التحكيم / نشأة التحكيم وتطوره / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / التحكيم قبل صدور نظام التحكيم الجديد الصادر في ۲۰۱۱م
التحكيم قبل صدور نظام التحكيم الجديد الصادر في ۲۰۱۱م
تعد الشريعة الإسلامية هي دستور المملكة العربية السعودية، ومن ثم تخضع كافة النظم القانونية السائدة فيها لأحكام الشريعة الإسلامية.
وظهر دور الشريعة الإسلامية جلياً على نظام التحكيم بالسعودية بمفهومه الحديث والذي بدأ عام ١٣٦٥هـ، وظهور أول غرفة تجارية بالسعودية، حيث مارست التحكيم والتوفيق بين أعضائها إذا كان لهم الرغبة في ذلك.
في عام ١٣٥٠ هـ، تضمن نظام المحكمة التجارية في السعودية في المواد من (٤٩٣ حتى ٤٩٧ ) نصوصاً للتحكيم أخذت عن قانون التجارة العثماني.
وقد نص النظام على بعض الأحكام المتعلقة بالتحكيم، ثم صدر نظام الغرف التجارية والصناعية في ١٣٦٥ هـ، حيث نص في المادة الخامسة منه على اختصاص الغرفة التجارية والصناعية بحل المنازعات التجارية والصناعية عن طريق التحكيم إذا أتفق أطراف النزاع على إحالتها إليه.
ثم صدر نظام التحكيم بالمرسوم الملكي رقم (م/٤٦/ في ١٩٨٣م ) والذي يعتبر أول نظام خاص بالتحكيم وتضمن إلغاء النصوص المتعلقة بالتحكيم الواردة في نظام المحكمة التجارية.
وتضمن خمس وعشرين مادة، وصدرت لائحته التنفيذية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (۲٠۱۷/۷/م) وتاريخ ١٩٨٥/٥/٢٧م، متضمنة ثماني وأربعين مادة.
وبسبب التطور الاقتصادي الذي مرت به المملكة السعودية، ونتيجة لتطور المعاملات التجارية على مستوى العالم، وتغير بعض المفاهيم القانونية قامت المملكة بإصدار هذه النظم المشار إليها في التحكيم.
وقد أسفر هذا التطور الذي حدث في المملكة بخصوص مستوى التحكيم التجاري الدولي على مصادقة المملكة على معاهدة المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار (اتفاقية واشنطن) عام ۱۹۸۰ ١٤۰۰هـ والاتفاقية العربية للتحكيم التجاري عام ١٩٨٧ وفي عام ۱۹۹۳م، وافقت المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي من خلال مجلس التعاون الخليجي في الرياض على إنشاء ٤٠ مركز التحكيم التجاري لدول المجلس، كما صادقت المملكة على الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وأنفاذها (اتفاقية نيويورك ١٩٥٨م). وذلك عام ١٩٩٤، وانضمت إلى منظمة التجارة العالمية WTO في عام ٢٠٠٥م.
بالإضافة إلى تلك الاتفاقيات الدولية قامت المملكة العربية السعودية بتوقيع عدد كبير من اتفاقيات الاستثمار الثنائية المتعلقة بالتحكيم باعتباره وسيلة لتسوية النزاعات الناشئة عن الاستثمارات التي أساسها مستثمرون أجانب وجهات حكومية في الدولة، وقد وقعت المملكة العربية السعودية عدداً من الاتفاقيات الثنائية في مجال الاستثمار التجاري مع أكثر من خمس وعشرين دولة.
في تاريخ ۱۹۵۸/۸/۲۳ صدر حكم التحكيم الشهير بين شركة البترول العربية الأمريكية (ARAMCO) وبين الحكومة السعودية فيما يتعلق بعقد الاستغلال حقل بترول على الأراضي السعودية وكان النزاع يتعلق بعقد استغلال حقل بترول على الأراضي السعودية حصلت عليه شركة " أرامكو" ولما قامت الحكومة السعودية بالتعاقد مع شخص آخر يدعي "أوناسيس" لنقل البترول المصدر من السعودية.
أعترضت على ذلك شركة أرامكو واعتبرت أن من شأن ذلك المساس بحقوقها المترتبة على عقدها مع السعودية، وبعرض النزاع على هيئة التحكيم رأت الأخيرة أن العقد المبرم بين الشركة والمملكة ليس عقداً إدارياً، لأن القانون السعودي، حسب رأيها، لا يعرف هذه الطائفة من العقود، وأن الفقه الحنبلي لا يتضمن أية قاعدة محددة، تتعلق بالامتيازات المتعلقة بالمعادن ومن باب أولى تلك المتعلقة بالنفط، بل هو عقد غير مسمى لا يمكن إدراجه في الطوائف القانونية المعتادة للعقود، وفي حالة وجود أي شكوى حول مضمون أو معاني نصوص هذا العقد، يتم اللجوء إلى المبادئ العامة للقانون والعادات المتبعة في صناعة النفط من أجل تفسيره أو تكمله الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الطرفين، مما دعى المنظم السعودي إلى إصدار المرسوم رقم ٥٨ لسنة ١٩٦٣م.
وفي عام ١٩٨٣ الموافق ١٤٠٣هـ صدر نظام جديد للتحكيم يتضمن المبادئ العامة للتشريعات التحكيمية القصرية ملتزماً باتجاه في الفكر القانوني الإسلامي، متخلياً عن اتجاه آخر تجاوزه العصر، ليصل إلى إرساء قواعد هي من صميم الفكر القانوني الإسـلامي.