الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / نشأة التحكيم وتطوره / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 26 / قيام محور تحكيمي: ما الذي يجعل مدينة في منطقة آسيا والمحيط الهادىء تحتل مثل هذه الأهمية؟

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 26
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    129

التفاصيل طباعة نسخ

المقدمة:

1. الدعاوى القضائية هي عادة الوسيلة الأساسية لحل النزاعات، إلا أنه بمرور السنوات، أصبح التحكيم، وهو وسيلة لحل النزاعات، شائعاً أكثر فأكثر حول العالم، بما في ذلك في منطقـة آسيا والمحيط الهاديء. هونغ كونغ، بين مختلف الأنظمة القضائية في منطقة آسيا والمحيط الهادىء، لديها تاريخ حافل في تشجيع التحكيم (أكان الداخلي أو الدولي) وأصبحت خيـاراً شائعاً كمقر تحكيم في المنطقة من الأطراف المحليين والدوليين على حد سواء.

2. بينت دراسة أجرتها "كلية التحكيم الدولي" في "كوين ماري"، جامعة لندن عـام 2012، أن أهم عنصر يؤثر في اختيار مقر التحكيم هو البنية التحتية القانونية المتوافرة فـي مكـان التحكيم. هذا يتضمن، حسب ترتيب الأهمية، حياد النظام القانوني واستقلاليته، ونظـام قضائي صديق للتحكيم استعداد المحاكم لتنفيذ اتفاقيات التحكيم وأحكام التحكيم)، وما إذا كان البلد المعني التابع له النظام القضائي قد وقع "إتفاقيـة الإعتـراف بقـرارات التحكـيم الأجنبية وإنفاذها لعام 1958 ("إتفاقية "نيويورك").

3. هذه الدراسة تختصر الميزات البارزة لخدمات التحكيم في هونغ كونغ في ما خـص، أولا، العناصر الثلاثة المذكورة أعلاه وتليها العناصر الأخرى بعد ذلك. هذه العناصر تشكل جزءاً أساسياً من سياسة حكومة هونغ كونغ الهادفة إلى تعزيز مكانة هونغ كونغ كمركز خــدمات قانوني دولي وكمركز لحل النزاعات في منطقة آسيا والمحيط الهادىء.

بنية تحتية قانونية سليمة:

4. تتمتع هونغ كونغ بنظام قانوني راسخ يتضمن المبادىء الخاصة بسيادة القانون وباستقلالية القضاء. إن الإطار الدستوري للنظام القانوني وارد في "قانون هونغ كونغ الأساسي" (وهـو مستند قانوني له طبيعة دستورية). بموجب مبدأ "بلد واحد ونظامين" المكرس في "القـانون الأساسي"، تحافظ هونغ كونغ على نظام أعراف القوانين المألوف لدى المجتمـع الـدولي. ضف إلى ذلك أنه نظام أعراف القوانين الوحيد ضمن منطقة الصين العظمى.

5. يمكن للمستثمرين الدوليين أن يطمئنوا إلى أن استثماراتهم ومصالحهم في هونغ كونغ يحميها نظام قانوني راسخ وطرق فعالة جداً لحل النزاعات، بما في ذلك محاكم مستقلة مستقلة وحياديـة، إضافة إلى نظام تحكيم مدروس وسهل الاستخدام.

6. في يونيو عام 2011، دخل قانون التحكيم الجديد (الفصل 609) ("القانون") حيز التنفيـذ معدلا قانون تحكيم هونغ كونغ من خلال توحيد النظامين التشريعيين الخاصين بـالتحكيم الداخلي والتحكيم الدولي على أساس قانون الأونسيترال النمـوذجي للتحكـيم التجـاري الدولي.

(أ) قانون تحكيم واضح وموثوق ويمكن الوصول إليه يستند إلى القانون النموذجي:

7. بسن "القانون"، يصبح قانون تحكيم هونغ كونغ واضحاً أكثر وموثوقاً أكثر ويمكن الوصـول إليه بشكل أسهل ممن يلجأون إلى التحكيم ومن العاملين فيه في كل أنحاء العالم. "القـانون" تام في ذاته بحيث يصبح من الأسهل على المستخدمين أن يجدوا كل الأحكام الوثيقة الصلة بالموضوع في مكان واحد.

 (ب) دمج مبادرات القانون النموذجي:

8. باعتماد المبادرات المقترحة في نسخة القانون النموذجي المعدلة لعام 2006، عزز "القانون" ميزات التحكيم، بما في ذلك احترام إستقلالية إرادة الأطراف الذين يختارون تسوية نزاعاتهم باللجوء إلى التحكيم وتوفيرهم التكاليف والوقت. مثلاً، لمحكمة هونغ كونغ سلطة الاعتراف بالتدابير المؤقتة التي أمرت بها هيئة تحكيمية مقرها خارج هونغ كونغ وتنفيذها. كمـا أنّ شرط أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً امتد ليشمل المراسلات الإلكترونية.

(ج) إدخال تعديلات في قانون التحكيم في العام 2013 (الفصل 609):

9. في يوليو عام 2013، تم إقرار "قانون التحكيم" (المعدل) لعام 2013 وهدفه الأساسي تنفيـذ الإتفاق الخاص بالاعتراف المتبادل بأحكام التحكيم وبتنفيذها المبرم في يناير عام 2013 بين هونغ كونغ وماكاو.

10. أما باقي "قانون التحكيم" (المعدل) لعام 2013، فقام بتعديلات شتى في "قانون التحكيم" بغية تعزيز نظام التحكيم في هونغ كونغ في ضوء الممارسات الدولية. ثمة مـسألة ذات أهميـة کبری، هي إضافة نصوص جديدة خاصة بالتنفيذ القضائي للتدبير الطاريء الـصـادر عـن محكم يعني بالأمور الطارئة قبل تشكيل هيئة التحكيم. هذه النصوص الجديدة تكمـل "نظـام تحكيم مركز هونغ كونغ للتحكيم الدولي لعام 2013"، و"نظام تحكيم غرفة التجارة الدوليـة لعام 2012". كلا النظامين يتضمن نصوصاً خاصة بتعيين محكم مـن مؤسسة التحكـيم المناسبة يعني بالأمور الطارئة ليمنح تدبيراً مؤقتاً أو تحفظياً (مثلاً، أمر بحجز أصول يجوز أن تغطى تعويضاً ناجماً عن حكم تحكيم لاحق، أو أمر بحجز أدلة موضوعية وجوهرية).

11. هذه التعديلات التشريعية الحديثة ستسمح لنظام التحكيم في هونغ كونغ بأن يبقى في طليعـة الأنظمة القضائية التي تستند إلى القانون النموذجي.

نظام قضائي مساند:

12. إن نظام هونغ كونغ القضائي معروف جداً بنوعية القرارات الصادرة عنـه وباستقلاليته. لطالما كانت محاكم هونغ كونغ مؤيدة للتحكيم في ما خص إجراء التحكـيم وتنفيـذ أحكـام التحكيم على حد سواء. إن القرارات الصادرة عن محاكم هونغ كونـغ النظاميـة تعكـس بوضوح موقف النظام القضائي المؤيد للتحكيم، وهو ما أقر به العاملون في مجال التحكـيم الدولي. إزاء وجود اتفاق تحكيم صحيح بين طرفي النزاع، ســتوقف المحكمـة النظاميـة الإجراءات أمامها لصالح التحكيم. كما أن المحكمة النظامية تؤيد سلطة المحكمين التقديريـة الواسعة ومرونة العملية التحكيمية، ولها سلطة منح تدابير مؤقتة حمائية لتسهيل العمليـة التحكيمية.

الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها حول العالم:

13. نظراً إلى أن هونغ كونغ منضمة إلى "اتفاقية نيويورك"، يمكن تنفيذ أحكام التحكيم الـصادرة في هونغ كونغ في 150 دولة متعاقدة منضمة إلى "اتفاقية نيويورك". للسبب نفـسه، يمكـن أيضاً تنفيذ أحكام تحكيمية صادرة في دولة متعاقدة منضمة إلى "اتفاقية نيويورك" في هونـغ كونغ من خلال إجراءات مستعجلة.

14. إضافة إلى ذلك، كانت هونغ كونغ تعمل بصورة إستباقية على تعزيز شبكة تنفيـذ أحكـام التحكيم الصادرة في هونغ كونغ. فبموجب الاتفاقات المتبادلة الموقعة بين هونغ كونـغ والصين القارية وماكاو على التوالي، تكون أحكام التحكيم الصادرة في هونغ كونـغ قابلـة للتنفيذ في هذين النظامين القضائيين.

دعم مهني محترف:

15. إن وجود دعم مؤسساتي ونظام تشريعي سهل الاستخدام لا يكفيان وحدهما لايجـاد مـكـان مثالي لحل النزاعات الدولية. كما في العديد من المجالات الأخرى، يمكـن لـرأس المـال البشري أن يشكل كل الفرق. بصرف النظر عن مؤسسات التحكيم العالمية، تـضم هونـغ كونغ محترفين قانونيين من الدرجة الأولى في حل النزاعات يأتون من هونغ كونـغ ومـن حول العالم. لمهنة المحاماة وجود قوي في هونغ كونغ مع أكثر من 1200 محـام مرافـع مسجل وأكثر من 7700 محامي إجراء مسجل وأكثر من 1300 محام أجنبي مسجل. كمـا يوجد في هونغ كونغ حوالى 829 شركة محاماة إجراء و79 شركة محاماة أجنبية مـسجلة و20 شركة محاماة في البر الرئيسي مسجلة في جمعيـة محـامي هونغ كونـغ. هـؤلاء المحامون الأجانب المسجلون يأتون من أكثر من 30 نظاماً قضائياً، جامعين كنزاً من الخبرة والمعرفة والثقافة الواسعة، وخالقين قطاعاً قانونياً متطوراً من خلال تبـادل الخبـرات. إن وجود هذا العدد الكبير من المحامين المحليين والعالميين يسمح لهونغ كونغ بأن تقدم خدمات قانونية عالية الجودة في العديد من مجالات القانون المدني والتجاري، بما في ذلك التمويـل والاستثمار والتجارة الدولية والقانون البحري والملكية الفكرية والعقود التجارية.

16. بصرف النظر عن المحامين، يوجد نوع آخر من الدعم المهني فـي هـونـغ كونـغ مثـل المحكمين المختصين والمستشارين والشهود الخبراء. تتمتع هونغ كونغ، بوصـفها مركـزاً دولياً مالياً وتجارياً وللشحن، بكنز من الخبرات في مجالات مختلفة مثل التجارة والتمويـل وتكنولوجيا المعلومات والشحن والبناء. يقدم هؤلاء المحترفون المتعددو اللغات والجنسيات إلى العملاء مجموعة كاملة من الخدمات المتخصصة لحل نزاعاتهم التجارية أو التعاقدية.

17. إضافة إلى ذلك، للأطراف حرية اختيار المحكمين من أي مكان في العالم، دون أيـة قـيـود على شركات المحاماة الأجنبية التي تعمل في التحكيم في هونغ كونغ والتي تقدم استشارات حول التحكيم في هونغ كونغ. هناك عدد هائل من المحترفين المتعددي اللغات والجنسيات الذين يمكن للأطراف في التحكيم إختيار مستشارين منه، دون أية قيـود فـي مـا خـص الجنسيات والمؤهلات المهنية.

دعم حكومي:

18. إن حكومة هونغ كونغ ملتزمة تطوير وترويج هونغ كونغ كمركز ريادي لتسوية النزاعـات في منطقة آسيا والمحيط الهاديء. قامت وزارة العدل بجهود مستمرة لتحسين النطـاق القانوني لتسوية النزاعات بشكل سريع وفعال. ففي أواخر عام 2014، أنشأت الحكومة أيضاً "اللجنة الإستشارية لترويج التحكيم" بغية تعزيز هونغ كونغ كمركز ريادي لخدمات التحكـيم الدولي في منطقة آسيا والمحيط الهادىء.

19. كما أعلنت حكومة هونغ كونغ قرارها بتخصيص جزء من المساحة المكتبيـة فـي مقرهـا الرئيسي السابق الواقع في وسط مدينة هونغ كونغ، بالإضافة إلى كامل المبنى الذي تـشغله حاليا محكمة التمييز، لمؤسسات اختارتها تعنى بتسوية النزاعات بغية إنشاء مكاتبهـا فـي هونغ كونغ. بفضل موقعها المركزي وإمكانية الوصول إليها، ستـصبح المنطقـة محـوراً قانونياً مهماً في قلب هونغ كونغ.

 مؤسسات تحكيم عالمية:

20. تضم هونغ كونغ الكثير من مؤسسات التحكيم العالمية التي قدمت مساهمات وخدمات قيمـة لقطاع التحكيم في هونغ كونغ. إن "مركز تحكيم هونغ كونغ الدولي"، الـذي أنـشىء عـام 1985، معروف عالمياً ومعترف به لخدماته الفعالة لمجتمع التحكيم. فهـو مـستقل تمامـاً ولا يخضع لأي نوع من التأثير أو من السيطرة. كما أنه نقطة تركيز التحكيم فـي هونـغ كونغ.

21. عام 2012، 68% (أو 199 دعوى) من كل دعاوى تحكيم "مركز تحكـيم هونـغ كونـغ الدولي" كانت ذات طبيعة دولية. من بين الدعاوى التحكيمية الدولية هـذه، 57% (أو 114 دعوى) تتعلق بدعاوى في الصين القارية. عام 2013، ارتفع عدد النزاعات الإجمالي الذي يعمل عليها "مركز تحكيم هونغ كونغ الدولي" إلى 463 مع أطراف من 32 ولاية قـضائية. من كل دعاوى التحكيم، 75% كانت دولية. إن الأطراف القادمين مـن الجـزر العـذراء البريطانية والصين القارية وألمانيا وهونغ كونغ والهند وموريشيوس وسنغفورة وكوريـا الجنوبية وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة هم من بين أكثر المستخدمين الدائمين لخدمات "مركز تحكيم هونغ كونغ الدولي".

22. عام 2008، أنشأت الهيئة الدولية للتحكيم المنبثقة من غرفة التجارة الدولية، ومقرها باريس، أول فرع ما وراء البحار للأمانة العامة لديها في هونغ كونغ.

23. عام 2012، أنشأت أيضاً "لجنة التحكيم الإقتصادي والتجاري الدولي الصينية" مركزها فـي هونغ كونغ، وهو أول مركز تنشئه اللجنة المذكورة خارج الـصين القاريـة والوحيـد. إن التحكيمات التي يديرها مركز التحكيم في هونغ كونغ التابع لـ "لجنة التحكيم الإقتـصادي والتجاري الدولي الصينية" تخضع لقانون هونغ كونغ والأحكام الصادرة بخصوصها قابلـة للتنفيذ في الصين القارية.

24. في نوفمبر عام 2014، أنشأت "لجنة التحكيم البحري الصينية"، وهي مؤسسة رئيسية تعن بالتحكيم البحري في الصين القارية، مركزها التحكيمي في هونغ كونغ وهو، كما هي الحال بالنسبة إلى "لجنة التحكيم الإقتصادي والتجاري الدولي الصينية"، أول فرع لها خارج الصين القارية.

25. إضافة إلى ذلك، عقدت حكومة الصين الشعبية المركزية المفاوضات الخاصة باتفاق البلـد المضيف "المحكمة الدائمة للتحكيم"، ومقرها لاهاي، بغية تسهيل سير إجراءات تـسوية النزاعات في هونغ كونغ. إن وجود هذه المؤسسات التحكيمية العالمية سيساعد هونغ كونـغ في الارتقاء لمستويات جديدة كمركز تحكيم رائد.

موقع جغرافي مؤات:

26. تقع هونغ كونغ، من الناحية الإستراتيجية، في قلب آسيا ويفصل بينها وبين كل الاقتصادات الرئيسية في منطقة آسيا والمحيط الهاديء أربع ساعات طيران. إضافة إلى بنيتها التحتيـة ومرافقها ذات المستوى العالمي، هونغ كونغ هي خيار ممتـاز كمقـر لتسوية النزاعـات الدولية. .

مدخل إلى الصين القارية:

27.مع التحول الحاصل في الميزان الاقتصادي العالمي من الغرب إلى الشرق، أصبحت الآن الصين القارية إحدى محركات النمو الرئيسية في منطقة آسيا والمحيط الهاديء. إن قـرب هونغ كونغ من الصين القارية وازدياد الدمج الاقتصادي لهذين الاقتصادين بموجب "اتفاقيـة تعزيز الشراكة الاقتصادية بين هونغ كونغ والصين القارية"، يعنيان أن هونغ كونغ هي أكثر مقر حيادي مرغوب فيه لتحكيم النزاعات المتعلقة بالصين القارية.

28. إن فهم هونغ كونغ واعتناقها التقاليد والقيم والثقافة الآسيوية، كما خبرتها العريقة وامتيازها بمزج الأفضل في الشرق والغرب، يعطيها أيضاً أفضلية بارزة في حل النزاعات الناشـئة بين الشركات في الصين القارية والشركات العالمية.

الخاتمة:

29. لا تأل حكومة هونغ كونغ جهداً في سبيل تعزيز مكانة هونغ كونغ كمركز للخدمات القانونية ولتسوية النزاعات الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهاديء. لهذه الغاية، ستستمر هونـغ كونغ في الاستفادة من مزاياها الجغرافية والمؤسساتية وفي تطوير خدمات قانونية وخدمات لحل النزاعات ذات جودة عالية وقيمة مضافة.