الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / نشأة التحكيم وتطوره / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / التطور التاريخي للتحكيم في المنازعات الإدارية في مصر

  • الاسم

    محمد عبدالتواب عبدالحسيب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    732
  • رقم الصفحة

    78

التفاصيل طباعة نسخ

التطور التاريخي للتحكيم في المنازعات الإدارية في مصر

أولا: المرحلة السابقة على إنشاء مجلس الدولة المصري.

    في هذه المرحلة كانت مصر تأخذ بنظام القضاء الموحد؛ فكانت المحاكم العادية وحدها صاحبة الولاية العامة وجهة الاختصاص في شتى أنواع المنازعات، فضلا عن أن رقابة القضاء على أعمال الإدارة كانت رقابة ناقصة لا توفر للمواطنين الضمانات الكافية؛ فكانت رقابة تفويض فقط دون أن يكون لها حق الإلغاء للقرارات الإدارية غير المشروعة أو تأويلها أو وقف تنفيذها؛ فمرت هذه المرحلة بعدة تطورات، فقبل إنشاء المحاكم المختلطة والمحاكم الأهلية، قام محمد علي باشا بعد القضاء على نفوذ المماليك ووحدة الإدارة المصرية بإنشاء الإدارات أو الدواوين لتصريف شئون البلاد.

ثانياً: مرحلة إنشاء مجلس الدولة المصري(مرحلة القضاء المزدوج)

   فالمحاكم الأهلية والمختلطة، والتي كانت موجودة في مرحلة سابقة على إنشاء مجلس الدولة المصري لم تعرف القواعد الإدارية التي أرساها المجلس الدولة المصري بعد إنشائه، فكانت تلك المحاكم تطبق قواعد القانون المدني والتشريعات الخاصة.

    لكن هذا الوضع غير العادي لم يدم طويلاً، فعندما أرادت الحكومة المصرية أن يكون لها قضاء مزدوج على غرار فرنسا أقدمت الحكومة على إصدار أمر عال بتاریخ 23 أبريل عام 1879، يتضمن إنشاء مجلس شوری الحكومة يشبه مثيله في فرنسا يشكل من مستشارين مصريين وأجانب وتقررت له اختصاصات في الفتوى والصياغة والقضاء، وعهد إليه بوظائف صياغة القوانين والإفتاء والقضاء، وكانت له ولاية التعويض والإلغاء للقرارات الإدارية المخالفة للقانون، مع العلم أن هذا المجلس لم يدم طويلاً نظراً للظروف التي كانت تمر بها مصر في ذلك الوقت من ضائقة مالية ومن توغل نفوذ الدول الأوروبية فيها توغلاً كبيراً ومن بعدها من بدء الاحتلال البريطاني، الأمر الذي جعل المشرع يصدر القانون النظامي عام 1883 والذي نص على إنشاء مجلس آخر لشوري الحكومة والذي كان يتضمن قسمين أحدهما للتشريع، والثاني للإدارة ولم يكن له أي اختصاص قضائي، بيد أن هذا المجلس لم يستمر هو الآخر كثيرا في عمله نظرا لاعتبارات سياسية في ذلك .

    وفي عام 1939 قامت لجنة قضايا الحكومة بإعداد مشروع إنشاء مجلس الدولة وبمقتضاه اختص المجلس بإصدار الفتوى وصياغة التشريعات إلى جانب الاختصاص القضائي، وكان له حق إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة، ولكي يكون قراره نافذا أن يصدق عليه من مجلس الوزراء؛ فلم يمنح له ولاية القضاء المفوض فيما يتعلق بإلغاء القرارات الإدارية المعيبة؛ فكان اختصاصه مقيدا على نحو ما كان متبعا في فرنسا آنذاك.

    وبالرغم من توافق التنظيم القانوني المتقدم للتحكيم كطريق ميسر لفض المنازعات منذ عام 1883، إلا أنه طوال الفترة الممتدة منذ ذلك التاريخ حتى صدور قانون المرافعات التالي في عام 1949 بل وإلى ما بعد هذا التاريخ بسنوات، لم يحظ التحكيم على مستوى الواقع الفعلي بأهمية تذكر، وظل اللجوء إلى القضاء هو الطريق صاحب الهيمنة الساحقة لتسوية المنازعات . فحرص مجلس الدولة منذ نشأته على تحقيق التوازن بين سلطات الإدارة الاستثنائية اللازمة لكونها القوامة على سير المرافق العامة وتحقيق المصالح العام وبين احترام حقوق الأفراد وحرياتهم.

   وبعد قرابة الخمسة والثلاثين عاماً كان مشروع قانون التحكيم قد اتخذ ثوبه الأول كمشروع القانون في التحكيم التجاري الدولي أولا، لينتهي ثوبه الأخير كقانون متكامل للتحكيم في المواد المدنية والتجارية ، منظماً جميع الأحكام الخاصة بالتحكيم سواء داخلياً أو دولياً أو تجارياً أو غير تجارياً.

    وبصدور دستور 1971 تضمنت المادة 172 منه النص على أن: "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى"، الأمر الذي يستشف منه عن نية المشرع الدستوري بفصل السلطة القضائية على مجلس الدولة باعتباره هيئة قضائية مستقلة، فصدر أخيرا قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.

    وقد أكد دستور 2012 أيضا بالمادة 174 على أن: "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة؛ يختص دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه. ويتولى الدعاوى والطعون التأديبية، والإفتاء في المسائل القانونية التي يحددها القانون، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تحال إليه، ومراجعة العقود التي تكون الدولة طرفا فيها "، كما أن دستور 2014 الحالي المعدل في أبريل 2019 نص في المادة 190 منه على أن: "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوی والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى".