الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / نشأة التحكيم وتطوره / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / التحكيم قبل صدور القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤

  • الاسم

    محمود احمد عبدالسلام احمد نقي الدين
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    466
  • رقم الصفحة

    308

التفاصيل طباعة نسخ

التحكيم قبل صدور القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤

   أختلفت آراء الفقه بين مؤيد ومعارض للتحكيم في منازعات العقود الإدارية قبل صدور قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤، حيث لم ينص التشريع صراحة على هذا النوع من التحكيم.

   فقد ظهر اتجاهان في الفقه والقضاء بخصوص مدى جواز اللجوء للتحكيم لحسم المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية قبل صدور القانون رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ المنظم للتحكيم في المواد المدنية والتجارية، حيث كان التحكيم في المنازعات منظماً في هذه الفترة بالمواد من ٥٠١ إلى ٥١٣ من القانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ في شأن المرافعات المدنية والتجارية، حيث لم يتضمن نصاً صريحاً تجيز بمقتضاه اللجوء للتحكيم لحسم المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية.

أولاً : الموقف التشريعي :

   صدر قانون المرافعات الموحد رقم ٧٧ لسنة ١٩٤٩ وجاء تنظيم التحكيم في ۳۳ مادة، إلا أن هذا التنظيم لم يرد به نص صريح يجيز أو يمنع في منازعات الدولة.

   ثم صدر قانون المناجم والمحاجر رقم ٦٦ لسنة ١٩٥٢ وقد نصت المادة (٤٥) منه على جواز اللجوء إلى التحكيم في منازعات عقود وتراخيص استغلال المناجم والمحاجر عن طريق التحكيم الاختياري بواسطة لجنة ثلاثية، فيختار كل طرف محكمة، والثالث يتم اختياره بواسطة الجمعية العمومية لمحكمة القضاء الإداري من بين أعضائها، وتسند إليه رئاسة اللجنة، وتكون قرارات هذه اللجنة غير قابلة لأي طعن.

   كذلك صدر القانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٤ بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة (معدل بالقانون رقم ٣٢ لسنة ١٩٧٧) ونصت المادة ٤٥ منه على أن " يجوز الاتفاق على تسوية المنازعات التي تنشأ بين المشروعات المقامة بالمناطق الحرة أو بينها وبين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أو غيرها من السلطات والأجهزة الإدارية ذات الصلة بنشاط العمل بالمنطقة بطريق التحكيم، كما يجوز للجنة التحكيم أن تنظر أيضاً المنازعات التي تقع بين المشروعات المقامة بالمنطقة الحرة، وبين الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب إذا قبل هؤلاء الأشخاص إحالة النزاع إلى لجنة التحكيم قبل أو بعد وقوعه.

ثانياً : موقف الفقه من التحكيم في منازعات العقود الإدارية قبل صدور قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ :

الرأي الأول : عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية:

    الاتجاه الفقهي المعارض للتحكيم في منازعات العقود الإدارية لا يجيز هذا الرأي تسوية منازعات العقود الإدارية بواسطة التحكيم إلى العديد من الأسانيد، منها ما يتعلق بسيادة الدولة أو توزيع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري أو التشكيك في حيدة المحكمين.

وذلك على النحو التالي:

أولاً : التحكيم يتعارض مع سيادة الدولة:

   يقول الرأي أن التحكيم في منازعات العقود الإدارية يتعارض مع مبدأ سيادة الدولة، بما ينطوي عليه من سلب لاختصاص القضاء الوطني والذي يعد أحد مظاهر تلك السيادة.

   وانتقد الفقه هذا الاتجاه لاتخاذ احترام سيادة الدولة مانعاً من التحكيم في العقود الإدارية تأسيساً على انعدام المساس بسيادة الدولة حال اللجوء للتحكيم .

   ومن ثم فإن الدولة باعتبارها طرفاً في المنازعة توافق على اللجوء للتحكيم لتسويتها باتفاق تحكيم تعقده مع الطرف الآخر فيها.

   فالمشرع الوطني هو الذي يسمح بالتحكيم، حتى ولو كان اختيارياً، فإرادة الافراد ليست كافية بمفردها لا يجاده، حيث يقتضي الأمر ضرورة تدخل المشرع لإقرار اللجوء إليه.

   ومما يدعم مساس التحكيم بسيادة الدولة عدم انقطاع الصلة بينه وبين القضاء الوطني، حيث يملك بموجب نصوص تشريعية سلطة التدخل في اعمال المحكمين سواء بالمساعدة أو الرقابة أو الإشراف، وهي أمور يختلف مداها من نظام إلى آخر.

   ومما يدعم وجهة النظر التي لا ترى في التحكيم مساسا بسيادة الدولة فيما يتعلق باستبعاده للقانون الوطني، أن ذلك القانون ليس مستبعداً في كل الأحوال من التطبيق في المنازعات التحكيمية ، حيث يكون بوسع الدولة ممثلة في الشخص العام طرف اشتراط تطبيق القانون الوطني، إذا ما اتفق على تسوية منازعات العقد تحكمياً.

ثانياً: اللجوء إلى التحكيم يتطلب سلب الاختصاص القضائي لمجلس الدولة، وتعديل قواعد الاختصاص

   يستند هذا الرأي للمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ۱۹۷۲ فيما ذهبت إليه من إعطاء الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في منازعات العقود الإدارية حيث نصت على أن: "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية... حادي عشر: المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريدات أو بأي عقد إداري آخر".

    فالاختصاص بنظر منازعات العقود الإدارية يكون قاصراً على القضاء الإداري وحده وهو اختصاص متعلق بالنظام العام ولا يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفة قواعده

وتم توجيه نقد لهذه الحجة استناداً إلى:

١-لا يتضمن قانون مجلس الدولة الحالي نصاً صريحاً يحظر التحكيم في منازعات العقود الإدارية، بل على العكس من ذلك أباح نص المادة 58، منه اللجوء إلى التحكيم وقبول حكم المحكمين بشرط الحصول على فتوى بذلك من قسم الفتوى بالمجلس. 

٢ - المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ۱۹۷۲ قصد بها بيان حدود اختصاص القضاء الإداري وتميزه في هذا الشأن عن القضاء العادي.

   الأمر الذي لا يجوز معه تجاوز قصد المشرع بالقول بأن النص يعني عدم جواز لجوء الجهات الإدارية للتحكيم لتسوية المنازعات الخاصة بها ولو أراد المشرع ذلك لنص عليه صراحة.

ثالثاً: التحكيم يخالف الدستور ولفكرة النظام العام:

   يقول هذا الرأي المعارض للتحكيم في منازعات العقود الإدارية إلى مخالفة مثل هذا التحكيم للدستور بجانب تعارضه مع فكرة النظام العام.

1 - التحكيم يخالف الدستور:

   يرى هذا الاتجاه أن مخالفة التحكيم في منازعات العقود الإدارية لنص المادة ۱۷۲ الدستور فيما ذهبت إليه من أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة يختص بالفصل في المنازعات الإدارية، وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.

   ذلك لأن اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية هو أصل عام قصد به الخروج على وضع تشريعي سابق كان فيه اختصاص تلك المحاكم على سبيل الحصر الأمر الذي يجوز معه للمشرع الخروج على هذا الأصل استثناء بإسناد الفصل في منازعات العقود الإدارية لهيئات التحكيم.

2- التحكيم يتعارض مع فكرة النظام العام :

كما یری أنصار هذا الرأي في استنادهم إلى فكرة النظام العام كأساس لرفضهم التحكيم في منازعات العقود الإدارية إلى أن القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي للقضاء والضابطة لتوزيعه بين جهتي القضاء العادي والإداري تتعلق بالنظام العام ومن بينها القواعد المتعلقة باختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر منازعات العقود الإدارية.

   ونحن نرى أن الإسناد إلى تعارض التحكيم مع فكرة النظام العام المسيطرة على العقود الإدارية هي الأقرب للقبول من الاسانيد الأخرى الرافضة للتحكيم في منازعات تلك العقود.

    حيث أن المحكم لن يلتزم في تحكيمه سوى بتطبيق ما يحدده له أطراف المنازعة من قواعد قانونية بغض النظر عما إذا كان هذا التطبيق، سوف يؤدي إلى تغليب الصالح العام على الصالح الفردي من عدمه.

الرأي الثاني : يؤيد فكرة التحكيم في منازعات العقود الإدارية :

    هناك بعض من الفقه المصري يجيز تسوية منازعات العقود الإدارية عن طريق التحكيم، وفقاً لقواعده الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية.

   تفهم إجازة التحكيم في منازعات العقود الإدارية استناداً إلى نص المادة ٥٠١ من قانون المرافعات فيما ذهبت إليه من أنه (يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن عقد معين).

   ويستند هذا الرأي إلى عمومية كلمة (عقد معين) ومن ثم فسيرى ذلك النص المجيز للتحكيم على كافة طوائف العقود، مدنية كانت أم إدارية، وذلك لأن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يخصص، الأمر الذي يتعين معه إقرار التحكيم في منازعات العقود الإدارية.

   وقد ذهب ذلك الرأي في أخذه بنص المادة (٥٠١) المجيزة للتحكيم في منازعات العقود الإدارية إلى أن أحكام قانون المرافعات تسري وفق ما ذهب إليه نص المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة على المنازعات الإدارية فيما لم يرد بشأنه نص خاص بقانون مجلس الدولة وبما لا يتعارض مع روابط القانون العام .

   واعتقد أن وجهة النظر هذه لا تصلح أساساً لإجازة التحكيم في منازعات العقود الإدارية، حيث تقتضي استثنائية هذا النظام النص على التصريح لأطراف العلاقة القانونية على تسوية منازعاتها الحالية أو المحتملة بواسطة التحكيم.

   الأمر الذي لا يجوز معه تفسير سكوت المشرع عن تناول تلك المسألة على أن فيه إجازة للتحكيم في منازعات العقود الإدارية.

   ذلك لأن غياب النص في هذه الحالة يعني عدم اتجاه إرادة المشرع الإجازة التحكيم كنظام قانوني لتسوية منازعات تلك العقود.

ثالثاً : الموقف القضائي والافتائي لمجلس الدولة من التحكيم في منازعات العقود الإدارية قبل صدور قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ :

 بسبب عدم وجود نص تشريعي يعطي الحق صراحة في التحكيم في منازعات العقود الإدارية، فاختلف قضاء أفتاء مجلس الدولة المصري في هذا الشأن بين الإجازة والرفض، وعلى ذلك سنقوم بعرض موقف مجلس الدولة المصري في هذا الشأن، موقف الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بالمجلس من التحكيم في العقود الإدارية، ثم نتعرض بعد ذلك لموقف قضاء مجلس الدولة من مشروعية التحكيم في منازعات العقود الإدارية وذلك على النحو التالي :

أ - رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من التحكيم في العقود الإدارية:

   كان رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بالنسبة لمدى جواز اللجوء للتحكيم في منازعات العقود الإدارية في البداية يذهب إلى عدم جواز التحكيم في هذا الشأن ولكن عدلت الجمعية عن رأيها السابق وأجازت التحكيم كوسيلة لتسوية منازعات العقود الإدارية وسنعرض كلا الاتجاهيين :

1- الاتجاه الأول : عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية :

   اتفقت الجمعية العمومية في البداية بعدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية لعدم وجود نص تشريعي يجيز ذلك، حيث لا يقوم التحكيم بإرادة الخصوم وحدهم، وذلك لأن تلك الإرادة لا تكفي وحدها لخلق نظام التحكيم، بل يجب إقرار المشرع لاتفاقهم، بحيث يمكن القول بأنه لولا إجازة المشرع اللجوء للتحكيم ونصه على تنفيذ أحكام المحكمين، ما كانت إرادة الخصوم وحدهم بكافية لخلقه .

   كما ذهبت في رفضها للتحكيم كوسيلة لتسوية منازعات العقود الإدارية إلى أنه من الأصول المقررة في القانون الإداري أن أهلية الأشخاص القانونية العامة في التصرف والقيام بالأعمال اللازمة لتحقيق الأهداف المنوط بها تحقيقها إنما هي أهلية محددة، وتنظمها القوانين والقرارات المنشأة لها، وعليه فلا يجوز لها أن تلجأ إلى التحكيم بغير نص يعطي لها الحق في ذلك .

٢- الاتجاه الثاني : جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية :

   بعد ذلك تغير موقف الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة يتعلق بمدى مشروعية التحكيم في منازعات العقود الإدارية انتهت إلى تأييدها له مستنده في ذلك إلى إجازة قانون المرافعات المدنية والتجارية على التحكيم مبينا شروطه وإجراءاته وكيفية تنفيذ أحكام المحكمين والطعن فيها في المواد ٥٠١ وما يليها.

    كما أن المادة ٥٨ من قانون مجلس الدولة ورد بها ما يقطع صراحة بجواز لجوء جهة الإدارة إلى التحكيم في منازعاتها العقدية إدارية أو مدنية وفقاً لما جاء بنص الفقرة الثالثة من المادة المذكورة على إلزام أية وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة بألا تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه بغير استفتاء إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة، فلو كان التحكيم محظور على جهة الإدارة ما كان المشرع قد ألزمها أصلاً بعرض اتفاق التحكيم أو تنفيذ قرار (حكم ) المحكمين على مجلس الدولة لمراجعته. 

 بید أنه إزاء عدم وجود تشريع خاص ينظم التحكيم في منازعات العقود التي تكون الإدارة طرفا فيها سواء المدنية أو التجارية فإنه يتعين الرجوع في ذلك إلى الشروط العامة للتحكيم وإجراءاته الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية والتي لا تتعارض مع طبيعة العقود الإدارية.

   ولا وجه للقول بأن محاكم مجلس الدولة هي المختصة بالفصل في منازعات العقود الإدارية دون غيرها طبقاً للمادة 10 من قانون مجلس الدولة، وبالتالي فإن الاتفاق على حسم تلك المنازعات بطريق التحكيم مؤداه سلب الولاية المعقودة للقضاء الإداري في هذا الشأن ذلك لأن المقصود من نص المادة العاشرة من مواد قانون مجلس الدولة هو بيان الحد الفاصل بين الاختصاص المقرر لمحاكم مجلس الدولة ومحاكم القضاء العادي ولا يجوز أن تتجاوز في تفسير هذا النص قصد المشرع والقول يحظر الالتجاء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية.

   ونرى أن تلك الفتوى قد جاءت تماشياً مع الاتجاه الفقهي المؤيد لإجازة اتخاذ التحكيم وسيلة لتسوية منازعات العقود الإدارية لاستنادها لذات المبررات التي ساقها تلك الاتجاه الفقهي تبريراً لرأيه.

   حيث لم تجعل الفتوى من عدم وجود نص صريح يجيز التحكيم في منازعات العقود الإدارية حائلاً دون قيامه حيث أجاز قانون المرافعات المدنية والتجارية التحكيم حين أورد القواعد المنظمة للتحكيم والتي لا تتعارض مع طبيعة العقود الإدارية.

   كما استندت في أجازتها للتحكيم إلى نص المادة ٥٨ من قانون مجلس الدولة الحالي والتي تلزم الجهات الإدارية بعدم الاتفاق على اللجوء للتحكيم في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه إلا بعد استيفاء رأي جهة الفتوى المختصة بمجلس الدولة.

   ومن هذا يفهم أن التحكيم في المنازعات الإدارية ومنازعات العقود الإدارية جزء منها هو أمر جائز وإن كانت له ضوابط تشريعية لا تحول دون الاعتراف به كنظام قانوني مواز للقضاء في تسوية المنازعات الإدارية.

   وفي تفسير الجمعية العمومية لنص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الحالي فيما ذهبت إليه من اختصاص محاكم مجلس الدولة، دون غيرها، بنظر منازعات العقود الإدارية بأن المقصود من ذلك النص حظر نظر القضاء العادي لتلك المنازعات ذات الطبيعة الخاصة، والتي لا يتعارض معها الفصل فيها بواسطة هيئات التحكيم.

ب- موقف قضاء مجلس الدولة من جواز التحكيم في منازعات التحكيم العقود الإدارية قبل صدور القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ :

   في هذه المرحلة لم يتخذ مجلس الدولة موقفاً موحداً تجاه ذلك حيث ساد الترفد قضاء مجلس الدولة في هذه المرحلة بين الإجازة وعدم الإجازة فيما يتعلق بالتحكيم في منازعات العقود الإدارية، وقد أتجهت محكمة القضاء الإداري إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية حيث ذهبت محكمة القضاء الإداري ، في حكمها الصادر في ۱۹۷۳/۱/۲۱ في الدعوى رقم ٩٦٤ لسنة ۱۳ق، إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية وكان ذلك بمناسبة طلب الشركة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية إحالة النزاع بينها وبين جهة الإدارة إلى التحكيم، وقد قامت الشركة باختيار ،محكمها، ورفضت جهة الإدارة تعيين محكمها، على حجة أن النزاع يخرج عن نطاق شرط التحكيم.

حكم غير منشور، وتتلخص وقائع الدعوى في أنه بتاريخ ١٩٥٩/٥/٢ أقامت الشركة

المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم ٩٦٤ لسنة ١٣ ق . ضد السادة / (۱) رئيس الجمهورية. (۲) وزير الشئون البلدية والقروية. (۳) مدير عام بلدية القاهرة، (٤) محافظ القاهرة بصفاتهم، طالبة في ختام صحيفتها الحكم أولاً : بتعيين المحكمين اللازمين وفقاً لحكم المادة ۸۲٥ من قانون المرافعات رقم لسنة ١٩٤٩ ثانياً : ومن قبيل الاحتياط الكلي فيما لو رفض الطلب الأول، الحكم بأن الشركة الطاعنة ليست من شركات المرافق العامة، واعتبار القرار رقم ٢٥٨ لسنة ١٩٥٩ غير نافذ ومعدوم الأثر في حقها، وما نص عليه من إدراجها بين شركات المرافق العامة، مع إلزام المدعي عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في أية حالة، وقد انتهت المحكمة إلى الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها بشقيها، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.

وذهبت المحكمة في حيثياتها بشأن تعيين المحكمين اللازمين لحسم النزاع بين الشركة وجهة الإدارة إلى أنه (النزاع) يدور حول مسألة تكييف النشاط الذي تباشره الشركة بمقتضى العقد المبرم بينهما لتحديد ما إذا كانت من شركات المرافق العامة، أو أنها تباشر نوعاً من النشاط يخضع لنظام خاص، وبذلك تخرج عن مجال هذه الشركات، فقالت : ".... إن البين من البند الخامس من العقد المبرم بين الشركة المدعية، وبين جهة الإدارة أن الطرفين قصدا إخضاع ما قد يثار بينهما من خلال حول تفسير أو تنفيذ أحكام العقد غلى محكمين يتفقان على تعيينهما، ومن ثم ولما كان وجه المنازعات بينهما ينحصر في مسألة تكييف العقد المذكور ، وليس في شأن تفسير نصوصه أو تنفيذ أحكامه وكانت مسألة تفسير العقد تختلف عن مسألة تكييفه، إذ إن لكل منهما مفهومه الخاص به، ونطاقه المستقل، وأحكامه الخاصة، فعليه يكون طلب الشركة المدعية تعيين المحكمين اللازمين لتكييف العقد المذكور أمراً خارجاً على مجال التحكيم، ويغدو هذا الطلب غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه".

   ويظهر من ذلك أن المحكمة ذهبت إلى مشروعية التحكيم الوارد بالبند الخامس من العقد، ولم تصفه بالتعارض مع اختصاص مجلس الدولة، أو سلباً للاختصاص المقرر في قانون موضوعي، ورفضت طلب الشركة من تعيين محكم عن جهة الإدارة للفصل في النزاع، على حجة أساسها أن محور المنازعات يدور حول مسألة تكييف العقد، وهو أمر يخرج عن مجال (نطاق) شرط التحكيم.

   ولا يخفي أن المحكمة التفتت حول الموضوع، فحقيقة الأمر أن تفسير العقد يشمل مسألتين : القانون والواقع، ومسائل القانون في تفسير العقد تنحصر في ثلاثة مسائل :أولاً......... ثانياً : .........: ثالثاً : متى كشف القاضي عن إرادة المتعاقدين ملتزماً في ذلك القواعد القانونية التي تقدم ذكرها كيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير متقيد بتكييف المتعاقدين، ثم وتب على ذلك التكييف آثاره القانونية، وهو خاضع في التكييف وما رتبه عليه من آثار لرقابة محكمة النقض، لأنه يطبق القانون على الواقع، وتطبيق القانون يعد من المسائل القانونية .

   كذلك حكم محكمة القضاء الإداري بجلسة ٤ ديسمبر ١٩٨٣ في الدعوى رقم ٣٠/٩٢٣ ق ، وقد ذهبت المحكمة إلى جواز شرط التحكيم الوارد بالعقد المبرم بين الطرفين البند الحادي والعشرين من عقد الالتزام)، وفي هذا الحكم لأول مرة يدفع أحد طرفي العقد ببطلان شرط التحكيم ، والطريف أن هذا الدفع    كان من طرف الشركة الخاصة في التعاقد، إذ دفعت بأن شرط التحكيم باطل في ذاته، إذ يلزم قانوناً أن يكون عدد المحكمين وتراً حال أن العقد أجاز التحكيم بأثنين لا ينضم إليهما ثالث إلا حال عدم الاتفاق، كما أنه من المتعين تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم، أو في اتفاق مستقل، وقل خلا العقد من الاتفاق على أشخاص المحكمين الممثلين للطرفين، أما جهة الإدارة الحكومة المصرية قد دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على نص البند (۲۱) من عقد الالتزام الذي يقضي بأنه إذا قام خلاف بين الحكومة والشركة بسبب تفسير أو تنفيذ العقد يكون الفصل في النزاع للجنة التحكيم.

   دائرة العقود والتعويضات (غير منشور)، وتتلخص واقعات الدعوى في أنه بتاريخ

١٩٤٥/٨/٨ تم الاتفاق بين الحكومة المصرية، وشركة أسمدة الشرق (شركة مساهمة

لبنائية على أن تسلم الحكومة الشركة دون غيرها وبغير مقابل كل ما تجمعه من قمامة

بمدينة القاهرة وضواحيها على أن تنشأ الشركة على حسابها مصنعاً لتحويل القمامة إلى سماد عضوي بالطريقة العلمية، على أن تؤول إلى الحكومة عند نهاية مدة الالتزام بانقضاء ثلاثين عاماً مباني المصنع وآلاته ومخازنه وكافة الأدوات والأجهزة والمهمات اللازمة لتشغيله، وبتاريخ ٢٨ مارس ١٩٤٦ ، صدر القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٤٦، بمنح التزام تحويل قمامة مدينة القاهرة على سماد عضوي لشركة الشرق، على أن تنشئ الشركة الملتزمة خلال سنة من تاريخ نشر هذا القانون شركة مساهمة مصرية لاستغلال الالتزام، وبناء على ذلك أسست شركة الأسمدة العضوية التي باشرت تنفيذ الالتزام، كما جمعت إلى جانبه نشاطات أخرى مثل شراء مخلفات المذابح العمومية والفرعية بالقاهرة وضواحيها وتحويلها إلى سماد عضوي وفي نهاية مدة الالتزام (ثلاثين عاماً) وبتاريخ ١٩٧٦/٢/٢٩ صدر قرار السيد محافظ القاهرة رقم 37 لسنة ١٩٧٦، بجرد واستلام موجودات ومصانع وأنشطة الشركة، علاوة على مصنع شبرا، فأقامت الشركة هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات، في ١٩٧٦/٣/١٦، طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار السيد محافظ القاهرة سالف الذكر .

 وقد قامت المحكمة بالرد على هذين الدفعين، فذهبت إلى أن دفع المدعي (الشركة) لا سند له فيما أبداه من بطلان شرط التحكيم، وانتهت إلى أن شرط ونص القانون، وأنه يكفي أن يتضمن شرط التحكيم بيان كيفية تحديد المحكمين، كما ذهبت إلى أن الدفع بعدم الاختصاص الذي أبدته الحكومة، في غير موضعه لأن شرط التحكيم لا ينزع اختصاص المحكمة، وإنما هو من قبيل الدفوع بعدم قبول الدعوى، لأن الخصم ينكر به سلطة خصمه في الالتجاء إلى القضاء للذود عن هذا الحق.

   وانتهت المحكمة في حيثياتها إلى أنه ".......... ومن حيث أن مدار المنازعة رهن في جوهره كما سبق بيانه بمدی حقوق طرفيها عند نهاية مدة الالتزام سواء بالنسبة إلى عقد الالتزام الأصلي أو التكميلي المبرم بين الجهة الإدارية، وشركة أسمدة الشرق في ١٩٤٥/٨/٨ بخصوص تحويل قمامة القاهرة وضواحيها ومخلفات الذبائح العمومية والفرعية بها إلى أسمدة عضوية وغيرها وما ترنو إليه الشركة المدعية بطلبها المستعجل من الحفاظ على ما تدعيه من حقوق يخشى عليها من فوات الوقت، ومثل هذه المنازعة في شقيها لا تجاوز حقيقة العقد الإداري ولا تخرج عن دائرته ومن ثم تدخل في ولاية القضاء الكامل دون ولاية الإلغاء ولا يرد عليها وقف التنفيذ المتعلق بالقرارات الإدارية ولا يتعلق بمشروعية قرارات إدارية ومن ثم يجوز فيها شرط التحكيم عملاً بنص المادة (٥۰۱) من قانون المرافعات التي استبعدت من التحكيم فقط المسائل التي لا يجوز فيها الصلح .

    وقد قرر هذا الحكم بعبارات لا تدع مجالاً للشك جواز التحكيم في العقود الإدارية.

 كذلك ذهبت محكمة القضاء الإداري، في حكمها الصادر في ١٨ مايو سنة ١٩٨٦ ، في الدعوى رقم ٤٧٦ لسنة ٣٩ق إلى جواز شرط التحكيم في العقود الإدارية، وكان المدعي قد طالب بإلزام وزارة الإسكان بتعيين محكم عنها لفض الخلافات القائمة بين الشركة المدعية والحكومة طبقا للبند الخامس من العقود المبرم في ١٤ أبريل ۱۹٥٥ ، وقد أجابته المحكمة إلى طلبه، وقالت في حيثيات حكمها، لما كان الثابت أن البند خامساً من اتفاق ١٤ إبريل ١٩٥٥ الملحق بعقد استغلال منطقة قصر المنتزة واستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم المبرم في ٩ من نوفمبر ١٩٥٤ ، ينص على أن : " كل خلاف بين الطرفين على تفسير أو تنفيذ الأحكام التي تضمنها الاتفاق وعقد 9 نوفمبر ١٩٥٤، وشروط قبول التنازل يفصل فيه عن طريق التحكيم....."، فإنه إزاء صراحة هذا النص، وإن حددت الشركة المدعية طلباتها الختامية في الدعوى الماثلة بطلب إلزام الحكومة بتعيين حكم عنها في هيئة التحكم توطنه لحسم الخلاف بينها وبين الحكومة في خصوص تنفيذ عقد الامتياز في شقه المتعلق باستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم، فإن المحكمة تقضي بذلك إعمالاً لما ارتضاه طرفا التعاقد والتقت عليه إرادتهما.

وبالنسبة لموقف المحكمة الإدارية العليا فقد ذهبت هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا في تقريرها في الطعن رقم ٣٢/٣٠٤٩ ق.ع ، إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية، وذلك إعمالاً لما ارتضاه الطرفين، بعد أن قامت هيئة المفوضين بتحديد نقطة النزاع في الطعن، وهي تنحصر في مدى انطباق شرط التحكيم المنصوص عليه في البند خامساً من اتفاق ١٤ أبريل ١٩٥٥، على طلبات الخصوم، من تعيين محكمين للفصل في الموضوع، انتهت إلى أنه : "...... ومن حيث إن المنازعة المعروضة تتعلق بتفسير وتنفيذ العقد، بالتالي تندرج ضمن المنازعات التي أوجب القانون حسمها عن طريق هيئة التحكيم، وذلك إعمالاً لما ارتضاه طرفا التعاقد والتقت عليه إرادتهما.

   كذلك اتجهت هيئة مفوضي الدولة بالإدارية العليا في تقريرها في الطعن رقم ٣٩٧ لسنة ١٩ ق.ع إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية، واختصاص هيئة التحكيم بتفسير العقد، سواء جوانب الواقع أو جوانب القانون، ومنها تكييف العقد، فقالت :"....... وبناء على ذلك فإذا اتفق الطرفان على إحالة مسألة تفسير العقد إلى التحكيم بعبارة مطلقة، فإنهما يكونان قد قصدا أن تختص هيئة التحكيم بتفسير العقد، سواء جوانب الواقع في التفسير أو المسائل القانونية فيه، ولا يجوز القول في هذه الحالة أنهما قصدا فقط أن تختص هيئة التحكيم بتفسير مسائل الواقع في العقد دون المسائل القانونية، ومنها تكييف العقد، وعليه إذا استعمل شرط التحكيم الآنف الذكر لتعبير (للتعبير عن) تفسير العقد دون تقييد لعمومه، فإن الاختصاص بنظر الخلاف حول تكييف العقد، ومدى اعتباره من عقود امتياز المرافق العامة يدخل في اختصاص هيئة التحكيم.

اتجاه المحكمة الإدارية العليا إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية :

   وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٣٩٧ لسنة ١٩ق. الصادر في ٢٠ فبراير (۱۹۹۰) ، إلى جواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية صراحة، فقالت المحكمة في حيثيات حكمها أنه : "....... ومن حيث أن البادئ من الوقائع متقدمة الإشارة أن الشركة الطاعنة طلبت اللجوء إلى التحكيم بسبب إذاعة وزير الشئون البلدية والقروية في ١٩٥٩/٢/٢٨ بياناً أدرج فيه الشركة الطاعنة في عداد شركات المرافق العامة.....".

    ثم استطردت المحكمة في حيثياتها فقالت : ".... ومن حيث إن البند الخامس من العقد المبرم بين الشركة الطاعنة وجهة الإدارة ينص على أن : كل خلاف بين الطرفين على تفسير أو تنفيذ الأحكام التي تضمنها هذا الاتفاق وعقد ٩ من نوفمبر، وشروط قبول الوزارة للتنازل يفصل فيه عن طريق التحكيم، وتؤلف هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء يختار كل من الطرفين عضواً منهم، ويتولى هذان العضوان اختيار العضو الثالث : وتكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن فيها أمام المحاكم المصرية بالطرق التي رسمها القانون ".

   إلا أن المحكمة رأت أن شرط التحكيم يقصر اختصاص هيئة التحكيم على تفسير وتنفيذ أحكام العقد، ومن ثم فلا يمتد مجال شرط التحكيم إلى تفسير نصوص القانون ذاته، فقالت : ".... ومن حيث أن البادي من هذا النص أنه قصر اختصاص هيئة التحكيم المنصوص عليها فيه على تفسير وتنفيذ الأحكام التي يتضمنها الاتفاق المبرم بين الشركة الطاعنة وجهة الإدارة وكذا شروط قبول الوزارة للتنازل وذلك في حالة حدوث خلاف بين الطرفين، ومن حيث أنه لا يمتد اختصاص هيئة التحكيم إلى تفسير نصوص القانون ذاته الصادر بالترخيص لوزير الشئون البلدية والقروية رقم ۱۸۷ لسنة ١٩٥٥، في قبول التنازل الصادر من الشركة المصرية للأراضي والمباني إلى الكونيت ونيو لواتوتينو والسيد أنطوينو روما، والكونت أو ربانويا رولا والدكتور جريتو بلفي عن استغلال منطقة جبل المقطم وتعميرها، وفي التعاقد على هاتين المنطقتين مع المتنازل إليهم.

    ومن حيث إنه يبين من هذا القانون أنه أشار في ديباجته إلى القانون رقم ۱۲۹ لسنة ١٩٤٧، بالتزامات المرافق العامة مما يفهم منه أن القانون المذكور رقم ١٨٧ لسنة ١٩٥٥ ، قد حدد طبيعة الاتفاق، فإنه يدخل في إطار التزامات المرافق العامة، فضلاً عما ورد بالمذكرة الإيضاحية من أنه نظراً إلى قبول الوزارة للتنازل عن استغلال منطقة قصر المنتزة، واستصلاح منطقة جبل المقطم وتعميرها متضمناً إنهاء التزام الشركة المصرية للأراضي والمباني، فيما يتعلق بالمنطقتين موضوع التنازل، ومنح هذا الالتزام إلى ملتزمين جدد هم المتنازل إليهم، كما أن الاتفاق المرافق الذي سيبرم مع المتنازل إليهم يتضمن تعديلاً لشروط عقد ٩ من نوفمبر سنة ١٩٥٤، الذي أبرم مرفقاً (موافقاً) للأحكام والشروط المرافقة للقانون رقم ٥٦٥ سنة ١٩٤٥ الصادر بالإذن للوزير في إبرامه.

    وانتهت المحكمة إلى نتيجة هي : "....... ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن طبيعة الاتفاق قد حددت سلفاً في القانون رقم ۱۸۷ سنة ١٩٥٥، ولا يملك المتعاقدان الخروج على أحكامه في هذا الشأن، ومن ثم فإنه يتعين فهم عبارة تفسير الاتفاق (العقد) أو شروط التنازل كما (بما ) لا يشمل تحديد طبيعته، أي تكييفه وما ينتج عن هذا التكييف من آثار قانونية وبالترتيب على ما تقدم فإن الطلب الأصلي للشركة الطاعنة يكون في غير محله، ويتعين رفضه لمخالفته  القانون .

وأهم ما يمكن ملاحظته على هذا الحكم أن المحكمة افصحت عن اتجاهها إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية، وأن النزاع القائم بين الطرفين لا يدخل في نطاق شرط التحكيم، إذ ينصب النزاع على تكييف العقد المبرم  بين الطرفين، ولما كان العقد سالف الإشارة قد تم إبرامه بموجب قانون صادر بالإذن للوزير في إبرامه، وقد أشار في ديباجته إلى القانون رقم ۱۲۹ لسنة ١٩٤٧ بشأن التزامات المرافق العامة، مما يفهم منه أن القانون رقم ۱۸۷ لسنة ١٩٥٥، قد حدد طبيعة الاتفاق، وعليه فهو أي العقد، يدخل في إطار عقود المرافق العامة، فضلاً عما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير ١٨٧ لسنة ۱۹٥٥، عبارة "..... فيما يتعلق بالمنطقتين موضوع التنازل، ومنح هذا الالتزام إلى ملتزمين جدد هم المتنازل إليهم....".

107