الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم عند العرب قبل الإسلام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المركز القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي / التحكيم عند العرب قبل الإسلام

  • الاسم

    زكريا محمد يحيى صالح
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    37

التفاصيل طباعة نسخ

التحكيم عند العرب قبل الإسلام

  أكدت كتب التاريخ على أن أصل العرب جميعا يرجع إلي شعبين تفرع كل منهما إلي عدة بطون وأفخاذ وقبائل، الشعب الأول: يطلق عليه قحطان ومن ينتسب إليه يطلق عليهم بالقحطانيين، والآخر: يدعی عدنان ومن ينسب إليه يطلق عليهم العدنانيون، أما عن قحطان فأصله في اليمن وهو من أبناء سام بن سيدنا نوح عليه السلام.

   والعرب قبل الإسلام كان مجتمعهم هو مجتمع البادية، لذلك فإن النظام القبلي هو الغالب في تلك الفترة بعاداته وتقاليده وأعرافه التي توارثها العرب أباً عن جد، فكانت أغلب المجتمعات في ذلك الوقت مجتمعات قبلية لا توجد فيها سلطة مركزية ولا توجد بها أنظمة حكومية ولا توجد قوانين تحكمهم يتم الرجوع إليها في الوقائع والحوادث التي قد تقع، إنما المرجع هو العادات والتقاليد والأعراف القبلية السائدة في تلك الفترة، ولقد كان معروفاً عند العرب قبل الإسلام اللجوء إلى الاحتكام، وكانت القبائل والعشائر تلجأ إلي من تعتقد بأن لديه القدرة على حل الخلافات التي قد تثور والفصل فيها، فكانوا يحتكمون لشيوخهم فيما ينشب بينهم من خصومات، فالشيخ يجب أن تكون أحكامه الصادرة موافقة العادات والأعراف القبلية ، وكان يتولى منصب شيخ القبيلة أفضل أفرادها شرفاً ونسباً ، وكان من أهم الصفات التي لا بد من توافرها في شيخ القبيلة هى النجدة والمروءة والصبر والحكمة والتواضع والشجاعة والشدة والقوة والبطش في الحق، وأن هذه الصفات كانت موضعا للتفاخر والتنافر بين أفراد القبيلة، وأيضا من الصفات التي يجب أن تتوافر فيمن يتم اختيارهم للفصل في الخصومات التي قد تنشأ بين أفراد القبيلة أن يتمتع برجاحة العقل والفهم والإدراك والفطنة في تقدير عواقب الأمور، وكأن هؤلاء الذين يتم اختيارهم للحكم والفصل يصدرون أحكامهم وفقا لمبدأ العدالة والأنصاف والصدق والأمانة، حيث لم يكن هؤلاء الحكام يستندون إلى أية سلطة تشريعية أو قانونية يعتمدون عليه لتنفيذ قراراتهم وأحكامهم الصادرة، فهؤلاء الحكام أو المشايخ لم يكن عملهم ذلك رسميا إذ إنهم لا يتم تعيينهم بموجب تشريع أو قانون، كما هو الحاصل في وقتنا الحاضر.

   وكما اشرنا سابقا، أن العرب كانت تتحاكم إلى زعماته ومشايخها وكبار رجالات القبيلة ممن يتصفون بعدة خصال كالدهاء و الذكاء و الفطنة و الخلق و الأمانة، وذلك في كل ما يعرض لهم في شؤون حياتهم، ومما يروى عن تحاكم العرب قبل الإسلام إلى زعمائهم تحكيم يعمر بن عوف في شأن من يكون أحق بتولي شؤون البيت الحرام، و القصة كما رويت "كان قصي في قومه سیدا رئيسا مطاعا معظما والمقصود أنه جمع قريشا من متفرقات مواضعهم من جزيرة العرب واستعان بمن أطاعه من أحياء العرب على حرب خزاعة و إجلائهم عن البيت و تسليمه إلى قصي، فكان بينهم قتال كثير ودماء غزيرة، ثم تداعوا إلى التحكيم فتحاكموا إلى يعمر بن عوف بن کعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فحكم بأن قصيا أولى بالبيت من خزاعة و أن كل دم أصابه قصي من خزاعة و بني بكر موضوع بشدة تحت قدميه، و أن ما إصابته خزاعة و بنو بكر من قريش و كنانة و قضاعة ففيه الدية مودة، وأن يخلی بین قصي و بين مكة و الكعبة فسمي يعمر يومئذ الشداخ ، ومن التحاكمات عند العرب قبل الإسلام حادثة النزاع الذي جرى بين قريش في مسألة وضع الحجر الأسود في الكعبة المشرفة عند إعادة بنائها، فكان الرأي الاحتكام إلى أول من يدخل الكعبة فكان صلى الله عليه وسلم أول من دخل وكان ذلك قبل البعثة، و القصة . كما رويت "أن القبائل جمعت الحجارة لبنائها و جعلت كل قبيلة تجمع على حدتها ثم بنوا حتى إذا بلغ البنيان موضع الركن اختصموا فيه وكل قبيلة تريد أن ترفعه - إلى موضعه حتى تحاوروا وتواعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماء ثم تعاقدوا هم و بنو عدي بن كعب على الموت وأدخلوا أيديهم في هذا الدم من الجفنة فسموا لعقة الدم بذلك، فمكثت قريش أربع ليال أو خمس ليال علی ذلك، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا و تناصفوا، فزعم بعض الرواة أن أبا أمية بن المغيرة كان عامئذ أسن قريش كلها قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم، فكان أول من دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين قد رضينا به، هذا محمد فلما انتهى إليهم و أخبروه الخبر قال هلم إلي ثوبا فأتي به فأخذ الركن فوضعه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه بيده ثم بنا عليه، وكانت قريشا تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبـل أن ينزل عليه الوحي الأمين.

   وقد تعددت صور الاحتكام عند العرب قبل الإسلام، فقد كانوا يتحاكمون كما أشرنا سلفة إلى زعماء القبائل أو العشائر، أو الي حكام عرفوا برجاحة العقل والدهاء والفطنة والذكاء كما يتم التحاكم إلي الكهنة أو الأزلام أوالي النار.