثانية بالنسبة لاحكام التحكيم.وحيث ان الطاعن ينعي ببطلان حكم التحكيم تأسيسا على القول بمخالفته لأحكام قانوني الاثبات والمرافعات فيما اتبعته هيئة بشأن معاينة عينة البضاعة محل النزاع، فمردود ذلك أن التحكيم هو نظام يسمح فيه القانون يحسم نزاع ما خارج نطاق محاكم الدولة، وهو بهذا المعنى نظام قانوني متميز عن القضاء، وتميز التحكيم بذاتيته يعني ان له تطبيقاته المستقلة عن تطبيقات القضاء وقواعده الخاصة التي تفرضها العملية التحكيمية ومقاصدها القائمة على مفاهيم ليست هي بالضرورة مفاهيم وقواعد المرافعات الفضائية. فلا يشترط في التحكيم الاستعانة بكاتب أو أمين سر لتسجيل ما تم في خصومته ولا تنقيد هيئة التحكيم في مجال الاتبات بما يتقيد به القاضي لاجراءات الاثبات امام المحاكم، والمحكم له الحرية في تقدير الادلة التي تقدم اليه في الدعوى التحكيمية، والمسألة تتوقف على نمط أو نوع التحكيم الحاصل وما يتفق عليه الاطراف أو يفرضه القانون الذي ينظم التحكيم من قواعد ملزمة، والثابت أن جوهر وأساس التحكيم موضوع الدعوى هو الخبرة الفنية، ذلك أن قانون الجمارك انما جعل التحكيم الجمركي هو المسار لفض المنازعات التي تنشأ بين صاحب الشأن ومصلحة الجمارك الخاصة بنوع البضاعة لو قيمتها أو منشئها، وهي مسائل فنية بطبيعتها وملابستها لا تحتمل التأخير، ومن البديهي والحال هذه ان تتكون هيئة التحكيم الجمركي من خبراء فنيين، فالخبير هنا هو المحكم، حيث تقوم الهيئة بالمعاينة المطلوبة التفصل في شأنها مباشرة بحكم او قرار ملزم، ومن ثم لا ينفيد مثل هذا المحكم الخبير بما يجري عليه العمل في نطاق العمل القضائي ولا تفيده نصوص مواد قانون الاثبات ومواد قانون المرافعات المدنية والتجارية في هذا الخصوص.وطالما انتهت المحكمة إلى ما تقدم ومن ثم تصير دعوى البطلان على غير اساس متعينةالرفض. وحيث ان الطاعن خسر طعنه فيلزم المصروفات عملاً بالمادتين 184 و240 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسبـاب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن مصروفات طعنه.