الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / نشأة التحكيم في عصر الإغريق والرومان / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / التحكيم عند الرومان

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    31

التفاصيل طباعة نسخ

التحكيم عند الرومان:

  وقد مر التحكيم في هذه الحقبة من الزمن كما يلي:

1- كان التحكيم في روما ذائما في العقود الرضائية وهي البيع والاجارة والوكالة والشركة اذ أنـاد المتعاقدون - لاسيما في مجال التجارة – من تحرير هذه العقود من الشكلية فكانوا يتفقون على اختيار شخص يسمونه "arbitrator" - لا ليفصل فيما قد ينشأ عن العقد من خلاف ، وانما لتكملة شروطه أو الاشراف على تنفيذه، كتحديد ثمن البيع أو الأجره في الاجارة أو توزيع الأرباح في الشركة. وكان قرار المحكم يعتبر جزءا من العقد ويستمد قوته الالزامية من هذه الصفة. ولما كان الأصل في العقود الرضائية حسن النية، "justilia" فقد كان من حق القاضي التدخل لتعديل قـرار المحكم اذا قدر أنه مجحف، وشأن القرار في ذلك كشأن شروط العقد الأخرى.

   أما في غير العقود الرضائيـة فـلـم يكـن الاتفاق على التحكيم جائزا الا باتباع الاجراءات الشكلية "tipulatio" وكانت مهمة المحكمة في هذا التحكيم الفصل في الخصومة. بيد أن قـرار التحكيم لم يكن ملزما لأطراف النزاع، وانما يقتصر أثر الامتناع عن تنفيذه على مجرد دفع غرامة مالية "Poena" تحيـن فـي الاتفاق. هـذا التحكيـم هـو الـذي أطلـق علـيـه اسـم ex compromissio"، وهو الذي تطور حتى صار التحكيم المعروف في الوقت الحاضر. وقد بدأ هذا التطور منذ عصر جستنيان ، اذ استقر الأمر على التزام الخصوم بتنفيذ قرار التحكيم اذا أعلنوا قبولهم له أو انقضت عشرة أيام من تاريخ علم كل منهم به دون الاعتراض عليه.

   يضاف الى ذلك نوع من التحكيم الاجباري، اذ كان القانون الروماني منذ عصوره الأولى يجيز للخصوم -في بعض منازعات يشترط أن يوجد بشأنها نص- الحضور أمام البريتور لطلب تعيين " قاض أو محكم "Judicis arbitrive postulatio" وتبدأ الاجراءات بشـرح موضـوع الدعوى وتقديم المستندات ثم يوجه المدعي الكلام الى المدعى عليه قائلا "انت مدين لي بمبلغ كـذا فهل تقر أو تنكر "فاذا أنكر الخصم، وجه المدعى الكلام الى البريتور قائلا "مادام الأمر كذلك فـاني أطلب منك أيها البريتور أن تعين قاضيا أو محكمـا".

2 – تـلك هـي الأصـول الأولـى التـي بـدا منهـا التحكيـم رحلـة التطـور، تطـور الـ "ex compromissio" حتى صار ضربـا مـن القضاء الخاص ينتهي بقرار ملزم للخصوم، وتطور تحكيم العقود الرضائية حتى صار التحكيم مع اطـلاق الحرية للمحكم للفصل في النزاع دون التقيد بأية قواعد وضعية "L'amiable composition".

   وفي القرون الوسطى وجد التحكيم المناخ الصالح للتطور في كنف المبادئ التي نادي بها نتهاء الكنيسة، ولاسيما مبدأ قدسية العقد "Pacta sunt servanda" الذي يجعل الارادة مصدر القوة الملزمة في العقد وحسن النية قاعدة تفسيره وتنفيذه، فأتيحت للمتعاقدين حرية الاتفاق على التحكيم مع الالتزام باحترام قرار المحكم. وذاعت آنذاك اتفاقات التحكيم على وجه الخصوص في مراكز التجارة الدولية الكبرى، كالجهود الايطالية وباركت الكنيسة هذا الاتجاه لأن التحكيم ينطوى على معان أخلاقية سامية تتفق وتعاليمها كالتسامح والصلح والتضحية المتبادلة والاقتصاد.