وكلنا يعلم أنه من خلال الدراسة التاريخية القانونية نلاحظ على الكثير من النظم والقواعد القانونية العامة والكلية ، كيف تولد وتنمو وتتطور ، كما نتبين عن طريقها أيضا عوامل بقائها وأسباب اندثارها وذلك بتسليط الأضواء على الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية التي أثرت فيها ودفعتها إلى ذلك ، نظرا لتوائمها مع هذه الظروف ، فضلا عن عموميتها وكليتها ، فتصطبغ إذن الخصائص الفريدة التي تبعث فيها القدرة على الحياة وتجها هامة إلى ما شاء الله . وهذا يؤدي بنا إلى وصفها بأنها بنت البيئة وربيبة التطور . ويترتب على ذلك أن تصبح لبنة في البناء القانوني .
وأبرز مثال على القواعد والنظم التي تحمل بذور تطورها ، وما هو موجود منها بالقانون الروماني . وهو ما دعى أحد الفقهاء - إبرنج - إلى القول بأن روما فتحت العالم ثلاث مرات : مرة بقوة السلاح ومرة بالقانون ومرة بالدين . كما قال أيضا في هذا المقام ، بأن القانون الروماني أصبح عنصرا من عناصر مدنيتنا الحديثة ، بل لعنا لا نتجاوز الحقيقة ، إذا قلنا مع السيد/ والتون ، أنه ليس هناك من كتاب - بعد الإنجيل - ، أثر في المدنية الغربية ذلك التأثير، الذي كان لمجموعة جستنيان. ولنفس العلل هناك الكثير من القواعد والنظم والمصطلحات في القانون البحري ، منذ عرف الإنسان البحر .