الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / قوانين التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 10 / التحكيم في إيران

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 10
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    183

التفاصيل طباعة نسخ

 

 مقدمة:

    ان للتحكيم والوساطة عموماً خلفية تاريخية في الحضارات القديمة. وقد أثبتت الوثائق أن التحكيم والوساطة برزا ومورسا في منطقة الشرق الاوسط القديمة، باعتبارهما من أهم الآليات السياسية لتسوية المنازعات.

    وفي الوقت الحاضر، احدى نتائج العولمة وتعزيز التجارة الدولية والمعاملات كانت تجديد اجراءات تسوية النزاع التقليدية والحد من سلطة الدول في تطبيق قوانينها المحلية وقواعدها كأنها الاجراء الوحيد لحل النزاعات.

    ان الاجراء التقليدي لحل النزاعات، الذي كان أساساً الاحالة على التقاضي أمام المحاكم بصفتها السلطة لتحقيق العدالة والعدل، لا يتطابق مع متطلبات العالم الحديث الجديدة، وقد اختير مزيد من الاجراءات البديلة لتسوية المنازعات تنفذها الدول. وتلقى هذه العملية ترحيباً عالمياً من جهة، ومن جهة أخرى فهي تختلف من بلد إلى آخر حسب توق انفاذ السيادة.

    ان ایران، كدولة غير عربية في الشرق الاوسط، نظمت التحكيم في قوانينها المحلية وأنظمتها، وقعت المعاهدات الدولية ذات الصلة، في هذا المقال، نحاول عرض قواعد التحكيم والانظمة والاجراءات والسلطات الموجودة في ايران.

أ- قوانين وأنظمة التحكيم:

1- التحكيم في قانون أصول المحاكمات المدنية في ايران:

    تمت المصادقة على الانظمة الاولى المتعلقة بالتحكيم في ايران منذ حوالي 71 سنة في الفصل الثامن من قانون أصول المحاكمات المدنية القديم. كما أن المادة 6 من قانون انشاء المحاكم العامة ومحكمة الثورة تسمح بأحالة النزاع على التحكيم.

    لاحقاً، عدلت أنظمة التحكيم، وانعكس ذلك في قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد في ایران(CPCI) الذي تم التصديق عليه عام 2000، والذي تضمن في الفصل السابع في المواد 454 حتى 501، مناقشة أنظمة التحكيم.

   وفقاً للمادة 454 من قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد، يحق للاطراف اللجوء الى التحكيم قبل تقديم طلباتهم أمام المحكمة أو بعده. على الرغم من أن الانظمة تتعلق بمعظمها بحالات يحيل فيها الاطراف قضيتهم على التحكيم بعد أن يكونوا قد طبقوا اجراءات المحكمة، فهنالك أيضاً أنظمة حول الاحالة على التحكيم قبل تقديم الدعوى امام المحكمة القضائية، والاحالة امام محكمين خارج اطار المحاكم. وأنه على الرغم من الاطلاع على هذه المواد، يفهم أن المخاوف الرئيسية تقع في الحالات التي أحيلت امام المحكمة في المقام الاول.

     وفقا للمادة 455 من قانون أصول المحاكمات المدنية في جمهورية ايران الاسلامية، قد يتفق أطراف العقد على التحكيم في سياق وثيقة منفصلة صيغت بشكل منفصل عن العقد الرئيسي واو قد يشيروا الى التحكيم ضمن شرط في العقد الرئيسي.

    في المواد 456 و457 من قانون أصول المحاكمات المدنية، نظمت شروط الاحالة على التحكيم عندما يكون أحد الاطراف المتعاقدة أجنبيا أو يكون العقد متصلاً بالحكومة، التي في بعض نطاقاته يشترط موافقة البرلمان. في ما يلي، نذكر محتويـات المـواد المذكـورة أعلاه:

المادة 456:

    في ما يتعلق بالمعاملات والعقود المبرمة من قبل مواطنين ايرانيين وبين مواطنین ایرانیین وأجانب، طالما لم يقع خلاف، لا يمكن للجانب الايراني أن يتخذ، بشكل أو بآخر، قراراً بإحالة حل النزاع، اذا حدث ذلك، امام محكم او محكمين أو لجنة من المحكمين يتمتعون بنفس جنسية الطرف الآخر في التحكيم. اي معاملة أو عقد يتعارض مع هذا الشرط القانوني يعد لاغياً وباطلاً في ما خص هذا الجزء المخالف.

المادة 457:

    تحال القضايا المتعلقة بأملاك الدولة العامة على التحكيم بعد موافقة مجلس الوزراء واقرار مجلس الشورى الاسلامي البرلمان. وفي الحالات التي يكون فيها الطرف الآخر في القضية مواطناً أجنبياً، أو أن موضوع القضية هو أحد المواضيع المهمة في نظر القانون، عندها أيضاً تعتبر موافقة مجلس الشورى الاسلامي الزامية.

    وفقاً للمادة 461 من قانون أصول المحاكمات المدنية، اذا اختلف الاطراف على الاتفاق الرئيسي المتضمن شرط التحكيم او على اتفاق التحكيم الرئيسي، يسمح عندها للمحكمة بالفصل في النزاع.

    احدى أهم المواد في قانون أصول المحاكمات المدنية هي المادة 463 التي تشير الى أنه في حال رشح الاطراف شخصاً للنظر في نزاعهما كمحكم، والشخص المسمى لا يستطيع أو لا يريد أن يقوم بمهمة محكم، ولم يتفق الاطراف على تسمية محكم آخر، فان النظر في النزاع يدخل ضمن صلاحيات المحكمة.

    ووفقاً لهذا القانون، من الممكن للاطراف ان يمنحوا حق تعيين المحكمين شخصاً ثالثاً تعينه المحكمة.

    وقد صيغت قواعد التحكيم في اجراءات تعيين المحكمين ومكان التحكيم وتسوية المنازعات والقرار التحكيمي والقضايا ذات صلة، في هذا القسم.

    ولكن النقطة التي تجدر الاشارة اليها هي أن كل هذا القسم الوارد بعنوان "التحكيم" في قانون أصول المحاكمات المدنية، يدور حول التحكيم في النزاعات المحلية، وان كافة الجهود التي تبذل وتشجيع المنظمين من أجل احالة النزاعات على التحكيم، كانت تقع على النزاعات المحلية بدلاً من المطالبات الدولية.

2- قانون غرفة التجارة في جمهورية إيران الاسلامية:

عام 1990، صدق قانون غرفة التجارة والصناعة والمناجم في ايران. وقد عدل بعد أربع سنوات وفي القسم "ح" من المادة (5)، حيث شرحت مسؤوليات "الغرفة"، تفسر إحداها على الشكل التالي:

   "... تماشياً الجهود المبذولة في مراجعة وحل النزاعات التجارية الناشئة بين أعضاء مع غرفة التجارة أو أطراف ثالثين ليسوا من أعضاء غرفة التجارة ...".   

    وتجدر الاشارة أن هذه المهمة يجب ان يتم الاهتمام بها من خلال إنشاء مركز تحكيم تصوغ "الغرفة" نظامه ويحال على الحكومة عند موافقة السلطة القضائية.

    تنفيذاً للقانون السالف الذكر، تأسس "مركز التحكيم" في القسم القانوني من الغرفة، وقد وافقت السلطة القضائية وحكومة جمهورية ايران الاسلامية على أنظمته. ان مركز التحكيم التابع لغرفة التجارة والصناعة في ايران هو المسؤول عن حل النزاعات بين أعضائه كالكيانات القانونية والاشخاص الطبيعين الذين يمارسون التجارة داخل ایران.

3- قانون التحكيم التجاري الدولي في جمهورية إيران الاسلامية:

   أبرم البرلمان "قانون التحكيم التجاري الدولي في جمهورية ايران الاسلامية" في 15 سبتمبر 1997، ووافق عليه "حراس المجلس" ('Guardians Council) ودخل حيز التنفيذ في 5 ديسمبر 1997. ان القانون عبارة عن 36 مادة نظم استناداً إلى قانون (UNCITRAL) لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي النموذجي سواء من حيث الهيكلية أو المضمون.

    يصح القول أن هذا القانون عرف كنسخة معدلة من قانون (UNCITRAL) لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي النموذجي. ويعتبر أول قانون مصدق متصل بالتحكيم الدولي في ايران. في سياق هذا القانون:

• تعريف التحكيم الدولي في إطار قانون التحكيم التجاري الدولي في جمهورية ايران الاسلامية:

    وفقاً للمادة 1 (ب) من قانون التحكيم التجاري الدولي في جمهورية ايران الاسلامية، يعرف التحكيم التجاري الدولي بالحالة التي يكون فيها أحد أطراف النزاع من غير المواطنين الايرانيين في وقت أبرام اتفاقية التحكيم.

     وقد حدد القانون المدني في ايران معنى "المواطن الايراني" في المادة 976 على النحو التالي:

تعتبر إيرانية الاشخاص التالية:

1- جميع الاشخاص المقيمين في ايران باستثناء الذين يتمتعون بجنسية أجنبية، وجنسية هؤلاء الاشخاص الاجنبية تعتبر قائمة اذا لم تعترض الحكومة الايرانية على وثائق جنسيتهم.

2- الاشخاص الذين ولدوا في ايران أو الذين ولدوا خارج ايران وكان آباؤهم ايرانيين.

3- الاشخاص الذين ولدوا في ايران من نسب مجهول.

4- الاشخاص الذين ولدوا في ايران من أبوين أجنبيين، احدهما ولد في ايران.

5- الاشخاص الذين ولدوا في ايران من أب من جنسية أجنبية أقام أقله سنة اضافية في ایران مباشرة بعد بلوغه الثامنة عشرة، وفي حالات أخرى، ان تجنيسهم كأشخاص ایرانيين سوف يخضع لشروط الحصول على الجنسية الايرانية المنصوص عليها بموجب القانون.

6- كل امرأة من جنسية أجنبية ترتبط بزوج ايراني.

7- كل أجنبي حصل على الجنسية الايرانية.

    ملاحظة: لا يسري البند الرابع والخامس من هذه المادة على أطفال الديبلوماسيين الاجانب وممثلي القنصلية".

   لذلك، ، وفقاً للمواد المذكورة أعلاه من المهم أن نذكر أنه عند توقيع اتفاقية التحكيم يمكن للمرء أن يستفيد من منافع هذا القانون فقط اذا كان هو/هي يتمتع بجنسية أجنبية أو كان أحد أطراف الاتفاقية (على الاقل واحد) يتمتع بجنسية أجنبية وفقاً للقانون المدني في جمهورية ايران الاسلامية.

    وعلاوة على ذلك، ونظراً الى عدم وجود اي تشديد صريح و/أو ضمني على هذه المسألة في القانون يبدو أنه اذا، حصل الطرف الاجنبي في العقد على الجنسية الايرانية لاحقاً (مع او بدون جنسية مزدوجة) فان الحق المكتسب للتمتع بفوائد هذا القانون لا يمكن الحرمان منه والعقد لن يصبح باطلا.

     ولكن لا تزال هنالك مسألة امكانية اعطاء الصيغة التنفيذية لقرارات تحكيمية صدرت خارج جمهورية ايران الاسلامية في تحكيم جرى خارجها ومسألة تطبيقها او لا لهذا القانون. الجواب عن هذا السؤال يبقى سلبيا حتى تدخل التعديلات الجديدة حيز التنفيذ.

• النطاق:

    في القسم "ج" من المادة الاولى من قانون التحكيم التجاري الدولي، عرفت اتفاقية التحكيم ونطاقها معاً. وحسب هذا القسم:

   "ان اتفاقية التحكيم هي اتفاقية بين الاطراف والتي على أساسها، كل أو بعض الخلافات التي نشأت أو قد تنشأ من علاقة أو أكثر من العلاقات القانونية المعينة التعاقدية أو الغير التعاقدية سوف تحال على التحكيم. قد يكون اتفاق التحكيم في سياق شرط تحكيم أو يكون كناية عن عقد منفصل في حد ذاته".

   على الرغم مما ذكره سابقاً الايرانيون أن هذا القانون يرتكز على قانون (UNCITRAL) لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي النموذجي، ولكن انحرفات مهمة عن القانون النموذجي منظورة. على سبيل المثال، كما هو وارد في المادة 2 من القانون النموذجي، ان عبارة "تجاري" تعرف على نطاق واسع لتشمل بيع وشراء السلع والخدمات والنقل والتأمين والمسائل المالية والخدمات الاستشارية والاستثمار والتعاون التقني والتمثيل والوكالة والانشطة التعاقدية، وتلك التي تشبهها. أما التحكيم الدولي، فهو معرف بشكل ضيق في القانون، الذي حدده بالحالة التي لا يكون فيها أحد الأطراف، وقت ابرام اتفاقية التحكيم، مواطنا ايرانيا بموجب القانون الايراني هذا التعريف هو اختلاف مهم عن المادة 1(3) من القانون النموذجي، التي تنص:

"... يكون التحكيم دوليا اذا:

(أ) كانت أماكن عمل أطراف اتفاقية التحكيم، وقت أبرامها، واقعة في دولتين مختلفتين، أو

(ب) احد الاماكن التالية يقع خارج الدولة التي يملك فيها الاطراف أماكن عملهم،

     (i) مكان التحكيم اذا كان ثابتا في، او عملا بـ، اتفاقية التحكيم،

     (ii) أي مكان ينفذ فيه جزء أساسي من موجبات العلاقة التجارية أو المكان الاوثق صلة بموضوع النزاع، أو

(ج) اتفق الاطراف صراحة على أن موضوع اتفاقية التحكيم يطال أكثر من بلد".  

    وبالتالي، وفقاً لهذا القانون، يكون الاطراف أحراراً في اختيار المحكم وبالنسبة الى اجراءات التعيين. وبالحديث عن الاجراءات العادية للمحكمة، ووفقاً لهذا القانون، ليست للمحكمين قيود فيما خص المطابقة مع الشكليات الاجرائية العادية التابعة لاجراءات المحاكم. حسب المادة 11، يجوز لاطراف النزاع الاتفاق على آلية تعيين محكم (محكمين) تحترم الانظمة الموجودة في القسم الثالث والرابع من هذه المادة. وفي حال عدم وجود أي نزاع، لا يكون الجانب الايراني مجبراً على احالة النزاع الذي سينشأ في المستقبل / النزاعات التي ستنشأ في المستقبل على محكم (محكمين) يحمل الجنسية نفسها للطرف الذي عينه.

    تنص المادة (19) من القانون على حق أفرقاء النزاع في اختيار اجراءات التحكيم بما لا يخالف أحكام هذا القانون الالزامية. وتنص أيضا المادة 20 على أن المحاكمة سوف تجرى في المكان الذي يتفق عليه الاطراف. في حال عدم الاتفاق على مكان التحكيم، يتم تحديده مع الاخذ في الاعتبار مسائل كوضع القضية والمكان الأنسب لكلا الطرفين. ويكون ذلك على عاتق المحكمين.

4- اتفاقية نيويورك في شأن الاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية:

    انضمت ایران الى اتفاقية نيويورك لعام 1958 في شأن الاعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية الاجنبية في 10 أبريل 2001 التي من خلالها تصبح القرارات التحكيمية الدولية نافذة في ايران. ومع ذلك، من ناحية تنفيذ أحكام معاهدة نيويورك، لا تزال ممارسات المحاكم الايرانية غير متناغمة، وعلى الرغم من حرص المحاكم المحلية على عدم صدور أحكام لصالح انفاذ قرار تحكيمي أجنبي، يبقى الامل معقودا على أن هذا الاجراء سيأتي بمزيد من النجاح في المستقبل.

   وخلاصة الأمر، بعد صدور القرار التحكيمي، وفي حال وجب انفاذه في ايران، يجدر تطبيق هذه الاتفاقية أمام المحاكم الايرانية، وبعد ذلك، ستنظر المحكمة في القضية واستناداً إلى الظروف السائدة والشروط المتفق عليها في اتفاقية نيويورك سوف تصدر الحكم في شأن انفاذ القرار التحكيمي.

5- المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID):

     أنشىء المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بموجب اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى (الـ ICSID أو اتفاقية واشنطن) مع أكثر من مئة وأربعين دولة عضواً. تنص الاتفاقية على تفويض المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، تنظيمه ووظائفه الاساسية. الهدف الرئيسي من المركز المذكور هو تأمين وسائل للتوفيق والتحكيم في منازعات الاستثمار الدولية.

    ان اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار هي معاهدة متعددة الاطراف نظمها المدراء التنفيذيون في البنك الدولي لاعادة الاعمار والتنمية (البنك الدولي). وفتح باب توقيعها في 18 مارس 1965 ودخلت حيز التنفيذ في 14 أكتوبر 1966.

    لسوء الحظ، ايران ليست دولة عضواً في اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار وبالتالي، فإن المستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن عقد اتفاقيات استثمار مع الحكومة، لن يكونوا في موقع تتوافر لهم فيه خدمة المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار وحمايته.

    وفقاً لأنظمة اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار وقوانينها، لكي يدخل نزاع ضمن اختصاص المركز، يجب أن يكون أحد الاطراف، دولة موقعة والطرف الآخر "مواطناً من دولة عضو أخرى". هذه العبارة تشمل الاشخاص الطبيعيين والاشخاص الاعتباريين.

    وبالتالي، فأن المستثمرين من الجنسية الايرانية الذين يبحثون عن الاستثمار في بلدان أخرى قد تكون دولة عضواً، لن يكونوا أيضاً في موقع يستفيدوا من خلاله من تقديمات المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في حال توصلوا الى اتفاق مع حكومة دولة عضو.

6- التحكيم الخاص، الوساطة والوسائل البديلة لحل النزاعات:

    اعتبر دوماً التحكيم الخاص، اجراء لحل النزاعات. وقد لوحظ هذه الايام، أنه في العديد من الاتفاقيات التجارية، يتم الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم لحل النزاعات بشكل عام والى التحكيم الخاص على وجه التحديد.

     وبصرف النظر عن الاختلافات بين التحكيم الخاص والتحكيم المؤسساتي، ما زال انفاذ تسوية المنازعات من خلال الاجراء الخاص يواجه مشاكل وصعوبات في ايران. عادة، لا يمتثل أحد الاطراف لالتزاماته بموجب الاتفاق الذي أبرم لتسوية المنازعات، ولا يعود من مجال أمام الاطراف سوى احالة قضيتهم أمام المحكمة للموافقة على اختصاص المحكم الخاص للمضي في القضية، أو اذا كان قد صدر القرار التحكيمي، من أجل انفاذه.

    لقد تم الاعتراف بالوساطة في القانون الايراني، ولكن ليس هنالك مركز رسمي في ايران لكي يتولى تطبيق قواعد الوساطة. بعبارة أخرى، يمكن الاطراف المتنازعة ان تحل حبياً نزاعاتها من خلال وسيط (غير رسمي) وانفاذ قراره في اتفاقهما. وفي حال لم يتفق الطرفان على تنفيذ القرار، يستطيع كل منهما طلب تنفيذه أمام المحاكم.

    الوسائل البديلة لحل النزاعات جديدة في ايران. بعد المصادقة على المادة 189 من خطة التنمية الاجتماعية، الثقافية الاقتصادية الثالثة في ايران، حصل تغيير كبير في النظام القضائي في ايران الذي من خلاله تم إنشاء مجلس المصالحة. هذه المجالس مسؤولة عن النظر في أنواع محددة من الطلبات ولها نطاق سلطة محدودة للنظر في هذه القضايا. ان الغرض الرئيسي من انشاء مراكز كهذه هو تقليص حجم الاحالات على المحاكم العامة.

    تجدر الاشارة الى أن التحكيم الخاص، الوساطة والوسائل البديلة لحل النزاعات سوف تطبق على القضايا المدنية والتجارية ولن تطبق على فئات معينة من القضايا، بما في ذلك تلك التي تشمل حكومات و/او عناصر جزائية.

ب- السلطات التحكيمية في ايران:

1- المحاكم العامة الأسرية والمدنية:

    كما ذكر أعلاه، لقد نوقش التحكيم بالتفصيل في قانون أصول المحاكمات المدنية الايراني، وهو قابل للتطبيق في جميع القضايا المدنية والأسرية، ولكن رهناً باتفاق الطرفين. ورغم أنه في القضايا الأسرية، نص القانون على بعض الالتزامات للاحالة أمام المحكم (المحكمين) الذي لا يحدث تأثيراً في تسوية النزاع، ولكن يعتبر في الأساس مجرد اجراء شكلي من الاجراءات القانونية.

     وبالتالي، في حال اتفاق الطرفين على التحكيم من دون تعيين منظمة تحكيم خاصة، فان قواعد قانون أصول المحاكمات المدنية الايراني تكون قابلة للتطبيق. من الواضح، أن القضايا الجزائية هي خارج نطاق التحكيم.

2- مركز تحكيم غرفة إيران:

    أنشىء مركز تحكيم غرفة ايران (ACIC) في 3 فبراير 2002 بموجب قانون خاص سمي "قانون الاذين جمعية The Law on Auricles of Association of ACIC) "ACIC) كما وافق عليه البرلمان في ايران. ويتم تنظيم مركز تحكيم غرفة ايران باعتباره عضواً منتسباً إلى غرفة تجارة إيران، ولكنه يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة. أن مركز تحكيم غرفة ايران (ACIC) هو أول مؤسسة تحكيم إيرانية مستقلة أنشئت لغرض تسوية النزاعات المحلية والدولية عن طريق التحكيم أو التوفيق.

    وفقاً للمادة 4 من القانون المذكور، يتكون مركز تحكيم غرفة ايران (ACIC) من: (i) مجلس ادارة مؤلف من سبعة أعضاء، (ii) الامين العام الذي يعينه مجلس يشكل من المحامين الايرانيين البارزين، و(iii) المحكمين.

    وتنص المادة 8 من القانون على ان يكون المحكمون من بين المحامين، ورجال الاعمال وغيرهم من الاشخاص الذين يتمتعون بالمعرفة والسمعة والخبرة، وعلى اطلاع كاف بالقوانين التجارية المحلية والاجنبية والعادات. ويجوز للأطراف انتخاب محكمهم وتعيينه من بين الافراد الايرانيين أو الاجانب المؤهلين. .

    ان اجراءات التحكيم في التحكيـم الدولي التي تحال على مركز تحكيم غرفة إيران تخضع لـ "قانون التحكيم التجاري الدولي" (LICA) الذي صدر عام 1997 وترتكز على قانون (UNCITRAL) لجنة الامم المتحدة النموذجي، وفي حالات التحكيم الداخلي، يطبق "قانون الاجراءات المدنية" (CPC) الذي تمت الموافقة عليه عام 2001. ومع ذلك، يجوز للطرفين الاتفاق على القواعد الاجرائية للتحكيم في حدود ما يتفق وقواعد هذه القوانين الالزامية.

     تحال النزاعات امام مركز تحكيم غرفة ايران من خلال احدى الطرق التالية:

(i) اتفاق تحكيم منفصل.

 (ii)شرط تحكيمي في العقد الاساسي.

 (iii)احالة فعلية من جانب المدعي وقبول المدعى عليه.

    ليس هنالك، بموجب القواعد الحالية، حق للطعن في القرارات التحكيمية. ومع ذلك، يمكن للمحكمة في ظل شروط معينة منصوص عليها في القانون، ابطال القرار التحكيمي. اما اساس ابطال قرار تحكيمي داخلي ليس دائماً كالذي يستند اليه في القرارت التحكيمية الدولية.

3- مركز تحكيم نقابة المحامين المركزية:

    تم أخيراً انشاء مركز تحكيم نقابة المحامين المركزية في ايران بهدف التشاور في الخلافات بين الطرفين في القضايا التجارية والمدنية. وذكر الترخيص بانشاء هذا المركز في النظام الأساسي لنقابة المحامين المركزية في ايران.

    تجدر الاشارة الى أن القرارات التحكيمية الصادرة عن المركز يجب أن تحال امام المحاكم العامة للتحقق والتنفيذ، كون هذا المركز لا يملك سلطة قضائية لاصدار الأحكام.

    احدى مزايا هذا المركز، والتي تتطابق مع ميزة مركز تحكيم آخر، هي أن المحكمين الذين يعينهم المركز هم خبراء متخصصون في مجال نشاطهم، وعليهم، تحال القضايا على أساس خبرتهم".

    وقد أنشى هذا المركز حديثا في نقابة المحامين المركزية وليس هنالك ما يذكر من اجراءات التحكيم أمام هذا المركز.  

4- المركز الاقليمي للتحكيم في طهران (TRAC):

     يشكل العرف في التجارة الدولية (الممارسات) والميل الى عدم تمركز التحكيم من ناحية الاجراءات، سببين رئيسيين لانشاء مراكز تحكيم مختلفة في جميع أنحاء العالم خلال العقود الماضية. تسوى النزاعات الناشئة عن الانشطة التجارية الدولية برعاية هذه المراكز. ويؤكد تطور مؤسسات التحكيم في كل انحاء العالم أهمية التحكيم المؤسسي كظاهرة لا غنى عنها في ادارة التحكيم. وان المركز الاقليمي للتحكيم في طهران (TRAC) هو مثيل لهذه الؤسسات. وقد أستس وفقا للاتفاق بين جمهورية ايران الاسلامية ومنظمة الاستشارات القانونية الاسيوية- الافريقية (AALCO) في 3 مايو 1997، لتعزيز التحكيم المؤسسي في آسيا وأفريقيا؟.  

    الاهداف الرئيسية وراء المركز الاقليمي للتحكيم في طهران هي تقديم خدمات تسوية المنازعات الى الافرقاء في التجارة الدولية وعلاوة على ذلك، تشجيع تحكيم التجارة الدولية الاقليمي وتطويره، كما انه يضاف الى هذه الاهداف، التعاون مع مؤسسات التحكيم الموجودة المنطقة، والمساعدة على اداء التحكيم الخاص بناء على قواعد الـUNCITRAL حاليا في والمساعدة لانفاذ قرارات التحكيم.

    صیغت قواعد التحكيم في اطار المركز الاقليمي للتحكيم في طهران (TRAC) من قبل المؤسسة نفسها استناداً إلى التغييرات الاخيرة في التحكيم الدولي وآراء الخبراء الكبار المختارين في مجالات التحكيم. وأخيراً، وافق الامين العام لمنظمة الاستشارات القانونية الاسيوية الافريقية (AALCO) على قواعد التحكيم في اطار المركز الاقليمي للتحكيم في طهران (TRAC) في 31 يناير 2005. وقد صيغت القواعد في المركز الاقليمي للتحكيم في طهران (TRAC) في ضوء قواعد الـUNCITRAL كونها أكثر القواعد الدولية للتحكيم ريادة وشهرة.

    وكجزء من قواعد المركز الاقليمي للتحكيم في طهران، تتم اجراءات التحكيم أمام مجلس تحكيم، يعين أعضاؤه لمدة ثلاث سنوات لتنفيذ قواعد التحكيم استناداً إلى مبادىء الاستقلالية والحياد. .

ج- اجتهادات التحكيم – السوابق القانونية:

   الاجتهادات في جمهورية ايران الاسلامية، كدولة يستند نظامها القانوني إلى ما يسته البرلمان، ذات تأثير ضعيف في عملية صنع القرار أمام المحاكم والهيئات القضائية. وبالتالي، لسوء الحظ، لا يوجد أي سجل منشور للقرارات التحكيمية والاحكام التي يمكن اعتبارها اجتهادا في هذا الصدد. في هذه الاثناء، نشر ممثل الثقافة التابع لوزارة العدل في جمهورية إيران الاسلامية عدداً من الاحكام التي صدرت عن محكمة الاستئناف في قضايا تخص التحكيم. تجدر الاشارة الى ان هذه الاحكام صدرت على أساس القسم الذي يتناول التحكيم في قانون أصول المحاكمات المدنية الايراني، ولكن دون أي شيء يذكر في ما خص القوانين والانظمة الأخرى المطبقة في ايران في ما يتعلق بالتحكيم والتحكيم التجاري الدولي. وفي الوقت نفسه، من خلال استعراض الاحكام الحالية الصادرة عن محكمة الاستئناف، يفسر عدد من المبادىء التي يمكن الاخذ بها في الدعاوى. سوف نشير في ما يلي، الى بعض هذه المبادىء التي فسرت من خلال مراجعة الاحكام المرتبطة بها بصلة :

• عبر ادراج شرط تحكيمي، يصبح القضاء غير مختص بالنظر في الدعوى وينبغي الاشارة الى ذلك قبل صدور قرار المحكم.

• يجب ان يصدر قرار المحكم ضمن المهلة التي وضعها الاطراف اذا سبق أن اتفقوا عليها، أو حسب القانون وتكون ثلاثة أشهر. ان صدور القرار التحكيمي بعد المهلة المختارة ينتج منه الغاء القرار.

• وضع شرط يحيل النزاعات على وسيط، لا يتضمن بحد ذاته أحالة على التحكيم.

• في الحالات التي اختار فيها الاطراف التحكيم وسيلة لحل نزاعاتهم، تكون الاحالة امام القضاء بدون أساس.

• لا يصح اعتبار الكيانات القانونية كمحكمين.

• اذا اتفق الأطراف على احالة نزاعهم على التحكيم من دون ان يتمتعوا بالأهلية لذلك، تكون اتفاقية التحكيم باطلة.

• اذا اتفق الاطراف على تسوية نزاعاتهم في النظام الاساسي للشركة على ان تحال الخلافات بين المساهمين والشركة على التحكيم، فيكون بالتالي الادعاء امام القضاء دون اساس.

• احتمال الاحالة الى التحكيم من أجل تفسير العقد لا يتعلق بتنفيذه، وفي حال الخلاف على التنفيذ، تبقى المحاكم مؤهلة للنظر في الدعوى.

• ينبغي الاشارة الى مهلة التحكيم في عقد التحكيم، وفي حال عدم ذكرها، يمكن الغاء العقد التحكيمي.

• في الحالات التي يتم فيها توقع التحكيم، تجدر الاشارة الى نطاق اجراءات التحكيم وفترته. وفي حال عدم ذكر المهلة، تكون لفترة ثلاثة اشهر تبدأ من تاريخ أحالة القضية على المحكم. وينبغي أن يصدر القرار التحكيمي ضمن النطاق المعني.

• وفقاً للفقرة 2 من المادة 481 من قانون أصول المحاكمات المدنية الايراني، في حال وفاة أحد الاطراف، يلغى الشرط التحكيمي.

• ان الاتفاق على الاحالة على التحكيم هو اجراء تكميلي، ويحق للاطراف الاتفاق على خلاف ذلك.

• اذا رفض الاطراف معاً كامل قرار المحكم أو جزءاً منه، عندها يكون القرار في القسم الذي تم الاتفاق على رفضه بأطلا وغير منتج.

    كما ذكر أعلاه، لا تعتبر السوابق القانونية في ايران ذات طابع اجباري على الرغم من أن القضايا المنشورة تحتوي على بعض النقاط، وتفسير القانون (القوانين) التي يمكن للقضاة ان يأخذوها في الاعتبار أثناء النظر في النزاع وفي حال أشار الاطراف اليها.

د- الخلاصة:

   في الختام، يمكن استخلاص أن التحكيم في ايران، مسموح في الطلبات المحلية والدولية على حد سواء، وان نطاق الاحالة على التحكيم ليس محصوراً فقط بالمسائل التجارية، ولكن يشمل أيضا القضايا المدنية والأسرية. ومع ذلك، تحال عادة منازعات التحكيم التجاري أمام منظمات/مؤسسات تسوية المنازعات المتفق عليها في الاتفاق الذي أبرم بين الاطراف، في حين أن احالة عامة على التحكيم، في حال لم يتفق الاطراف على محكم معين/منظمة تحكيم معينة، سوف تقودهم الى العودة الى المحاكم العامة.

    أما في ما يتعلق بتأثير نفاذ القرارات التحكيمية الدولية في ايران والسوابق القانونية على اصدار قرارات تحكيمية مختلفة من مؤسسات التحكيم في ايران، فانه ويا للأسف لا توجد أي احصاءات منشورة، الا أنه كما أشير اليه، يجب القيام بالمزيد من المحاولات لكي يتم الاعتراف بالتحكيم وقابلية تنفيذه في ايران من أجل تسوية المنازعات المحلية والدولية، وذلك سوف يتطلب مساعي مختلفة من الهيئات التنظيمية والتنفيذية ومن المنظمات الخاصة وشبه الحكومية المسؤولة عن هذه الآلية المهمة لتسوية المنازعات.