تعددت تعريفات التحكيم وتنوعت تحديداته في فروع القانون المختلفة حسب الزاوية التي ينظر منها إلى التحكيم، وان كانت جميعها تدور حول جوهر واحد له وتعبر عنه.
فقد عرفه البعض بأنه عبارة عن إقامة أو تكوين قضاء خاص أو حالة خاصة تخرج أو تنزع بناء عليه المنازعات من جهات القضاء المعتادة، لتحل أو لتحسم ويتم الفصل والبت فيها بواسطة أفراد يخولوا أو يمنحوا أو يقلدوا - في هذه الحالة - مهمة القضاء والفصل فيها . وقد عرفه بعض آخر بأنه عبارة عن إجراء يتفق بمقتضاه الأطراف في نزاع معين على إخضاع خلافاتهم لمحكم يختارونه ويحددون سلطاته للفصل بينهم مع تعهدهم بقبول الحكم التحكيمي الذي يصدره ويعتبرونه ملزم . كما عرفه آخرين بأنه عبارة عن نظام بمقتضاه يقوم طرف ثالث بفض نزاع بين الطرفين أو أكثر وذلك بممارسة المهمة القضائية التي عهدوا بها إليه.
وقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي إلى أن التحكيم يتمثل في سلطة القرار التي يعترف بها لطرف ثالث، والتسليم بصفة قضائية لقرار المحكم.
وقد تعرضت بعض النصوص التشريعية لتعريف التحكيم. "
من ذلك مثل التشريع الفرنسي، حيث تنص المادة الأولى من القانون رقم 43 لسنة. ۱۹۹۳ بشأن التحكيم على أن التحكيم هو إجراء خاص لتسوية بعض أنواع الخلافات بواسطة محكمة تحكيم يعهد إليها الأطراف بمهمة القضاء فيها بمقتضى اتفاق تحكيم . وبعض النصوص تتعرض. في أحكامها لبيان فحوى اتقاق التحكيم، من ذلك مثل المادة العاشرة من القانون الصادر في 18 أبريل سنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية في مصر،. حيث تنص في فقرة (1) منها على أن "اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم التسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية.
وكذلك المادة السابعة من القانون النموذجي للتحكيم)، حيث تنص في الفقرة (1) منها على أن اتفاق التحكيم هو اتفاق بين الطرفين على أن يحيلا إلى التحكيم، جميع أو بعض المنازعات .
وقد أسبغ المشرع، في كل من مصر وفرنسا ، على الحكم الصادر من المحكم طابع قضائيا حيث استخدم المشرع المصري، في القانون رقم ۲۷ لسنة 1994 بشأن التحكيم، مصطلع حكي التحكيم لوصف القرار الصادر عن المحكمين، وألزم هيئة التحكيم باحترام الحق في البقاع وقضي بعدم تنفيذ الحكم الصادر عنها إلا بعد الحصول على أمر تنفيذ من رئيس المحكمة المختصة أصع بالنزاع")، وأجاز المشرع رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم أمام محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصع بالنزاع، فيما يخص التحكيم الداخلي، وأمام محكمة استئناف القاهرة، فيما يتعلق بالتحكيم التجاري الدولي، ونص القانون ذاته على أن حكم التحكيم يحوز حجية الأمر المقضى.
وأطلق المشرع الفرنسي، في تقنين المرافعات المدنية والتجارية، على هيئة التحكيم، وصف المحكمة التحكيمية)، واستخدم المشرع، في الباب الثاني من الكتاب الثاني من هذا التقنين، المخصص التحكيم، عبارة الدعوى التحكيمية، وقرر في المادة 1460 تطبيق المبادئ الأساسية للدعوى القضائية على الدعوى التحكيمية، كما وصف، في الباب الثالث من تقنين المرافعات، القرار الصادر من المحكمين، بأنه حكم يقبل التنفيذ الجبري بموجب أمر تنفيذ من قاضي التنفيذ في . محكمة الدرجة الأولى الذي صدر في دائرتها الحكم التحكيمي)، وأجاز الطعن في هذا الحكم بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة، وبطريق الاستئناف، وبطريق التماش إعادة النظر، بالإضافة إلى الطعن بالبطلان.