والآن ننتقل إلى موضوع الرجوع على حكم التحكيم من الناحية التاريخية وهو ما سيدفعنى لتسليط الضوء حول معرفة الشعوب القديمة ، مثل : الفراعنة والإغريق والرومان فضلا عن الشريعة الإسلامية ، لنظام رقابة القضاء على حكم التحكيم . وسوف نخرج بنتيجة مؤداها ، أنه ما دامت هذه الشعوب تعرف نظام التحكيم ، فهى بالتأكيد تعرف فكرة الرقابة القضائية عليه ، وذلك على النحو الآتي :
1 - الرجوع على حكم التحكيم عند الفراعنة:
ومظهر هذا القضاء الخاص بالنسبة للمؤسسات ، حيث كان ينص في العقود التي تبرمها على حل أى نزاع ينشأ بينها إلى هيئة تحكيم مشكلة من الغير . كما كان ينص فى عقود الإيجار الصادرة إلى المزارعين على شرط التحكيم ، وكان يلتجأ إلى المحاكم العادية ، إذا قدر أحد الأطراف أن الحكم مجحف بحقوقه . وقد آل هذا القضاء الخاص إلى سيد الإقطاع ، وأصبح هو الحكم الوحيد بين المتخاصمين في منطقة نفوذه .
2- الرجوع على حكم التحكيم عند الإغريق :
عرف الإغريق التحكيم ، حيث كان الأطراف يلتجئون إليه على نطاق كبير ، نظرا لأن المحاكم الشعبية كانت مثقلة بالقضايا . وقد كان هناك واجب قانونى على مواطنى أثينا الذين يبلغون سن الستين أن يسجلوا أسماءهم في قوائم التحكيم لمدة سنة ، وأى شخص يحاول التنصل من هذا الالتزام ، كان يوقع عليه جزاء ، وذلك بأن يحرم من بعض حقوقه .
وجدير بالذكر في هذا المقام ، أن اللجوء إلى التحكيم لم يكن اختياريا أو متروكا للطرفين ، بل كان إحدى مراحل الدعوى ، فلقد كان نظاما مرحليا يقصد به التخفيف عن القضاة الشعبيين .