كلمة التحكيم في اللغة : تأتي من مصدر حكم بتشديد الكاف مع الفتح وهو بمعني التفويض في الحكم. ويقال حكمه في الأمر تحكيمة : أي أمره أن يحكم فاحتكم ، وتحكم : ای جاز فيه حكمه. أما من يحتكم إليه : فهو الحكم والمحكم بالفتح ومعناه المنصف من نفسه ، وهم قوم خيروا بين القتل والكفر فاختاروا الثبات علي الإسلام والقتل.
ويقال ككم فلانة في الشيء والأمر : أي جعله حكمة. ويقال احتكم الخصمان إلى الحاكم : رفعا خصومتهما إليه. واحتكم في الشيء والأمر : تصرف فيه كما يشاء.
وفي الاصطلاح الشرعي : غرف التحكيم بأنه : تولية الخصمين كما يحكم بينهما ، أي اختيار ذوي الشأن شخصا للحكم فيما تنازعا فيه دون أن يكون للمحكم ولاية القضاء بينهما.
وقد ورد ذكر التحكيم بالقرآن الكريم في عدة مواضع منها : - قوله تعالي { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وكما من أهلها إن يريدا إص ا
يوق الله بينهما إن الله كان عليما كبيرا } - وقوله تعالي { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }.
** موقف الفقه المقارن من تعريف التحكيم :
تعددت التعريفات الفقهية - العربية والأجنبية - للتحكيم . وبالرغم من ذلك التعدد فإنها ليست متناقضة وإنما يسلط فيها كل فقيه الضوء علي زاوية من زاويا التحكيم ويمكن أن نرصد لذلك اتجاهين : الاتجاه الأول : فيه يسلط بعض الفقهاء النظر إلى التحكيم كاتفاق أو عقد بين الخصوم. ومن ذلك :
(1) التحكيم هو الاتفاق علي طرح النزاع على أشخاص ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة. فبمقتضى التحكيم ينزل الخصوم عن الالتجاء إلى القضاء مع إلزامهم بطرح النزاع علي محكم أو أكثر ليفصلوا فيه بحكم ملزم للخصوم. (۲) التحكيم هو اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية على أن يتم الفصل في المنازعة التي ثارت بينهم بالفعل أو التي يحتمل أن تثور عن
طريق أشخاص يتم اختيارهم كمحكمين. ويتولى الأطراف تحديد أشخاص المحكمين. أو على الأقل يضمنون اتفاقهم علي التحكيم بيانا لكيفية اختيار
المحكمين.
(3) التحكيم هو عقد بمقتضاه يتفق طرفاه علي عرض المنازعات التي نشأت أو تنشأ بينهما على شخص أو أشخاص معينين ليتولوا الفصل فيها بدلا من المحكمة المختصة أصلا بنظر هذه المنازعات .
الإتجاه الثاني : فيه يسلط بعض الفقهاء الضوء على التحكيم باعتباره عملا يقوم به المحكم أو نظام خاص بفض المنازعات ، ومن ذلك :
(1) التحكيم هو نظام خاص للتقاضي ينظمه القانون ويسمح بمقتضاه لأطراف علاقة قانونية معينة - عقدية أو غير عقدية - أن يتفقوا علي إخراج منازعة ما عن ولاية القضاء العام وذلك لحسمها بواسطة شخص أو أكثر يختاره الخصوم ليتولى مهمة الفصل في هذا النزاع بحكم ملزم .